مباط عال :حيال تشكّل نظام عالمي جديد: تركيا ترنو إلى الشرق ثانية

Spread the love

عوديد عيران وجاليا لندنشتراوس – باحثان في معهد دراسات الأمن القومي
تبدو، مؤخراً، بوادر تحول في المنظور الاستراتيجي التركي يندرج في المبادرات والخطوات الحثيثة التي تتخذها روسيا والصين (كل منهما لاعتباراته الخاصة) في الفضاء الغربي – الآسيوي – الأوروبي وتنشأ فرصة لإحداث تغيير بعيد المدى يحمل في طياته دلالات واسعة وإسقاطات على إسرائيل أيضاً. وقد أظهرت تركيا، في عدد من القضايا المركزية، تميّزاً متزايداً عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها قضية تنفيذ صفقة امتلاك منظومات الدفاع الجوية، الـ S-400، من روسيا، على الرغم من معارضتهما. إن تزويد تركيا بمنظومات S-400، والذي بدأ في 12 تموز/يوليو، يجعل من الصعب على الدول الغربية إبداء مساحة من المرونة السياسية الخارجية التركية في اتجاه أكثر استقلالية، نظراً إلى الانعكاسات السلبية الواسعة المدى المترتبة على هذه الصفقة على التعاون العسكري في إطار حلف الناتو. أمّا الاعتبارات الإسرائيلية إزاء التغيير الاستراتيجي في السياسة التركية فهي مركبة ومعقدة، ومن الصحيح والجدير أن تخصص إسرائيل لهذه القضايا تفكيراً جدياً، كما لإمكانية الوجود الصيني أو الروسي المكثف في الشرق الأوسط، أيضاً.

منذ انضمامها إلى حلف الناتو في سنة 1952، أصبحت تركيا عضواً مهماً في حلف شمال الأطلسي. جيشها الكبير وموقعها إلى الجنوب من الاتحاد السوفياتي وكمنطقة فاصلة بينه وبين شرق البحر المتوسط، شكلوا معاً أساساً لأهميتها للأمن الأوروبي. وعلى الرغم من النزاع في قبرص وعلاقات الجيرة المشحونة بالتوتر بين تركيا واليونان، ظلت أنقرة وواشنطن تحافظان على تعاون استراتيجي بينهما. ومع ذلك، تبدو في الفترة الأخيرة بوادر تحول في المنظور الاستراتيجي التركي، يندرج في المبادرات والخطوات الحثيثة التي تتخذها روسيا والصين (كل منهما لاعتباراته الخاصة) في الفضاء الغربي – الآسيوي – الشرق أوروبي، وتنشأ فرصة لإحداث تغيير بعيد المدى يحمل في طياته دلالات واسعة وإسقاطات على إسرائيل أيضاً. هذه ليست المرة الأولى التي يبدو فيها أن أنقرة تبدي رغبة متزايدة في التعاون مع روسيا والصين، بل وحتى تدّعي أن هذه العلاقات لا تتعارض مبدئياً مع علاقاتها مع الغرب. على الرغم من ذلك، تشكل الأزمة العميقة في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة أرضاً خصبة أمام موسكو لتحقيق هدفها المتمثل في إحداث صدع داخلي في حلف شمال الأطلسي، بطريقة أكثر سهولة مما كان عليه الأمر في السابق.
أظهرت تركيا، في عدد من القضايا المركزية، تميّزاً متزايداً عن الولايات المتحدة، وكذلك من الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها قضية شرائها منظومات الدفاع الجوية، الـS-400 من روسيا، على الرغم من معارضتهما. وهذا، على سبيل المثال، خلافاً للنجاح الذي حققته إدارة الرئيس باراك أوباما في دفع تركيا في سنة 2015 إلى إعلان إلغاء مناقصة لشراء منظومات دفاعية جوية فازت فيها الصين. في الرسالة التي وجهها إلى نظيره التركي يوم 6 حزيران/ يونيو، حذر نائب وزير الدفاع الأميركي من إنه إذا لم تحجم تركيا عن تلقي شحنة S-400 من روسيا، فسيتم إلغاء صفقة بيع طائرات F-35 إلى تركيا، وستضطر جميع الطواقم التركية المتدربة الآن إلى إنهاء فترة وجودها في الولايات المتحدة حتى موعد أقصاه الحادي والثلاثين من تموز/يوليو. وعلى الرغم من ذلك، وصلت الشحنة الأولى من صواريخ S-400 من روسيا إلى تركيا يوم 12 من الشهر نفسه. الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وخلال لقائه مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان على هامش قمة قادة مجموعة G-20 في اليابان في حزيران/يونيو، حاول عزو التزود التركي هذا إلى رفض سلفه في الإدارة الأميركية، الرئيس باراك أوباما، بيع منظومات أميركية موازية إلى تركيا، لكنه لم يلغ التهديد الخاص بطائرات F-35. وقد نجمت الصعوبة في التوصل إلى اتفاق يتعلق بمسألة بيع بطاريات صواريخ باتريوت إلى تركيا، بحسب ادّعاء أنقرة، عن خلافات في الرأي بشأن نقل التكنولوجيا، إضافة إلى الخلاف بشأن السعر أيضاً. وحتى لو تم التخفيف من حدة الأزمة الراهنة المتعلقة بالـ S-400، إلاّ إنه ليس في وسعها إخفاء التراجع الحاد الحاصل خلال السنوات الأخيرة في مكانة تركيا في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي حلف الناتو أيضاً.
ما زالت أنقرة متمسكة بموقفها المتمثل بمعارضة بقاء نظام بشار الأسد في سورية، لكنها عمقت وعززت خلال سنوات الحرب الأهلية هناك تعاونها المشترك مع كل من إيران وروسيا. وتعمل هذه الدول الثلاث، منذ كانون الأول/ ديسمبر 2016، في إطار “محادثات أستانة”، التي بحثت في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، على تسويات اتفاقات وقف إطلاق النار في المناطق السورية المتعددة وبلورة حل سياسي. النية التركية الواضحة المتمثلة في منع قيام منطقة حكم ذاتي كردي إلى الجنوب من الحدود التركية – السورية تضطر واشنطن، وكذلك حلفاء غربيين آخرين، إلى الإبقاء ولو على قوة عسكرية رمزية في سورية من أجل منع أي تعدٍّ تركي جدي على الأكراد هناك. ويحدث ذلك، على الرغم من تصريح الرئيس ترامب بشأن رغبته في الانسحاب من سورية. وعلى هذه الخلفية بالذات تضطر الولايات المتحدة والدول الأُخرى الأعضاء في حلف ناتو إلى القبول الصامت بالتعاون التركي – الروسي – الإيراني، وبدعم تركيا لإيران في كل ما يتعلق بصفقة النووي (JCPOA) من سنة 2015 وبدعم إيران في مواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بل والالتفاف على هذه العقوبات وتجاوزها، من خلال استغلال الحدود الطويلة بينهما واستخدام وسائل متنوعة، مثل INSTEX الأوروبي أو العملة (الإيرانية والتركية) في المعاملات التجارية.
إلى جانب الابتعاد عن واشنطن والتقرب من محور موسكو – طهران، تتعزَّز العلاقات بين تركيا والصين أيضاً. فقد استضاف الرئيس الصيني تشي جين بينغ الرئيس التركي، أردوغان، في بكين في الثاني من تموز/يوليو. وقبل ذلك بيوم واحد، قدم أردوغان هديته إلى المضيف ـ مقالة رأي في الصحيفة الصينية غلوبال تايمز GLOBAL TIMES. أردوغان شريك في خط التفكير الاستراتيجي الصيني وفي صلبه الحاجة إلى تغيير النظام العالمي وتحويله من أحادي القطب إلى ثنائي القطب. ومن دون أن يسميها مباشرة، أعلن أردوغان تحدّيه الولايات المتحدة بوضعه تركيا في صلب مشروع الرئيس الصيني “الحزام والطريق”، كما كتب عن الاهتمام التركي بالتعاون في قضايا الأمن والدفاع بين الصين وبلاده. وقد ظهرت عبارة “التعاون الاستراتيجي” مرات عديدة في التقرير الخاص باللقاء بين الرئيسين يوم 2 تموز/يوليو على الموقع الرسمي للرئيس الصيني.
يتوارى خلف الكلمات اهتمام متزايد من الدولتين بدفع مصالحهما المشتركة التي تتجسد في رؤيتين استراتيجيتين: تتطلع الصين إلى دفع مشروع الخطوط البحرية والبرية إلى أوروبا – BELT AND ROAD INITIATIVE، فيما تسعى تركيا لدفع مشروع الـMIDDLE CORRIDOR [الممر الأوسط]. في مقالته، في الصحيفة الصينية، عرض أردوغان مشروع ممر (أو شريط) المواصلات الذي سيصل بين تركيا، جورجيا، أذربيجان، تركمانستان وكازاخستان، والذي سيندمج في الربط بين بكين ولندن. وبهذا، موضعت أنقرة نفسها كحلقة مركزية في المشروع الصيني الطموح، بينما هي تنتظر المكافأة الصينية التي عرضها أردوغان في مقالته بالتفصيل، وتتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري بين تركيا والصين وزيادة الاستثمارات الصينية في تركيا. فالتراجع الحاصل في الاقتصاد التركي يولّد توقعات بتوثيق العلاقة مع الصين التي تحتل المرتبة الثالثة من حيث حجم المبادلات التجارية مع تركيا، لكن بإجمالي متدنٍّ نسبياً، قيمته 21 مليار دولار، تبلغ صادرات تركيا منه نحو ثلاثة مليارات دولار فقط. في سنة 2018، على سبيل المثال، لم تكن الصين حتى ضمن قائمة الأهداف الـ15 الرائدة والمفضلة أمام الصادرات التركية، بينما كانت ألمانيا الهدف الأكبر والأفضل للصادرات التركية (نحو 16 مليار دولار)، واحتلت الولايات المتحدة المرتبة الخامسة (نحو 8 مليارات دولار)، حتى أن حجم الصادرات التركية إلى إسرائيل كان أكبر بقليل من حجم صادراتها إلى الصين. كما تعكس الاستثمارات الصينية في تركيا، والمقدّرة بنحو ملياري دولار، اهتماماً صينياً هامشياً فقط بالاقتصاد التركي.
علاوة على ذلك، أعرب أردوغان خلال زيارته إلى الصين عن استعداده لدفع الثمن السياسي الذي تطلبه الصين. فقد ورد في التقرير الصيني الرسمي الخاص باللقاء بين الرئيسين، الصيني والتركي، أن الجانب التركي أكد أنه لن يسمح بأي نشاط انفصالي معادٍ للصين مصدره تركيا وأن الجانب التركي يثمّن عالياً الجهود الصينية في محاربة الإرهاب. ونُقل عن أردوغان قوله، اقتباساً، إن السكان في مقاطعة سنجان (شينجيانغ) يعيشون بسعادة بفضل الرفاهية في الصين. وبهذا، أرسلت تركيا إشارة واضحة بأنها تضحي (ولو موقتاً) بحرصها وقلقها على ملايين الصينيين المسلمين من أصل تركي، وأنها تتراجع وتتخلى عن الاتهام الذي كان أردوغان قد وجّهه إلى الصين في سنة 2009 بأن تعاملها مع الأويغوريين (شعوب تركية في الصين) هو بمثابة “نوع من الجينوسايد” (إبادة شعب)، كما تتراجع أيضاً عن تصريح أدلى به الناطق بلسان وزارة الخارجية التركية في شباط/فبراير 2019 ووصف فيه ما يحدث للأويغوريين بأنه “وصمة عار على جبين الإنسانية”. كما يتناقض هذا، أيضاً، مع مضمون الرسالة التي وُجهت إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يوم الثامن من تموز/ يوليو ووقعتها 22 دولة عبّرت عن قلقها جرّاء القمع، بما في ذلك معسكرات الاعتقال، بحق الأويغوريين بصورة أساسية، ودعت إلى إيفاد مراقبين دوليين إلى تلك المنطقة. أمّا العِملة الثانية التي دفع أردوغان بواسطتها إلى مضيفيه الصينيين فكانت تأكيد التزامه بتأييد سياسة الصين الواحدة، أي عدم الاعتراف بتايوان، مع أن تركيا لا تختلف في هذا عن الأغلبية الساحقة من دول العالم بصورة عامة.
تعكس تصريحات أردوغان وتحركاته خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك في إطار زيارته الأخيرة إلى الصين، تبلور استراتيجيا تركية تقوم على نقل مركز الثقل السياسي، وربما الاقتصادي والأمني أيضاً، من الفضاء الشمالي الغربي إلى الفضاء الشمالي الشرقي. ومثل كثيرين آخرين، يرى أردوغان في المنافسة الجارية بين الصين والولايات المتحدة جملة من الفرص المتاحة أمام تركيا، إذا ما نجحت في الاندماج كحلقة مركزية في المنظور الاستراتيجي الصيني. في الجانب الأيديولوجي، يموضع أردوغان بلاده والصين بين الدول التي لا تحظى بالمكانة والتقدير اللذين تستحقهما في النظام العالمي السائد الذي تشكل الولايات المتحدة وأوروبا (دون تسميتهما صراحة) حارسيه الأوضح. وفي الجانب العملي، لا يقطع أردوغان علاقات بلاده مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بل يستغل ترددها وخشيتها من اتخاذ موقف أكثر وضوحاً وحزماً حيال مغازلاته الصين وروسيا. لكن، ربما كان أردوغان مستعداً أيضاً لخوض المجازفة المتمثلة، مثلاً، في التحذيرات الأميركية الخاصة بتوقيع عقوبات اقتصادية ضد تركيا في إطار تشريع CAATSA (Countering America’s Adversaries Through Sanctions Act 2017)، على افتراض أن ترامب سيؤجل تنفيذها. وهذا، بناء على تقدير بأن موقفه حيال تركيا وأردوغان شخصياً هو موقف أكثر إيجابية من موقف الكونغرس. ويمكن التكهن بأن أردوغان يخوض هذه المغامرة انطلاقاً أيضاً من تقييم مفاده أن الدول الغربية لن تسارع إلى الدخول في مواجهة واسعة مع أنقرة، على ضوء التوتر الشديد السائد بين هذه الدول من جهة وبين إيران وروسيا والصين من جهة أُخرى.
تتصاعد في الكونغرس الأميركي وتتسع الانتقادات الموجهة إلى أردوغان، حتى أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ قد حذر من أن على تركيا أن تختار ما بين الولايات المتحدة وروسيا، كما وضع نائب الرئيس الأميركي، مايك بينس، المسألة أمام تركيا بصورة أكثر حدة حين تساءل، في نيسان الماضي، عمّا إذا كانت تريد الإبقاء على عضويتها في حلف الناتو أم تعريض أمن الحلف للخطر. بذلك، كشف بينس السرّ الذائع في أروقة مقر المنظمة في بروكسل بأن غمامة سوداء تخيم فوق عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي. وعلى الرغم من أن حلف الناتو يفتقر إلى آلية الطرد من عضويته، وعلى الرغم من عدم وجود تصريحات رسمية من جانب أنقرة بشأن رغبتها في ترك هذا التحالف. وعليه، فإنه من المشكوك فيه أن يحدث تغيير دراماتيكي في هذه العلاقات في المدى المنظور، على الرغم من خيبة الأمل الواضحة المتبادلة من كلا الطرفين. يشعر أردوغان الذي يتصرف كحاكم مستبد، بارتياح ملحوظ برفقة فلاديمير بوتين وتشي جين بينغ اللذين لا يبديان أي قلق حيال أدائه، لا في القضايا الداخلية ولا في القضايا الخارجية، بينما هو يساهم في إضعاف مكانة الولايات المتحدة الدولية وفي تحدي السياسة الغربية الديمقراطية – الليبرالية.
في مقابل اهتمام الولايات المتحدة المتناقص، بالتدريج وباستمرار، بمنطقة الشرق الأوسط، تجد تركيا وإيران وروسيا فرصاً لملء هذا الفراغ لتعزيز حضورها وتعميق تأثيرها. لا تزال الصين تدرس الواقع الجديد، لكن إذا ما قررت بكين زيادة استثماراتها في المنطقة، فستكون تركيا ظاهرياً شريكاً مريحاً، على الرغم من أن التشكيك الصيني في دعم تركيا للأويغوريين سيظل قائماً. وإذا ما خرجت تركيا من دائرة التأثير الشمالي- الغربي، فسيكون هذا بمثابة إنجاز استراتيجي مهم جداً لروسيا، تحقق بسهولة نسبية وباستثمار متواضع. إن قدرة الدول الغربية على إبقاء تركيا داخل دائرة تأثيرها منوطة أيضاً بهامش المرونة التي يمكن لهذه الدول اعتماده في التعامل مع المحاولات التركية لبلورة سياسة خارجية مستقلة. ومع ذلك، يجب التأكيد أن امتلاك منظومات الـS-400 يصعّب مهمة الاحتفاظ بمثل هذا الهامش، على ضوء الإسقاطات السلبية الواسعة المحتملة لهذه الخطوة على إمكانات التعاون العسكري مع حلف الناتو.
الاعتبارات الإسرائيلية حيال التحول الاستراتيجي في التوجهات التركية هي اعتبارات مركّبة. من جهة، شكل نظام أردوغان على امتداد العقد الأخير تحدياً حقيقياً لإسرائيل في جملة من القضايا. فتركيا تدعم حركة “حماس” وتساعد منظمات مقدسية شرقية تعمل على توتير الأجواء والأوضاع في منطقة “جبل الهيكل” (الحرم القدسي الشريف)، كما حالت فترة طويلة دون أي نشاط إسرائيلي في إطار حلف الناتو. إن إمكانية التدخل الصيني و/ أو الروسي في شرق حوض البحر المتوسط، من خلال استغلال تضعضع مكانة الولايات المتحدة والدول الأوروبية في المنطقة، من شأنه أن يضع الدول المحيطة بتركيا أمام مخاطر حقيقية، كما يضعها أمام فرص جدية أيضاً. صحيح أن هذه الدول، وضمنها إسرائيل، قد شرعت في عملية انتظام أولي في مسألة الغاز، إلّا إنها سوف تكون في حاجة إلى دعم أوروبي – أميركي كي تستطيع مواجهة أي موقف تركي عدائي. التحول التركي شرقاً هو تغيير تكتوني قد تكون له آثار وانعكاسات سلبية على مصالح استراتيجية إسرائيلية، من ضمنها الطاقة، والطيران المدني والتجارة. من الحري والصحيح أن تُفرد إسرائيل تفكيراً لهذه القضايا، كما لاحتمال وجود صيني أو روسي معزز في شرق البحر المتوسط أيضاً. إنما التغيير في التوجهات التركية يخلق أيضاً فرصاً تجاه الدول الأوروبية والولايات المتحدة. على المدى القريب، يمكن لوقف تزويد تركيا بطائرات F-35 أن يتيح لإسرائيل شراء أجزاء منها، وربما أيضاً مشاركة أكبر للصناعات العسكرية الإسرائيلية في إنتاج أجزاء منها، كان من المفترض أن تتولى إنتاجها شركات تركية. أمّا على المديين المتوسط والبعيد، فإن هذا التغيير يستدعي التفكير والمواءمة من جانب دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، بما في ذلك ما يتعلق بنشر القواعد العسكرية التي يمكن لدول شرق أوسطية أيضاً الاندماج فيها.

________
ترجمه عن العبرية: سليم سلامة

– راجع الترجمة: أحمد خليفة
المصدر : مباط عال الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole