نتنياهو معنيّ بإفشال “صفقة القرن”

Spread the love

إيهود باراك – رئيس حكومة سابق/

استناداً إلى التفصيلات المنشورة في وسائل الإعلام، تبدو “صفقة القرن” التي وضعها دونالد ترامب أكثر موقف ملائم لإسرائيل اتّخذه رئيس أميركي بشأن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. المقصود تغيير مهم يولد فرصة مهمة. إسرائيل تحتفظ بـ 50% من الأوراق التي ستحسم مصير هذه الفرصة، الأمر الذي يلقي مسؤولية كبيرة على عاتق زعمائها.
السؤال المطروح هو: “إلى ماذا تحتاج إسرائيل؟”. فنتنياهو الذي أقام حلفاً مع اليمين المتطرف، بمَن فيهم كهانيون [نسبة إلى مئير كهانا] وعنصريون، والذي نجا من رعب محاكمته، معنيّ بإفشال الخطة، من خلال تحميل الطرف الثاني المسؤولية، والتوجه فوراً إلى اتخاذ خطوات ضم من طرف واحد بدعم من ترامب. أمّا غانتس فيمثل الموقف الصحيح بالنسبة إلى إسرائيل أي: التشديد على التنسيق، والتبادلية، وعلى تسوية إقليمية، ومشاركة الأردن، والحفاظ على المصالح الأمنية لإسرائيل، فضلاً عن خيار القيام بخطوات أحادية لاحقاً إذا لم تنجح التجربة.
الجميع متفق على أن نهر الأردن يجب أن يكون الحدود الأمنية في الشرق، واقتراح نتنياهو ضم غور الأردن فوراً يعكس هستيريا شخصية تشبه سلوك مجرم نجا من الملاحقة، وفقدان القدرة على الحكم، كي لا نقول فوضى أمنية. إن أي ضم فوري لغور الأردن سيقضي على أي فرصة لتحقيق “صفقة القرن”، ويضر بقدرة إسرائيل العملانية على مواجهة إيران (التي هي العدو الأساسي حتى الآن)، وأيضاً بالعلاقات مع الأردن التي تمنح إسرائيل عمقاً استراتيجياً، وسيشجع أولئك الذين يريدون إرسال زعماء إسرائيل إلى لاهاي.
ليس لضم غور الأردن حالياً أي قيمة مباشرة لأن إسرائيل ليست عرضة اليوم لأي خطر من هذا الاتجاه. ولن يحدث شيئ لو بدأت الحكومة المقبلة في معالجة هذه المشكلة، فترامب سيظل في السلطة، بل ربما نتنياهو لن يبقى.
الخطة بحد ذاتها تتناول حاجات إسرائيل الأمنية كلها، كما أن الموقف من قضايا لها علاقة بالمستوطنات، والحدود، ومسألة اللاجئين والقدس، قريب جداً من الموقف الإسرائيلي. من الواضح أن الفلسطينيين سيرفضون الصفقة، على الأرجح في البداية، لكن ترامب يأمل بأن تقوم السعودية ودولة اتحاد الإمارات ومصر بـ”تطويع” السلطة الفلسطينية كي توافق على تبنّيها. سننتظر ونرى.
ينظر ترامب إلى الخطة ككتلة واحدة، ويتوقع من إسرائيل الموافقة عليها، أي القبول بمبدأ الانفصال ونشوء دولة فلسطينية، ولو محدودة السيادة، مع عاصمة في القدس الشرقية؛ والموافقة على إزالة 60 موقعاً استيطانياً غير شرعي؛ ووقف توسيع المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية؛ والاعتراف بتخصيص نحو 80% من أراضي الضفة الغربية للدولة الفلسطينية، وغيرها.
هذه مواقف يصعب على اليمين أن يهضمها، ويمكن من الناحية السياسية أيضاً، أن يقع نتنياهو في الحفرة التي حفرها. فموقفه بالنسبة إلى أنصار اليمين يبدو مشوشاً، أمّا بالنسبة إلى أنصار الوسط – اليسار فيبدو تآمراً على مصلحة إسرائيل. إلى المقريبن من ترامب أكرر ما أقوله منذ عامين: مع حكومة غير تلك الموجودة حالياً في إسرائيل، فإن صفقة القرن تملك حظوظاً أكبر كثيراً لشقّ طريق سياسي، أو على الأقل للتوصل إلى تحقيق إنجازات قابلة للعيش بالنسبة إلى المصلحة الأمنية الإسرائيلية، والمصلحة الأميركية في المنطقة.
من الشائع القول إن الانتخابات تتمحور حول الاختيار بين: “قولوا لا لبيبي”، و”بيبي ملك إسرائيل”، لكن هذا ليس صحيحاً. الانتخابات لا تتعلق بنتنياهو، بل تتعلق بنا أنفسنا، وبالأسئلة التالية: “ماذا يفرض علينا موقفنا وقيمنا وهويتنا؟” هل نحن إسرائيليو الانفصال عن الفلسطينيين ورؤيا الدولتين؟ أم إسرائيليو”الدولة الواحدة” مع أغلبية إسلامية ستشكل نهاية الحلم الصهيوني؟ إسرائيليو الأمن فوق كل شيء؟ أم دعاة رؤيا مسيانية عنصرية تأتي قبل الأمن؟ هل نحن صهيونيو إعلان الاستقلال؟ أم صهيونيو قانون القومية؟ صهيونيو الدولة وحقوق الفرد؟ أم الفساد وطغيان الأغلبية؟ هذه هي الأمور المطروحة التي يجب أن نصوّت عليها كلنا.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole