معاريف : “حزب الله” لا يتسلح فحسب، بل يهيئ مجتمعاً مخلصاً لساعة الحسم

Spread the love

الهدف الأعلى لدى “حزب الله” هو تحويل الطائفة الشيعية في لبنان إلى “مجتمع مقاومة”، أي: مجتمع يساند المعركة ضد إسرائيل

عاموس جلبواع – محلل سياسي اسرائيلي
بعد أن رأيت في كل مكان وفي كل موقع إعلانات لحزب “إسرائيل ديمقراطية” (الحزب الجديد الذي أقامه إيهود براك مؤخراً) وفيها تعهد بوضع دستور لإسرائيل في غضون سنتين؛ وبعد أن قرأت أن خبيراً كبيراً في العلاقات العامة قد جزم (كحقيقة، لا كتخمين أو تقدير أو رجاء أو توقّع) بأن سحر بنيامين نتنياهو قد تبدد ـ ارتاح عقلي وهدأ بالي. ولذا، ستتركز هذه المقالة على أحد أعداء إسرائيل ـ تنظيم “حزب الله”، الذي عاد إلى احتلال العناوين هذا الأسبوع. فقد توعد الأمين العام، حسن نصر الله، باستهداف 1.000 هدف في الخاصرة الرخوة لدولة إسرائيل. وردّ عليه قادتنا، كعادتهم، بأن نهايته ستكون تحت الأنقاض. تهديد الكمية المرعبة من القذائف والصواريخ التي يملكها “حزب الله” يشكل، في رأيي، المشكلة الأمنية الأخطر بالنسبة إلى إسرائيل، لكن ليس هذا ما أريد معالجته هنا، بل البنية التحتية المدنية لهذا التنظيم الشيعي، بالذات.
يعكف مركز المعلومات في مجال الاستخبارات والإرهاب، التابع لمركز التراث الاستخباراتي، هذه الأيام، على مشروع فريد يقوم بدراسة البنية التحتية المدنية لدى “حزب الله” وترسيم خريطتها. ما الذي يمكن الاستفادة منه، حتى الآن؟ يتضح، إذاً، أن “حزب الله” قد أنشأ منظومة إدارية متشعبة، أشبه بمنظومة حكومية، تهتم بالسكان المدنيين الشيعة في لبنان وتعالج قضاياهم. من الصعب معرفة عدد الشيعة الدقيق في لبنان، لكن الحديث يجري، في كل الأحوال، عن الطائفة الأكبر في لبنان، والتي تشكل نحو ثلث عدد سكان الدولة. هؤلاء موزعون، بصورة أساسية ومركزة، في جنوب بيروت، الجنوب والبقاع. ولئن كانت الطائفة الشيعية هي الأكثر فقراً وتخلفاً في لبنان حتى وقت غير بعيد، فهي لم تعد كذلك الآن، فضلاً عن كونها القوة العسكرية الأقوى في الدولة.
يشغّل “حزب الله” لمصلحة السكان الشيعة “وزارة إسكان وزراعة” تهتم بالتأهيل، والترميم وإقامة مبانٍ جديدة وتقديم مساعدات للعاملين في مجال الزراعة؛ “وزارة صحة” تقيم بنى تحتية واسعة من العيادات والمستشفيات؛ “وزارة تعليم” تبني شبكات من المدارس الخاصة، إضافة إلى “جهاز بنكي” يتركز عمله الأساسي على منح السكان الشيعة قروضاً مالية من دون فوائد. وثمة مؤسسات أُخرى تعالج قضايا الشباب، والجرحى وعائلات القتلى (الشهداء).
الجزء الأكبر والأساسي من تمويل هذه المؤسسات ـ الخاضعة، بالمناسبة، لعقوبات اقتصادية أميركية ـ مصدره من إيران. الهدف الأعلى، الرؤية الأبعد، بالنسبة إلى “حزب الله” هو تحويل الطائفة الشيعية في لبنان إلى “مجتمع مقاومة، أي مجتمع داعم للتنظيم عموماً، وفي المعركة التي يخوضها ضد إسرائيل تحديداً، مجتمع يتجند وينخرط في المعركة.
ثمة فوارق كثيرة بين حزب الله في لبنان و”حماس” في قطاع غزة، من أبرزها التعامل مع السكان المدنيين الخاضعين لسيطرتها، والاهتمام بهم والحرص عليهم. فحركة “حماس” لا تهتم بالسكان المدنيين في نطاق مسؤوليتها ولا تعتبر نفسها مسؤولة عنهم وتجاههم. ولذلك، فإن الكلمات أو العبارات السحرية من قبيل “تأهيل” أو “نخلق واقعاً بحيث يصبح لديه ما يخسره” وما شابه لا تعني شيئاً بالنسبة إليها. أمّا “حزب الله”، فهو يهتم بالسكان الشيعة ويحرص ويقلق عليهم، لأنه يعتبر نفسه مسؤولاً عنهم.
من هنا، يمكن أن نفهم أيضاً ـ على الرغم من وجود أسباب أُخرى طبعاً ـ لماذا يحرص “حزب الله” على حفظ الهدوء عند الحدود مع إسرائيل ويحافظ على ميزان ردع في مقابلها. فللسكان المدنيين الذين يرعاهم أهمية كبيرة بالنسبة إليه. وفي تقديري، أنه في حال اندلاع مواجهة شاملة بين إسرائيل وإيران، سيكون لدى نصر الله تخبط غير بسيط بشأن ما إذا كان سينضم أم لا، إلّا إذا تلقى أوامر مباشرة وصريحة من خامنئي، سيده الأعلى.
في حال وقوع المواجهة، ثمة بنك أهداف لدى إسرائيل ليس لضرب الدولة اللبنانية فقط، بل لضرب الدولة الشيعية في لبنان أيضاً.
المصدر : صحيفة معريف الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole