لماذا يجري مهرجان الأنفاق الآن تحديداً؟

Spread the love

بقلم أروي غودلبرغ – باحث إسرائيلي في منتدى التفكير الإقليمي، ومحاضر في مركز هرتسليا المتعدد المجالات —

ماذا نعرف عن عملية “درع شمالي”؟ هدفها ما يزال غير واضح. الجيش الإسرائيلي عثر على  أنفاق حفرها حزب الله، وحيّدها، ومن المعقول الافتراض أنه كان من المقرّر أن تدخل عناصره بواسطتها إلى أراضي إسرائيل، سواء خلال الحرب، أو للقيام بهجمات محدودة. لماذا بدأت العملية في هذه الأيام تحديداً؟ هنا الجواب أقل وضوحاً.

عرض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو العملية بصفتها مهمة جداً لأمن إسرائيل، وأوضح الناطق بلسان الجيش أن المقصود خطوة هدفها الرد على حاجات عملانية. تجري العملية حالياً داخل أراضي إسرائيل، لكن الناطقين الرسميين يلمحون إلى أنه عند الحاجة فإن العملية ستجري أيضاً خارج أراضي إسرائيل. ومع ذلك، لماذا يجري هذا الآن تحديداً؟

أنفاق حزب الله تعرفها المؤسسة الأمنية منذ وقت لا بأس به، وفي تقدير صحافيين ومعلقين يهتمون بهذا الشأن أن هدف العملية الإشارة إلى حزب الله، وفي الأساس إلى رعاته الإيرانيين، بأن عليهم وقف نشاطاتهم داخل لبنان – والمقصود مصانع الصواريخ الدقيقة التي ستزيد من خطر حزب الله وتفاقمه.

لكن إذا كانت المؤسسة الأمنية على معرفة بالأنفاق، من المعقول الافتراض أنها تعرف أيضاً كل تقدم يحدث في مسألة الصواريخ الدقيقة. في الماضي القريب، لم تتردد إسرائيل في قصف شحنات كانت تنقل سلاحاً أقل أهمية إلى حزب الله، ويمكن أن نفترض بحذر عدم حدوث تغيير راديكالي على الأرض. فإذا كان هذا هو الوضع، ما سبب الإلحاح للقيام بخطوة تقوض الاستقرار الهش في الشمال؟ التقدير هو أن روسيا غير الراضية عن العمليات الإسرائيلية في سورية، هي على وشك “إغلاق الأجواء” فوق سورية ولبنان، من هنا ضرورة العمل ضد تعمق الوجود الإيراني بأسرع ما يمكن.

رداً على سؤال “لماذا الآن” سيكون هناك دائماً جواب من مدرسة “لامفر من ذلك”. يؤكد تتابع الأحداث في الأيام الأخيرة إلى أي حد هذا الجواب فارغ. الأنفاق ملحة بسبب الصواريخ، والصواريخ ملحة بسبب الروس. ألم يكن الروس من أفضل أصدقائنا خلال فترة هجمات “لا مفر من ذلك” منها ضد أهداف إيرانية في سورية؟ ألم تكن في الأمس العمليات الإيرانية في سورية تشكل تهديداً محتملاً يجب معالجته؟ كيف تغيرت هذه الافتراضات الأساسية تقريباً فجأة؟

بخلاف الذين يرون في العمليات في الشمال محاولة لتحويل انتباه الرأي العام عن التحقيقات مع رئيس الحكومة، أنا اعتقد أن الموضوع مختلف: تجد إسرائيل صعوبة كبيرة في تحديد تهديد غير “وجودي” أو “مباشر”. الموقف المهادن لا يهم القيمين على الأمر، وفي الأساس متخذي القرارات عندنا؛ إنه يهم فقط قلّة في الأطراف.

وهكذا يبدؤون باستخدام أداة التهديدات. إذا كانت الأنفاق ليست دراماتيكية بصورة كافية، نربطها بالصواريخ، ونربط الصواريخ بالروس. ما دام يوجد تهديد “وجودي” ستكون إسرائيل في حالة استنفار. لكن الواقع في الشمال وأيضاً في الجنوب بصورة عامة أكثر تعقيداً. هناك درجات من التهديدات التي تواجهها إسرائيل، تستطيع أن تتعايش مع الجزء الأكبر منها، وتستطيع تحييد أكثريتها بوسائل مضجرة جداً. إن النظرة إلى الواقع الإقليمي ككارثة لا يمكن منع حدوثها، هي من نوع النبوءات التي تحقق ذاتها بالتأكيد في وقت قريب. نظرة كهذه تضر بالأمن القومي لإسرائيل.

المصدر: موقع Ynet الإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

Optimized by Optimole