هآرتس: الحريديم هم اليمين الجديد

Spread the love

ساغي الباز – أستاذ علوم سياسية وإعلام في جامعة تل أبيب/
كلما اقتربت الانتخابات ارتفعت الدعوات في معسكر الوسط – اليسار إلى البحث في إمكان إقامة ائتلاف مستقبلي مع الحريديم. تستند هذه الدعوات إلى الافتراض أن الحريديم لا يشكلون جزءاً من كتلة اليمين، بل جماعة لديها تطلعاتها وأهدافها الخاصة، ويمكن أن تشارك في أي حكومة في إسرائيل. يثبت التاريخ أن هذا الافتراض ليس خطأ، والدليل مشاركة حزب شاس في حكومة رابين الثانية في 1992، وانضمام شاس ويهدوت هتوراه إلى حكومة باراك في 1999.
بعد مرور 20 عاماً يجب التعامل مع هذه التطلعات التي تعبّر عنها أصوات في الوسط – اليسار على أنها ساذجة في أحسن الأحوال وغبية في أسوأ الأحوال. لقد شرح تومار فرسيكو في مقال كتبه في”هآرتس” (4/7) لماذا الحريديم يفضلون اليمين على اليسار. وكانت حجته الأساسية أن الأحزاب الحريدية هي” الشريك الطبيعي لليكود، ليس بسبب علاقتها بفكرة أرض إسرائيل بل بسبب حبهما المشترك للتقاليد والدين”.
بيد أن فرضية فرسيكو جزئية ولا تأخذ في الاعتبار التغيرات التي طرأت على المجتمع الحريدي، وأيضاً التحليل العميق الذي أُجري في السنوات الأخيرة لمواقف الحريديم من مسائل الخارجية والأمن. تستند أسطورة المواقف الحمائمية للأحزاب الحريدية في معظمها إلى فتوى اثنين من كبار الحاخامين ، الحاخام إليعيزر شاخ والحاخام عوفاديا يوسف، قالا فيها إنه مسموح إعادة مناطق [محتلة] بعد إخلائها من المستوطنات في مقابل السلام. مكانة هذين الحاخامين وأهميتهما لم تؤثرا فقط في وزراء وأعضاء كنيست من الحريديم، بل أيضاً في جمهور ناخبيهم الذين صوّتوا بما يتلاءم مع هذه الفتوى.
لكن رحيل الحاخام شاخ الذي توفي سنة 2001، والحاخام يوسف الذي توفي قبله بـ 12 عاماً، أحدث فراغاً، وهناك مَن سيقولون شرخاً، في المجتمع الحريدي. الفراغ في الزعامة الذي تركاه وراءهما جعل المؤمنين المتشددين من الحسيديم في المجتمع الحريدي مستقلين من الناحية السياسية. والعديد منهم مستقلون في رأيهم، ولا يطيعون الحاخام طاعة عمياء عندما يدلون بأصواتهم.
صحيح أن الحريديم لا يزالون يصوتون لمصلحة الأحزاب الحريدية، لكن جزءاً لا بأس به منهم يعطي صوته لليمين، ليس لأن اتحاد أحزاب اليمين أو لأن الليكود يتخذان مواقف أكثر محافظة ولديهما نظرة أكثر تأييداً للدين من أحزاب الوسط – اليسار كما يشرح فرسيكو. لقد كان هذا صحيحاً دائماً، ومن هذا المنظور لم يتغير شيء. إن تفسير أنماط التصويت هذه هو المواقف اليمينية بشأن كل ما له علاقة بالمفاوضات مع الفلسطينيين، وتطبيق السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
يكشف تحليل معمق للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية يعود إلى نيسان/ أبريل أن مواقف مؤيدي القوائم الحريدية في مسائل الخارجية والأمن أكثر صقرية من مواقف مؤيدي أحزاب اليمين البارزة مثل الليكود واليمين الجديد. بالإضافة إلى ذلك 68% من مؤيدي يهدوت هتوراه يؤيدون تطبيق السيادة الإسرائيلية على المناطق [الفلسطينية] وهذه نسبة مشابهة لتلك الموجودة في الليكود واليمين الجديد. وتُظهر أبحاث أُخرى للبروفسور تمار هرمان أن نسبة تأييد الحريديم لمواقف اليمين السياسي مشابهة تقريباً لنسبة التأييد لدى الجمهور الديني – القومي.
هذا يعني أنه في غياب زعامة حاخامية من نوع الحاخام شاخ والحاخام يوسف، لا يتردد الجمهور الحريدي في التعبير عن مواقفه اليمينية في مسائل سياسية، ويضاف إلى ذلك أن أنصار حركة حباد [من أهم الحركات الحريدية المتزمتة ومركزها الأساسي في بروكلين في نيويورك] يتماهون دائماً مع اليمين.
لهذا السبب فإن توقُّع أزرق – أبيض أو تطلعه الضمني إلى تأليف حكومة مع الحريديم يمكن أن يكون واقعياً فقط إذا لم ينجح اليمين في تشكيل كتلة مانعة، وليس لأن الحريديم ليسوا متمسكين بتفضيلهم اليمين السياسي في قضايا تتعلق بمسألة أرض إسرائيل الكاملة.
المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole