مركز “القدس” الإسرائيلي: مسعى أميركي لحل النزاع البحري بين إسرائيل ولبنان

Spread the love

شجون عربية-يوني بن مناحيم – محلل عسكري
عرض العضلات الذي قام به حزب الله وتجلى في إطلاق 3 مسيّرات في اتجاه منصة الغاز في “كاريش”، ضغط على إدارة بايدن التي تريد المحافظة على الهدوء في المنطقة خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى إسرائيل والسعودية، وأيضاً بعدها.

إسرائيل أيضاً قلقة جداً وتتخوف من توجّه حزب الله نحو التصعيد في موضوع الغاز الطبيعي، بعد إعلان زعيمه حسن نصر الله بأنه لن يسمح باستخراج الغاز من الحقول في البحر. بينما تخطط إسرائيل لاستخراج الغاز في أيلول/سبتمبر المقبل.

هذا هو سبب عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى المنطقة وانضمامه إلى الوفد المرافق لبايدن خلال زيارته إلى إسرائيل، حيث سيلتقي أيضاً وزيرة الطاقة كارين الهرار والطاقم الإسرائيلي للمفاوضات مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.

تقول مصادر لبنانية إن المفاوضات بين إسرائيل ولبنان من المفترض أن تخرج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه بعد 5 جولات من المحادثات في الناقورة بين الوفدين الإسرائيلي واللبناني، بوساطة أميركية.

ومن المؤكد أن حزب الله سينسب إليه التقدم المنتظر في المفاوضات الذي ما كان ليحدث من دون رسالة التحذير التي أرسلها إلى إسرائيل والولايات المتحدة من خلال إطلاق 3 مسيّرات لوقف غطرستهما على لبنان واحترام حقوقه في مياهه الاقتصادية.

منذ إطلاق المسيّرات الثلاث في اتجاه منصة الغاز “كاريش”، والتي اعترضها الجيش، مارست الإدارة الأميركية ضغوطاً على الأطراف السياسية في لبنان الذين لهم علاقة بالمحادثات، ونقلت رسالة مفادها أن إسرائيل لا تريد تصعيداً، بل نهاية ناجحة للمفاوضات وتريد التوصل إلى اتفاق.

أيضاً الرئيس اللبناني والحكومة اللبنانية يريدان اتفاقاً، وفي نهاية الأسبوع بعث الرئيس عون برسالة: “مسألة ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان ستنتهي قريباً، والحل سيكون لمصلحة لبنان”، وأضاف: “لبنان على وشك التوصل إلى حل مع الأميركيين الذين يقودون الوساطة”.

تفاؤل الرئيس اللبناني ينبع من كون إدارة بايدن تمارس ضغطاً كبيراً على إسرائيل كي توافق على أن يكون حقل قانا للغاز جزءاً من حصة لبنان في المياه الاقتصادية، ومن دون المطالبة بأي تعويض، هذه هي الرسالة التي نقلتها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا عن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى اللبنانيين.

والسؤال الكبير، هل حزب الله سيرضى بعد عرض العضلات الذي قام به، أم سيعرقل التوصل إلى اتفاق، حتى ولو وافقت الحكومة اللبنانية على حل التسوية الأميركية؟

هذا ليس واضحاً، ولا يوجد رد قاطع على مسألة ما إذا كان حزب الله يتحرك انطلاقاً من اعتبارات لبنانية داخلية لتحسين وضعه السياسي، أم أنه يتحرك وفق توجيه من إيران لعرقلة التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية، الأمر الذي يسمح للبنان وإسرائيل، كلٌّ داخل حدوده، باستخراج الغاز الطبيعي الذي سيُدخل مالاً وفيراً ويحل مشكلات الطاقة في البلدين.

التقدير في إسرائيل أن حزب الله يتحرك انطلاقاً من اعتبارات سياسية ولا يريد تصعيداً واسعاً جبهوياً مع إسرائيل، لكن الأيام ستُظهر ذلك.

حزب الله يحاول موضعة نفسه
كمدافع عن الثروات الطبيعية للبنان

إطلاق حزب الله 3 مسيّرات في اتجاه حقل الغاز “كاريش”، هدفه تحقيق عدد من الأهداف بالنسبة إلى الحزب. فهو يريد أن يرسل تحذيراً إلى إسرائيل، وأن يُظهر لها أنه قادر، عملانياً، على منعها من استخراج الغاز والنفط من هذا الحقل. وهي رسالة إلى الولايات المتحدة بأن الحزب يريد التأثير في المفاوضات التي يقودها الوسيط عاموس هوكشتاين الذي يجب أن يأخذ في الاعتبار موقف حزب الله، وإلّا فإن الحزب سيعرقل المفاوضات من خلال تصعيد أمني. وطبعاً هي رسالة إلى اللبنانيين بأن حزب الله يفي بوعوده بالدفاع عن حقول الغاز اللبنانية ومنع إسرائيل من سرقة الغاز منه. ويريد الحزب أن يُظهر للإسرائيليين والأميركيين أنه ليس في ضائقة بسبب المشكلات الاقتصادية والسياسية في لبنان وقام بعرض العضلات كي يأخذوا موقفه في الحسبان.

الردع الإسرائيلي تضرر

كان لدى الجيش الإسرائيلي معلومات استخباراتية مسبقة بشأن نية الحزب إطلاق 3 مسيّرات نحو منصة الغاز “كاريش”، وهو راقبها منذ لحظة إطلاقها وقام باعتراضها، وهذا يُعتبر نجاحاً استخباراتياً وعملانياً كبيراً، لكن مجرد إطلاق الحزب المسيّرات معناه أنه ليس خائفاً، ويأتي هذا بالتزامن مع زيارة بايدن إلى المنطقة، وبصورة خاصة بعد طلب الإدارة الأميركية من إسرائيل المحافظة على الهدوء وعدم التصعيد على أي جبهة، وحزب الله استغل ذلك لمصلحته. ويجب أن نضيف إلى ذلك حقيقة أن الحزب بنى في الشهرين الأخيرين 14 موقع مراقبة جديداً على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل من دون أن تردّ إسرائيل.
إسرائيل اغتالت الأسبوع الماضي أحد عملاء حزب الله في هضبة الجولان السورية، بواسطة إطلاق صاروخ من مسيّرة، والمقصود المواطن السوري فريد مصطفى الملقب بـ”العقرب”، الذي كان يساعد في جمع المعلومات الاستخباراتية وعمليات المراقبة على السياج الحدودي وزرع عبوات ناسفة وتجنيد دروز في شبكة حزب الله في الجولان. جاء هذا الاغتيال رداً على إطلاق المسيّرات في اتجاه منصة الغاز “كاريش”، لكنه لا يشكل ردعاً لحزب الله الذي يحاول تعويد إسرائيل على تهديد المسيّرات.

يريد حزب الله ترسيم “خطوط حمراء” جديدة من خلال إطلاق المسيّرات على “كاريش”، ويجب على إسرائيل أن تنتهج سلسلة عمليات تدريجية من أجل ترسيخ “خطوطها الحمراء”، وتشكل أيضاً رداً على إطلاق المسيّرات الثلاث. وبعد تقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد الحكومة اللبنانية التي أُطلقت المسيّرات من أراضيها، يتعين عليها وقف الاتصالات بالحكومة اللبنانية، موقتاً، من خلال الموفد الأميركي هوكشتاين، والاستمرار في الاستعداد لاستخراج الغاز من منصة “كاريش”، وأي خضوع للمطالب اللبنانية سيؤدي إلى المزيد من ابتزاز حزب الله، وسيفتح شهيته.

في المرحلة الثانية، يجب زيادة تحليق الطائرات الإسرائيلية في المجال الجوي اللبناني والهجمات ضد أهداف حزب الله في الأراضي السورية.

في المرحلة الثالثة، يتعين على الجيش تدمير المواقع الـ14 للمراقبة التي أقامها الحزب مؤخراً على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، واستئناف عمليات اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى في الحزب في لبنان والخارج.

يجب على إسرائيل أن تتخذ موقفاً حازماً وصارماً، وخصوصاً في فترة الانتخابات، والمحافظة على “خطوطها الحمراء”، وأن تنقل الرسالة الصحيحة إلى حزب الله. كما يجب على حكومة لبيد – بينت، التي تعتبرها “التنظيمات الإرهابية” في الشرق الأوسط حكومة ضعيفة، أن ترمم ردعها، وخصوصاً في مواجهة حزب الله، وإذا لم يحدث ذلك، فإن استخراج الغاز الطبيعي من منصة “كاريش” يمكن أن يؤجَّل إلى موعد غير معروف.

المصدر: مركز القدس للشؤون العامة والسياسة”، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole