للكونغرس، وليس لترامب، سلطة الحرب

Spread the love

يمكن لممثلي أميركا، ويجب عليهم، إنهاء مشاركة بلادهم في الهجوم المروّع على اليمن.

يرني ساندرز — كتب عضو مجلس الشيوخ المستقل السيناتور “بيرني ساندرز” مقالة بعنوان “لدى الكونغرس، وليس ترامب، سلطة الحرب” نشرت في مجلة “فورين بوليسي” تطرق فيها الى مشروع القرار الذي تقدم به هو والسيناتور الجمهوري مايك لي والسيناتور الديمقراطي كريس ميرفي قبل اسابيع والذي طالب الرئيس الاميركي بوقف المشاركة الاميركية بالحرب على اليمن.

“في 20 مارس آذار الجاري، طرح مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار، بتصويت 55 – 44، قدمته مع اثنين من زملائي، هما الجمهوري مايك لي من يوتا والديمقراطي كريس ميرفي من كونيتيكت، دعينا فيه الرئيس إلى سحب المشاركة الأميركية في حرب اليمن.

قدمنا هذا القرار لسببين. أولاً، أدت الحرب التي قادتها السعودية في اليمن إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث. ثانياً، لقد آن الأوان لكي يعمد الكونغرس إلى إعادة تأكيد سلطته الدستورية في مسائل الحرب. تنص المادة الأولى من دستور الولايات المتحدة بوضوح على أن ممثلي الشعب في الكونغرس، وليس شخصًا واحدًا مقيماً في البيت الأبيض، يتمتعون بسلطة إعلان الحرب.

وعلى الرغم من أن غالبية زملائنا في مجلس الشيوخ قد صوتوا لصالح مشروع قرارنا – أي أنهم اختاروا تجنب التصويت على القضايا التي أثاراها – فأنا أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى بالحاجة إلى المضي قدما بقوة في هذا الأمر. يجب ألا ننسى أبداً أن أكبر كوارث في السياسة الخارجية في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، وهما حربا العراق وفيتنام، حدثتا عندما جلس الكونغرس وسمح لإدارتين، واحدة جمهورية وواحدة ديمقراطية، بالكذب على الشعب الأميركي لقيادتنا إلى صراعات ذات عواقب مروعة. يجب ألا نسمح بحدوث ذلك مرة أخرى.

في 20 آذار مارس 2003، بدأت الحرب في العراق، والتي عارضتها بشدة، وبدأ سقوط القنابل تسقط على بغداد. اليوم، من المعترف به على نطاق واسع أن الحرب في العراق كانت خطأ فادحاً، وأن دخولنا في تلك الحرب كان قائماً على سلسلة من الأكاذيب. برغم ما قالته إدارة بوش، لم يكن للعراق دور في هجمات 11 سبتمبر أيلول، ولم يكن يمتلك أسلحة دمار شامل تهدد الولايات المتحدة.

كما نعلم الآن، فإن تلك الحرب قد خلقت سلسلة من عدم الاستقرار في المنطقة الذي نتعامل معه اليوم في سوريا وأماكن أخرى، وسنظل لسنوات عديدة مقبلة. في الواقع، لو لم تكن حرب العراق، فمن شبه المؤكد أن تنظيم “الدولة الإسلامية”(داعش) لم يكن ليكون موجوداً.

عمقت الحرب العداوات بين الطائفتين السنية والشيعية في العراق وأماكن أخرى. لقد فاقمت الصراع الإقليمي على السلطة بين السعودية وإيران ووكلائهما في أماكن مثل سوريا ولبنان واليمن، وقوضت الجهود الدبلوماسية الأميركية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

تلك الحرب قد شنت من قبل إدارة جمهورية. والآن، دعوني أخبركم عن إدارة ديمقراطية، وصراع سابق بدأ بذرائع كاذبة مشابهة. في عام 1964، ذكر الرئيس ليندون جونسون الهجوم على سفينة أميركية في خليج تونكين كذريعة لتصعيد التدخل الأميركي في فيتنام.

نعلم الآن من تسجيلات غير سرية أن جونسون نفسه يشك في أن سفينة “يو اس اس مادوكس” قد تعرضت لإطلاق نار في 4 آب أغسطس 1964، لكنه ظل يستخدم هذا الهجوم المزعوم للدفع باتجاه قرار خليج تونكين، والذي يأذن له بتصعيد التدخل العسكري للولايات المتحدة في فيتنام.

لقد ضللّت إدارة جونسون الكونغرس والشعب الأميركي للدخول في تلك الحرب، تماماً كما ضللتنا إدارة بوش للدخول إلى حرب العراق. يتكرر وقوع هذه الكوارث عندما يرفض الرؤساء إخبار شعبهم بالحقيقة، وعندما يتخلى الكونغرس عن مسؤوليته الدستورية للحصول على هذه الحقيقة.

الحقيقة عن اليمن هي أنه من خلال توفير المعلومات الاستخبارية وإعادة تزويد المقاتلات السعودية بالوقود في الجو، تشارك القوات الأميركية في أعمال عدائية غير مرخص لها من قبل الكونغرس. وقد أسفرت هذه الحرب عن أزمة إنسانية ضخمة قُتل فيها حوالي عشرة آلاف مدني، وأصيب أربعون ألفاً آخرون، ونزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص. في تشرين الثاني – نوفمبر من العام الماضي، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ إن اليمن على حافة “أكبر مجاعة يشهدها العالم منذ عقود كثيرة”. ويفتقر خمسة عشر مليون شخص إلى المياه النظيفة والصرف الصحي بسبب تدمير محطات معالجة المياه. ويحتاج أكثر من 20 مليون شخص في اليمن، أكثر من ثلثي السكان، إلى نوع من الدعم الإنساني، مع ما يقرب من 10 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة. وتم الإبلاغ عن أكثر من مليون حالة يشتبه في إصابتهم بالكوليرا، مما يمثل أسوأ انتشار للكوليرا في تاريخ العالم.

كما قوضت حرب اليمن الجهود الأمريكية لوقف الإرهاب. في عام 2016، ذكرت وكالة رويترز أن الحرب ساعدت تنظيم :القاعدة في شبه الجزيرة العربية” – أحد أخطر فروع تنظيم القاعدة – “لتصبح أقوى من أي وقت مضى منذ أن ظهرت لأول مرة منذ نحو 20 عامًا”. وعام 2016 كذلك، وجد تقرير وزارة الخارجية الأميركية أن الصراع ساعد القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على “تعميق غزواتهما عبر معظم أنحاء البلاد”.

وبينما يمثل دعم إيران للمتمردين في اليمن مشكلة خطيرة، إلا أن الحقيقة هي أن هذه الحرب قد ساعدت إيران على توسيع نفوذها. وكما قال تقرير “الإذاعة العالمية العامة” العام الماضي، “إذا لم يكن الحوثيون في اليمن وكلاء إيرانيين من قبل، فربما سيكونون قريباً”. وبعبارة أخرى، فإن تبرير هذه الحرب بصد إيران يمكن أن يصبح تحقيقاً ذاتياً للنبوءة.

بالتصويت على قرارنا، تعهد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وعضو بارز في اللجنة بعقد جلسات استماع حول هذا التدخل العسكري المستمر منذ ثلاث سنوات. آمل أن تحدث جلسات الاستماع هذه قريباً، وأن يتم طرح الأسئلة الصعبة الضرورية حول مبررات الإدارة لهذه الحرب. وإذا لم يتم كذلك، فأنا أحتفظ بالحق في تقديم مشروع قرارنا إلى مجلس الشيوخ للنظر فيه مجدداً.

إذا كان الكونغرس يدعم مشاركة الولايات المتحدة في الحرب في اليمن، فدعهم يملكون الشجاعة للتصويت له. إذا كانوا يدعمون دوراً موسعاً للقوات الأميركية في سوريا أو في أي مكان آخر، فدعهم يصوتون له. لكن بشأن مستقبل بلدنا، ومصداقية التزاماتنا، ورفاهية قواتنا المسلحة، لا يمكن للكونغرس أن يتخلى عن مسؤوليات صنع الحرب التي فوضها له الدستور والتي أعطاه إياها الآباء المؤسسون.

المصدر : فورين بوليسي – ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole