قنبلة في الساحة الفلسطينية يمكن أن تطيح بالمعركة الانتخابية كلها

Spread the love

عاموس هرئيل – محلل عسكري في “هآرتس” —
هناك قنبلة تحت الأرض يمكن أن تطيح بالمعركة الانتخابية كلها، لكن لا علاقة لها مباشرة، لا بتحقيقات رئيس الحكومة ولا بخوض أحزاب الوسط الانتخابات معاً. مجموعة تطورات سلبية في قضايا أساسية تتعلق بالساحة الفلسطينية مثل القدس، الأسرى، السلطة الفلسطينية، والوضع البائس للبنى التحتية في قطاع غزة، عادت لتزيد من خطر التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين خلال الأسابيع الستة التي بقيت حتى موعد انتخابات الكنيست. جزء من هذه الأحداث الفلسطينيون أنفسهم مسؤولون عنها، وحتى الأردن، لكن يبدو أن القيادة الإسرائيلية تسير إلى داخل الأزمة بأعين مفتوحة.
في الأسبوع الماضي اتخذ المجلس الوزاري الأمني قراراً ناجماً عن عامل سياسي واضح بتطبيق القانون الذي وافق عليه الكنيست في تموز/يوليو العام الماضي القاضي بحسم نصف مليار شيكل من مستحقات السلطة الفلسطينية من الضرائب، كعقوبة على المساعدة الاقتصادية التي تحولّها السلطة إلى الأسرى الأمنيين. لقد حاولت إسرائيل القيام بخطوة مشابهة وحسم أموال الضرائب في كانون الثاني/يناير 2015، لكنها تراجعت بسرعة عن ذلك بضغط فلسطيني. هذه المرة، بينما المعركة الانتخابية في ذروتها، وبينما يُتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باظهار ضعف حيال الإرهاب، يبدو أنه لم يعد يملك هامشاً كبيراً للمناورة السياسية. لقد اتُخذ قرار الحسم على الرغم من المعارضة الكبيرة والواسعة له من قبل رؤساء الأذرع الأمنية الذين حذروا من انعكاسات هذه الخطوة.
يثير قرار الحسم توتراً كبيراً في الضفة الغربية. متحدثون فلسطينيون من عناصر الأجهزة الأمنية يتحدثون عن قلق السكان إزاء استمرار قبض رواتبهم من السلطة، بالاضافة إلى الخوف من عدم قدرتهم على الإيفاء بالقروض التي أخذوها من المصارف، ودفع قروضهم السكنية. سلسلة الردود من المتوقع أن تلحق قطاع غزة أيضاً. فقد سبق أن أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن جزءاً من المبلغ الذي حسمته إسرائيل سيُقتطع من الأموال التي تحّولها السلطة إلى القطاع. إن أي تقليص في المساعدة التي تحوّلها السلطة إلى غزة سيؤثر فوراً على الوضع الاقتصادي هناك. يجري هذا في الوقت الذي تلعب فيه “حماس” بالنار من خلال قرارها السماح بزيادة الاحتكاك العنيف مع الجيش الإسرائيلي في التظاهرات الليلية على طول السياج، التي تجري هناك تقريباً في كل مساء.
في هذه الأثناء تتنافس الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية في ما بينها على التعبير عن التضامن مع الأسرى والإعلان عن تبرعهم من رواتبها من أجل أخوتهم في الأسر. أيضاً في السجون داخل إسرائيل الوضع ليس هادئاً. في الأيام الأخيرة، وبتوجيهات من وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، والقائم بأعمال مفوض سلطات السجون، شددت إدارة السجون حربها ضد الهواتف الخليوية ومنعت الأسرى الأمنيين من الحصول عليها.
بدأ حراس السجون في تركيب أجهزة التقاط خليوية في الأقسام الأمنية. قبل أيام حاول سجين فلسطيني إشعال النار في نفسه أمام أنظار الحراس، احتجاجاً على تدهور أوضاع الأسرى، لكن الحراس نجحوا في السيطرة عليه قبل أن يُلحق الأذى بنفسه. بالأمس أعلن عدد من قادة الأسرى في السجون من “حماس” ومن حركة “فتح” عن استقالتهم، رداً على خطوات منعهم من استخدام الهواتف الخليوية.
صب الزيت على النار جرى تحديداً في مكان هو الأكثر حساسية من كل الأماكن، جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]. قبل إسبوعين أعلن الأردن عن انضمام سبعة أعضاء فلسطينيين إلى الأعضاء الـ11 في مجلس الأوقاف في القدس التابع لتوجيهاته. في الوقت عينه بدأت في الأسبوع الماضي مواجهة حول قرار فلسطيني أحادي الجانب يقضي بفتح مبنى بوابة الرحمة، الذي أغلقته إسرائيل قبل 13 عاماً.
جميع هذه الأحداث معاً يمكن أن تستخدم كعوامل لإشعال نيران غير صغيرة. في بداية هذا الشهر أمر رئيس الأركان أفيف كوخافي القيام بتحسين الاستعدادات العسكرية من أجل عملية عسكرية في قطاع غزة، وهذا الصباح بدأت مناورة فجائية في قيادة الأركان العامة، موجهة أيضاً نحو القطاع. هذه الخطوات، بالإضافة إلى رفع الجهوزية، يمكن أيضاً فهمها كإشارات موجهة إلى “حماس” كي لا تخطىء وتختبر إسرائيل. السؤال المطروح هنا، كيف سيفهم زعماء “حماس” إسماعيل هنية وخصوصاً يحي السنوار عرض العضلات هذا.
هذه الورطة هي في الأساس الآن مطروحة على كوخافي. رئيس الحكومة مشغول بمشكلاته القانونية، آخرها منع حصوله على مساعدة من أقربائه لتمويل دفاعه. الوزراء هم الآن في ذروة الحملة الانتخابية، والمجلس الوزاري المصغر لا يكثر من الاجتماع للقيام بنقاشات معمقة. كوخافي مثل نظيره رئيس الشاباك نداف أرغمان، سيضطر إلى إظهار المزيد من قوة شخصية في مواجهة منظومة سياسية تفقد ضوابطها.
ربما يجدر بنا إضافة ملاحظة أخرى، مع الحذر المطلوب. في الأيام الأخيرة ترتفع كثيراً اللهجات في الساحة السياسية. ما كان يبدو في البداية سباقاً واضحاً تقريباً نهايته معروفة سلفاً، حل محله، على الأقل بحسب استطلاعات الرأي، سباق متقارب نسبياً. وسيضاف إلى ذلك هذا الأسبوع أو في الأسبوع القادم قنبلة أخرى هي توصيات المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، بشأن ملفات نتنياهو. يبدو أن هذا هو الوقت الأفضل بالنسبة إلى الشاباك ليفحص جيداً ترتيبات الحماية لكبار مسؤولي الجهاز القضائي، وأيضاً للمنافسين المركزيين لنتنياهو (رئيس الحكومة نفسه يتمتع بحماية جيدة)، بسبب الاحتمال الضئيل بأن يقوم شخص ما بترجمة الخلاف المبدئي إلى أعمال عنف.

“هآرتس”

Optimized by Optimole