ميثاق “حماس” الجديد: شخص ما في “حماس” ذُعر وشُطبت هذه العبارة

قادة حماس
Spread the love

بقلم: عميره هاس – محررة شؤون المناطق الفلسطينية المحتلة في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية —

•في مسودة وثيقة المبادىء لحركة “حماس” التي سُربت قبل نحو شهر، برزت عبارة بسبب خروجها عن الخطاب الفلسطيني المألوف، وقد وردت في البند الذي تطرق إلى العداء للسامية وإلى “مشكلة اليهود” واضطهادهم، حيث جاء أن هذه الظواهر لها علاقة بتاريخ أوروبا لا بالتاريخ العربي – الإسلامي. جاء في المسودة: “إن ظاهرة العداء للسامية كانت سبباً أساسياً في نشوء الحركة الصهونية”، والباقي معروف: “إن الحركة الصهيونية – التي تمكنت من احتلال فلسطين برعاية القوى الغربية – هي النموذج الأخطر للاحتلال الاستعماري الذي زال عن معظم أرجاء العالم، والذي يجب أن يزول عن فلسطين.”
•تُرى هل سنعرف يوماً مَنْ الذي اقترح هذه العبارة: هل هم متعاطفون معها في الغرب؟ أم أعضاء الحركة المحاصرون في غزة، حيث الدخول المجاني إلى شبكة الإنترنت يمكّنهم من التفكير بطريقة أخرى؟ أم مؤرخون أصدقاء ليسوا من “حماس” هم مَنْ اقترح الصيغة؟ أم خالد مشعل؟
•استمرت عملية كتابة وثيقة المبادىء والسياسة الجديدة نحو أربع سنوات، وقد شارك كثيرون في صوغها، من الذين قرأوها إلى الذين اقترحوا إدخال تغييرات عليها. تمتاز “حماس” بقدرة مثبتة على إجراءات ديمقراطية مشتركة، لكن هذه الجملة – التي تقدم توليفاً منعشاً للتطور التاريخي كما يظهر في الوصف الفلسطيني النموذجي – لا تظهر في الصيغة النهائية، إذ يبدو أن أحداً ما أصيب بالذعر واشتكى واحتج.
•يدل هذا الشطب المؤسف على نوعية التفكير الذي سبق الكتابة. وفي الإمكان الاستنتاج أن الذين طلبوا شطب العبارة فهموها على أنها تنازل وتعاطف لا لزوم له، وأنها تُظهر بعض التفهم للوجود الصهيوني اليهودي في البلد. ويبدو أنهم قدّروا أن التمييز بين الصهيونية وبين الاستعمار الدولي لن يُعتبر تمييزاً بل تناقضاً يضعف الحجة القائلة إن الصهيونية هي من أخطر أنواع الاحتلال الاستعماري.
•ويظهر التعديل المهم الآخر، لدى المقارنة بين النسختين، في البند الذي يقول إن “حماس” تميز بين “الصهيونية” وبين “اليهود”. فقد جاء في المسودة أن حركة “حماس” “تميز بين اليهود كشعب من أهل الكتاب، واليهودية كديانة من جهة، وبين الاحتلال والمشروع الصهيوني من جهة ثانية.” أمّا في الصيغة النهائية فقد ورد أن النزاع هو مع المشروع الصهيوني لا مع اليهود بسبب ديانتهم. ويبدو أن أحداً ما، أو عدة أشخاص كانوا على استعداد لإلغاء تعريف أساسي في القرآن يعتبر اليهود (مثل النصارى) من “أهل الكتاب”، فقط كي لا يقدموا تنازلاً حساساً – سياسياً – من خلال التطرق بصورة إيجابية إلى اليهود.
•كذلك ثمة تعديل في الفصل الذي يتطرق إلى المواقف حيال الاحتلال والتسويات السياسية. فقد جاء في المسودة: “لا يمكن أن يقوم أي سلام في فلسطين على ظلم الشعب الفلسطيني الذي اغتُصبت أرضه وطُرد منها.” في المقابل ورد في الصيغة النهائية للوثيقة ما يلي:”إن ظلم الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه وتهجيره منها لا يمكن أن يُسمى سلاماً.” والفارق هنا دقيق لكنه واضح، ففي المسودة السلام هو الموضوع وربما الأمنية في ظروف مطلقة، لكن في الصيغة النهائية “السلام” هو أمر ثانوي وفارغ ومفروض ومعروف سلفاً.
•بالنسبة إلى القبول بالوجود اليهودي في البلد، لا تقل الوثيقة صرامة عن ميثاق “حماس” الأساسي [العائد إلى سنة 1988]. لكن إسرائيل ترد على مواقف الحركة وعلى قدرتها على إقناع الآخرين بمزيد من التدمير والحصار والهجمات والسلب والاضطهاد. وكلما قتلت إسرائيل ونهبت، كلما ازدادت قدرة “حماس” على إقناع أبناء شعبها والاعتماد عليهم من أجل قبول مبادىء الوثيقة كما هي.
•يدل التناقض في الوثيقة، على الرغم من الأشياء التي تم شطبها، على وجود عدة أفكار داخل “حماس” نشأت نتيجة البحث عن أصوات أخرى. إن العزلة التي فرضتها وتفرضها أوروبا على الحركة كونها تساهم بصورة حمقاء وغير مسؤولة في فرض الحصار الإسرائيلي، تقلص كثيراً من هامش انفتاحها وانفتاح مؤيديها على فرضيات أساسية جديدة.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole