لا بديل لاستراتيجيا إسرائيل الحالية في قطاع غزة

لا بديل لاستراتيجيا إسرائيل الحالية في قطاع غزة
Spread the love

بقلم: دورون متسا – محاضر في برنامج دراسة النزاعات وحل الخلافات في كلية أحفا —
يجب أن نقول الحقيقة، لا يوجد بديل من الاستراتيجيا الحالية لإسرائيل في قطاع غزة. ومن يتوهم سيناريو إيجاد نظام جديد يقوم على انهيار “حماس” وتتويج السلطة الفلسطينية على غزة، يجب أن يأخذ في الحسبان أن حدوث هذا الأمر مرتبط باحتلال إسرائيلي كامل لغزة وتحمّل المسؤولية المدنية عن السكان البالغ عددهم نحو مليوني شخص. ثمة شك في أن تكون السلطة الفلسطينية قادرة على تحمل هذه المسؤولية إذا عادت إلى القطاع تحت حماية الجيش الإسرائيلي، كما ثبت ذلك في الحالة اللبنانية، إذ ليس لدينا طرف محلي نستطيع الاعتماد عليه في محاولاتنا إقامة أنظمة سياسية جديدة في المنطقة.
“حماس” هي خيار لعدم وجود خيار آخر. صحيح أنها تنظيم إرهابي مجرم يرفض وجود دولة إسرائيل ويسعى للقضاء عليها، حتى لو كان الثمن التعرّض لمخاطر بعيدة المدى. لكن على الرغم من هذا كله فإن للواقع الحالي حسنات. سلطة “حماس” تحرر إسرائيل من تحمّل المسؤولية عن مصير السكان البائسين، وهي تمنع تسلل قوات أكثر تطرفاً منها تنشط في سيناء وتتماهى مع تنظيم داعش.
طوال عقد ونصف العقد سعت المواجهة بين إسرائيل و”حماس” للموازنة بين المحافظة على حكم “حماس” وبين تقليص قوتها من أجل تحجيم إمكان تهديدها الأمني. التصعيد الذي طبع السنة الماضية- التظاهرات العنيفة على طول السياج، إرهاب الطائرات الورقية المشتعلة والبالونات المتفجرة، إطلاق الصواريخ على غلاف غزة، ومؤخراً أيضاً إطلاق صواريخ على وسط إسرائيل، يدل إلى أي حد صعّدت “حماس” توجهها الهجومي.
لكن التطورات الأخيرة لا تعني أن على إسرائيل التخلي عن الاستراتيجيا القائمة التي تستند في نهاية الأمر إلى افتراضات أساسية صالحة. التغيير المطلوب في التوجه الراهن هو من حجم متوسط وثانوي، ويجب أن يرتكز على استعداد إسرائيل للتخفيف من “الحصار” الذي يزيد في مفاقمة الوضع الاقتصادي ويدفع “حماس” إلى تصعيد خطواتها. لقد اتخذت إسرائيل قراراً مبدئياً للمضي في اتجاه التسوية، وتجري منذ وقت نقاشات بواسطة مصر. مع ذلك اتضح أنه لا يمكن التوصل إلى أي تسوية من دون أن تُظهر إسرائيل استعدادها لخوض مواجهة عسكرية واسعة النطاق في غزة.
حتى الآن ارتدعت إسرائيل عن خوض مواجهة عسكرية واسعة، ومن الصعب على الجمهور الإسرائيلي تقبُّل الخسائر في الأرواح، وقد أدرك الجيش ذلك بصفته جيشاً للشعب. وفي السنوات الأخيرة يفضّل قادته خوض حروب تجري من بعيد، في الأساس من الجو، لكن هذه الحروب لا تؤدي إلى الردع المطلوب في مواجهة أعدائنا. إن منظومة القبة الحديدية تقلص كثيراً من ثمن المواجهة المزمنة في القطاع من جهة، ومن جهة ثانية تساهم في أن يتقبل الإسرائيلي واقع جولات لا تنتهي من المواجهات.
هذا تحديداً المكان الذي ينبغي للقيادة الإسرائيلية أن تفهم المفارقة: ضمان الاستقرار وتعزيز احتمال التوصل إلى تسوية يمران تحديداً عبر تقويض الواقع والمبادرة إلى القصف في القطاع.
على إسرائيل أن تستعد فور انتهاء شهر الاحتفالات لتوجيه ضربة فتاكة إلى مراكز القوة ومواقع السلطة في القطاع. هذه الضربة المؤلمة لا تطمح إلى تحقيق وهم بلورة نظام سياسي وحكم جديد في القطاع، بل ستدفع “حماس” التي تحرص على بقائها في السلطة نحو تسوية مهمة، يمكن أن تُضاف إلى صفقة القرن للرئيس الأميركي، وإلى المبادرات الاقتصادية التي ستحملها إلى المنطقة.

المصدر: صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole