هآرتس: إسرائيل توسع نطاق هجماتها على أهداف إيرانية في سوريا

Spread the love

شجون عربية – بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي في صحيفة هآرتس |

يُعتبر الهجوم الجوي المنسوب إلى إسرائيل في سورية أول أمس (الاثنين) العملية الرابعة من نوعها في غضون شهر. وبالاستناد إلى تقارير من المنطقة نشرتها وسائل إعلام دولية فقد استهدف الهجوم مصنعاً لإنتاج الصواريخ في منطقة حمص في شمال سورية، وأهداف أُخرى في منطقة مدينة طرطوس الواقعة شمال غربي سورية. وفي الأمس ذكر مصدر روسي رفيع المستوى إن إسرائيل أطلقت 8 صواريخ في اتجاه منشأة عسكرية تابعة للجيش السوري في محافظة حمص، تمكنت منظومات الدفاع الجوي السورية من اعتراض 6 منها. لكن البيان الروسي لم يتضمن إدانة لإسرائيل على الهجوم، وكان سبق ذلك عدة هجمات لإحباط تهريب السلاح بالإضافة إلى عمليات على طول الحدود في هضبة الجولان.
ومن الواضح، كما ذكرنا في مقال سابق هنا في الشهر الماضي، أن عدد الهجمات في سورية يشهد ارتفاعاً ضمن إطار ما يٌعرف بالمعركة بين الحروب. فلإسرائيل أهداف مركزية في سورية: إحباط تهريب السلاح من إيران إلى حزب الله من طريق سورية، وضرب مصالح إيرانية أُخرى مثل قواعد ميليشيات شيعية في عمق سورية، ومصانع محلية تعمل لمصلحة إيران وحزب الله بالقرب من الحدود في هضبة الجولان.
… على الصعيد الاستراتيجي يظهر منذ أكثر من أسبوعين بعد القمة التي جمعت بوتين مع بينت في سوتشي أن روسيا لم تعد منزعجة، بصورة خاصة، من ضرب إسرائيل لأهداف إيرانية. وفي المقابل، فإن حقيقة أن جزءاً من الهجمات الأخيرة جرى على مسافة قريبة نسبياً من القوات الروسية في منطقة حمص ومنطقة طرطوس يمكن أن تشير إلى اهتمام إسرائيلي مسبق بالحفاظ على أمن الجنود الروس.
ويوم الثلاثاء، قبل صدور تقرير وكالة الأنباء الروسية سبوتنيك، ذكر الأدميرال الروسي فاديم كوليت، أن 6 طائرات (F–15) شاركت في الهجوم وأطلقت 8 صواريخ استهدفت منشآت عسكرية تابعة للجيش السوري، فيما نجحت منظومة الدفاع الجوي الروسية التي زوّدت بها روسيا نظام الأسد في اعتراض 6 صواريخ.
البيان الروسي يدل على أن ما جرى هو هجوم غير مألوف في حجمه في منطقة حساسة، لكن موسكو على الرغم من ذلك امتنعت من توجيه إدانة مباشرة لهجمات إسرائيل في سورية. وبينما تضخم إسرائيل من رغبة نظام الأسد في التخلص من العناق الإيراني، ثمة شك في أن تكون الهجمات الإسرائيلية تثير قلقاً كبيراً لدى السلطات في دمشق.
أمّا الطرف الغائب عن الصورة فهو الولايات المتحدة؛ ففي نهاية تشرين الأول/أكتوبر هاجمت ميليشيات شيعية تتلقى التوجيهات من إيران القاعدة الأميركية في التنف شرقي سورية بواسطة المسيرات. وهذا الأسبوع وقع هجوم مشابه نُسب أيضاً إلى إيران استهدف منزل رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الذي ينتهج خطاً مستقلاً في العلاقة مع إيران. وفي الحالتين اكتفى الأميركيون بالإدانات. وبينما يبدو أن القوة التي تظهرها إسرائيل في سورية تنبع جزئياً من الإحباط وعدم القدرة على التأثير في المفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى، يبدو أن للأميركيين مشكلات أكثر إلحاحاً.
هناك دولة أُخرى تنتظر ردة فعل الولايات المتحدة هي مصر، إذ ينتظر عبد الفتاح السيسي مساعدة أكبر من إدارة بايدن ويشعر بالقلق من انتقادات الحزب الديمقراطي بشأن انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان. يبدو أن هذا هو السبب المركزي الذي يدفع مصر إلى الإظهار علناً العلاقات الوثيقة التي تقيمها منذ سنوات مع إسرائيل، وهو أمر من شأنه أن يرفع أسهم القاهرة لدى واشنطن.
يوم الأحد الفائت اجتمعت في سيناء اللجنة المشتركة بين الجيشين الإسرائيلي والمصري. وتألف الوفد الإسرائيلي من ضابطين من رتبة لواء، هما: رئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان العامة عوديد بسيوك، ورئيس الشعبة الاستراتيجية طال كلمان. وبصورة غير مسبوقة وافق المصريون على نشر صورة رسمية للاجتماع. وخلال المحادثات تقرر أن تسمح إسرائيل لمصر بزيادة قواتها في رفح، من خلال الاتفاق على تعديل الملحق الأمني لاتفاق السلام بين البلدين.
في هذا الإطار، يمكن أن تخدم زيادة القوات المصرية هدفين: المساعدة في الصراع ضد قوات داعش في سيناء الذي يقلق مصر؛ وأمل إسرائيلي في تشديد الرقابة المصرية على ما يجري في قطاع غزة. وبينما تبدو مصر منشغلة بمساعي الوساطة بين إسرائيل و”حماس” في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار في القطاع، فإنها في الوقت عينه تسمح بمرور البضائع المهربة بما فيها مواد البناء ذات الاستخدام المزدوج التي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع من أراضيها.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole