لإبعاد إيران عن سوريا: يجب تغيير التوجه

Spread the love

بقلم: إيال زيسر – نائب رئيس جامعة تل أبيب —

القرار بمنع تمركز إيران في سورية يتطلب تصميماً، وجرأة، وقدرة استخباراتية وعملانية، وفي الوقت عينه، الحذر من تدهور المنطقة إلى مواجهة شاملة. لكن يبدو أن هذه المعركة قد استنفدت نفسها. صحيح أن الناطقين الإسرائيليين يواصلون الادعاء أن حرية العمل الإسرائيلي لم تتضرر، وأن إسرائيل تواصل العمل ضد أهداف إيرانية في الأراضي السورية. هكذا ادعى وزير الدفاع في الأسبوع الماضي أن إسرائيل لم تتوقف عن القيام بهجمات في سورية، لكن هذه الهجمات لم يجرِ الحديث عنها في وسائل الإعلام، وهكذا عاد رئيس الحكومة للتصريح بأن إسرائيل ستفعل كل ما هو مطلوب لمنع إيران من التمركز في سورية.
لكن على الأرض بدأت تبرز فجوة بين الخطاب الإنشائي الإسرائيلي وبين الواقع. وبدلاً من التقارير بشأن هجمات سلاح الجو يمكن أن نقرأ تقارير عن استكمال نشر بطاريات الصواريخ S-300 من قبل الروس في أنحاء سورية. وأيضاً يقيم مصطفى مغنية، ابن عماد مغنية، رئيس أركان حزب الله الذي اغتيل في سنة 2008، بنية تحتية للحزب على طول الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان، وذلك استمراراً لعمل شقيقه، جهاد مغنية، الذي اغتالته إسرائيل في كانون الأول/ديسمبر 2014 بالقرب من القنيطرة.
يمكن الافتراض أن نافذة الفرص التي انفتحت أمام إسرائيل للعمل في سورية كانت ستُغلق أيضاً من دون حادثة إسقاط الطائرة الروسية قبل شهر. تريد روسيا أكثر من أي شيء آخر ضمان الهدوء والاستقرار في سورية كي تثمر استثماراتها هناك. بالإضافة إلى ذلك، لا تعتبر روسيا إيران تهديداً، وبالتالي، فهي لا ترى أن وجودها في سورية يشكل مشكلة روسية، كما شرح بوتين ذلك بوضوح مؤخراً.
لكن أيضاً، من دون اللامبالاة الروسية، من الصعب الافتراض أن هجمات سلاح الجو كانت كافية لإبعاد الإيرانيين. مثل هذه الهجمات تقدر ربما على منع سيطرة إيران على هذا الموقع أو ذاك، وربما منع نشر طائرات قتالية أو منظومات سلاح متقدمة. لكن هذا كله هو بمثابة نقطة في بحر فيما يتعلق بوجود عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية التي أتت بها إيران إلى سورية، وآلاف المقاتلين الإيرانيين ومقاتلي حزب الله. يجدر بنا أن نتذكر أن المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية في سورية في أيار/مايو الماضي لم تنته بالضرورة بنجاح كبير، فهي قد رسمت خطوطاً حمراء واضحة تحرص عليها إسرائيل، بينها الامتناع من قتل جنود إيرانيين، وهذا أيضاً يحد من القدرة على العمل.
في ضوء هذا الواقع يتعين على إسرائيل أن تفكر بصورة مبتكرة، وأن تفكر من جديد في تغيير التوجه. وأسلوب عمل ممكن هو العودة إلى سياسات الماضي التي تبلورت بنجاح في مواجهة منظمة التحرير في الأردن في مطلع السبعينيات. وأساسها: تدفيع ثمن باهظ ليس فقط للضيف (إيران) بل أيضاً للمضيف، وقصدنا بشار الأسد.
إسرائيل “لاتحسب” حساباً لبشار، وتعتقد خطأ أنه ألعوبة في يد الإيرانيين والروس، لكنه عملياً آخذ بتعزيز وضعه، ومن المحتمل أنه إذا فهم، وفهم معه أيضاً رعاته الروس، أن تعزيز القبضة الإيرانية على أرضه سيؤدي إلى جباية ثمن، فإنه سيعمل على تقييدها.
لقد ضيعت إسرائيل فرصة عندما سمحت للأسد بالعودة إلى جنوب سورية من دون أي مقابل، وبرعاية من الإيرانيين وحزب الله. لكن لم يفت الأوان بعد، وتغيير التوجه يجب أن يجري بحذر وعناية للحؤول دون حدوث مواجهة شاملة، لكن ليس هناك وقت أفضل للقيام به مثل الآن، مع تعيين رئيس أركان جديد للجيش الإسرائيلي.

المصدر: صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole