من سيقف في مواجهة اليمين الإسرائيلي الجديد؟

Spread the love

بقلم: رامي هود – مدير عام مركز بيرل كتسنلسون والكلية الاجتماعية-الاقتصادية الإسرائيلية —

•من الصعب معرفة من سيحل محل بنيامين نتنياهو في رئاسة الليكود. لكن ثمة شيء أكيد: ليست وزيرة الثقافة ميري ريغيف، ولا ديفيد أمسلام، مهما كانا صاخبين، هما من سيقود القاطرة التي ستقود اليمين. “كل يوم أقضيه في وزارة العدل يقربني خطوة أُخرى نحو إيجاد بديل ديمقراطي هو الذي سيؤدي إلى الثورة الدستورية” كتبت وزيرة العدل أيّيلِت شاكيد ردّاً على المقابلة التي أجرتها “يديعوت أحرونوت” مع الرئيس السابق لمحكمة العدل العليا أهرون باراك.

•هذه العبارة تروي قصة النخبة في اليمين الجديد، الذي تُعتبر شاكيد من ممثليه البارزين، وهو موجود اليوم من أجل أن يُحدث ثورة. هو يعمل على ضم المناطق، ويكره دولة الرفاه وحركة الاحتجاج الاجتماعي التي قامت من أجل تحسينها، ويسعى لاستيراد الأفكار المحافظة الأميركية.

•يعمل اليمين الجديد على إعادة الإنجازات الليبرالية في إسرائيل، وفي طليعتها الدستورية والنسوية عشرات السنوات إلى الوراء. ويبني نفسه ليس فقط كبديل من اليسار، بل أيضاً من اليمين القديم الذي رأى في أهرون باراك شخصاً يجب أخذ آرائه في الاعتبار. لقد نجحت شاكيد، بعد مرور عامين ونصف العام وهي في منصبها، في تعيين ثلاثة قضاة محافظين في محكمة العدل العليا، وفي ترجمة الانتقادات الصاخبة ضد هذه المحكمة إلى تغييرات حقيقية.

•انطلاقاً من وعيها بفشل اليمين الليبرالي في إنتاج نخبة، وبخلاف أغلبية السياسيين الإسرائيليين. وتحرص شاكيد على نشر رؤيتها العامة. فقبل حوالي سنة ونصف السنة شرحت في مقال لها لماذا، بعكس أغلبية السياسيين في البلد، ماضياً وحاضراً، لا تقيس النجاح بحسب القدرة”على إيصال القطار إلى الهدف”، بل بحسب القدرة على تعيين الاتجاه والتقدم وتحديد الأهداف.

•لماذا شاكيد شخصية سياسية فعالة؟ ولماذا تحوّل اليمين الجديد إلى قاطرة لليمين، على الرغم من عدم الاهتمام بأفكاره؟ الجواب هو لأنه يعرف ماذا يريد ويرسم الطريق لتحقيق ذلك.

•إن السؤال المهم حقاً هو من يستطيع أن يقف في مواجهة أيّيلِت شاكيد. اليمين الجديد يعرف ماذا عليه أن يفعل عندما يستيقظ في الصباح: فهو يعمل بالدرجة الأولى على تغيير الجيش، وجهاز القضاء، والخدمات العامة والسياسية، ويعمل بالدرجة الثانية من أجل الأفكار عينها في مجالات التهيئة التحضيرية للخدمة العسكرية، وفي الخلايا التوراتية، وفي جهاز التعليم. فهل يمكن أن تنشأ في مواجهة اليمين الجديد مجموعة متماسكة مع قيادة منتظمة تستخدم أساليب مشابهه؟

•القوتان اللتان تنشطان في الوسط – اليسار تسيئان إلى القدرة على بلورة بديل. القوة الأولى هي الوسطيون الذين يعتقدون أنهم سينجحون في إحداث تغيير من خلال المواقف الغامضة. إن تحويل ذكرى اغتيال رابين إلى تظاهرة عناق بين المجموعات، ومبادرات الحوار المتعددة التي تمثل نوعاً من تقليد لجمعية “تساف بيوس” [جمعية إسرائيلية تعمل على تشجيع الحوار بين مختلف أفراد المجتمع الإسرائيلي] والتي كانت بمثابة تخدير مارسه اليسار بعد الاغتيال، والإعجاب بخطاب رئيس الدولة رؤوفين ريفلين بشأن القبائل في إسرائيل، كل هذا هو جزء من عملية يتوقف بسببها الحوار عن كونه نقاشاً للمواقف ويتحول إلى حرص على مراعاة الخواطر.

•وإذا فاز الوسطيون ماذا سيفعلون “كل يوم في وزارة العدل؟” هل سيقودون نحو سياسة وسطية؟ في الواقع لا وجود لمخلوق كهذا. وفي الوقت الذي يعمل فيه اليمين الجديد على الدفع قدماً بجدول أعمال واضح، يقوم الوسطيون بطمس أي ذكر لجدول أعمال يتنافسون من خلاله معهم.

•القوة الثانية هي التفكيكيون. فمنذ انتخابات 2015 هم يشجعون على الشعور بالذنب داخل معسكر الوسط – اليسار بهدف إقناعه بأنه يستحق هذه الخسارة. وهم منشغلون بنقاء الخطاب السياسي بدلاً من بناء القوة، وباحتواء (افتراضي) لناخبي اليمين بدلاً من إقناعهم، ومشغولون بالامتيازات وليس بالسياسات. هم يكرهون النخبة، ولا يعرفون أنه لا يمكن تغيير الاتجاه الذي تسير فيه الدولة من دون نخبة، وأنهم في الوقت الذي يطردون فيه أشباح النخبة القديمة، يبني اليمين نخبة جديدة. تؤدي حركة الوسطية والتفكيك إلى وجود أعضاء كنيست من اليسار جيدين وتنظيمات رائعة، لكن لا توجد فيها مجموعة مشابهة لليمين الجديد. ومن دون مثل هذه المجموعة التي تبني زعامات وموظفي قطاع عام وناشطين على أساس استراتيجي وأفكار محددة، تتحول السيطرة على السلطة من وسيلة من أجل تحقيق رؤية عامة، إلى هدف.

•ماذا ستفعل حكومة وسطية – يسارية؟ ماذا سيغير؟ المهم أن توجد. يجب الاعتراف بأن هذا صحيح، لكن جدول الأعمال ووسائل تحقيقه لا يأتيان خلال الاحتفال بالفوز في ساحة رابين، بل يجب بلورتهما قبل ذلك بسنوات. إن النضال من أجل المجتمع لا تحسمه الأغلبية بل المجموعة الأكثر إصراراً. لقد كانت الحركة الصهيونية أقلية وسط الشعب اليهودي، والبلماح في ذروته لم يبلغ عدده أكثر من 6000 مقاتل. وحركة غوش إيمونيم لم تكن موضع إجماع قط. لكن جميعهم أثّروا في وجهة التاريخ.

•اليمين الجديد لا يزال بعيداً عن تأثير مشابه، لأنه على الرغم من تشاؤم اليسار، فالجمهور في إسرائيل مستعد للتغيير. ومع ذلك، فإن هذه المجموعة تنجح في رسم طريق اليمين، وفي أن تكون الجيل المقبل لزعامة هذا المعسكر. من يستطيع أن يقف في مواجهة شاكيد؟ من سيرسم طريق المعسكر المعارض؟ هذا هو السؤال المهم.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole