محلل اسرائيلي: عندما تكون الكرة بين يدي حماس

أيام اختبار لإسرائيل و”حماس”
Spread the love

شجون عربية /يوني بن مناحيم – محلل عسكري اسرائيلي/

يسود القدس الشرقية غضب شديد إزاء حركة “حماس”، بعد انتهاء أحداث “يوم القدس” ومسيرة الأعلام. الجمهور الفلسطيني في القدس الشرقية يشعر بأن “حماس” لم تفِ بوعودها حيال سكان القدس الشرقية في نضالهم ضد مسيرة الأعلام، على الرغم من أنها شنّت حملة كبيرة قبل أسبوعين، بواسطة وسائل إعلامها ووسائل التواصل الاجتماعي، ووعدت بإحباط مسيرة الأعلام بكل الوسائل.
ويتساءل سكان القدس الشرقية: “أين محمد ضيف؟ ولماذا لا يساعدنا سكان الضفة الغربية؟ صحيح أن سكان القدس الشرقية هم خط الدفاع الأول عن القدس وعن المسجد الأقصى، لكنهم لا يستطيعون القيام بالعمل وحدهم.”
الإحساس بالإحباط والفشل سيطر أيضاً على الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، الذين كانوا واثقين بأنهم سيسمعون صفارات الإنذار مساء يوم الأحد، ويرون سكان إسرائيل يهرعون إلى الملاجىء والأماكن الآمنة جرّاء تساقُط الصواريخ عليهم من قطاع غزة، ومن الجنوب اللبناني، لكن ذلك لم يحدث.
… إسرائيل حققت انتصاراً في المعركة على الوعي، الدائرة بينها وبين “حماس”، خلال يوم القدس، فقد استعدت جيداً للحدث واستخدمت قدرات القوى الأمنية إلى حدّها الأقصى. تعترف مصادر في “حماس” بأن ما جرى هو “انتصار إعلامي لا أكثر”.
لقد أقسمت “حماس” على المحافظة على الإنجازات والمعادلات التي وضعتها خلال عملية “سيف القدس”، لكن ثبت عملياً أنها غير قادرة على الوفاء بوعودها. لذلك نجحت في خلق حملة ضبابية مُحكمة والحفاظ على الغموض بشأن نياتها، وحتى اللحظة الأخيرة، لم يكن واضحاً كيف سترد على مسيرة الأعلام في القدس، وهل ستطلق صواريخ من قطاع غزة، أو من الجنوب اللبناني؟
مصادر في “حماس” تقول إن قرار الحركة ضبط النفس واحتواء مسيرة الأعلام اتُّخذ قبل أسبوعين، والذي اتخذه هو مجلس الشورى، لكن قيادة الحركة قررت الإبقاء عليه سراً لاستنزاف قوة إسرائيل.
“ضبط النفس هو قوة أيضاً”

شرحت حركة “حماس” ضبط النفس حيال مسيرة الأعلام هذا العام وزيارة اليهود إلى حرم المسجد الأقصى بأنه ناجم عن اعتبارات خاصة بالحركة، وأنها ستردّ في التوقيت الصحيح، وبصورة مناسبة لها. وذكرت أطراف في الحركة أن هناك فارقاً جوهرياً بين أحداث هذا العام في “يوم القدس” وبين الأحداث التي وقعت في اليوم عينه من العام الماضي. إذ كان مطروحاً إخلاء عدد من العائلات من حي الشيخ جرّاح، وكانت القدس الشرقية تغلي في شهر رمضان، وتشهد مناوشات يومية بين الشرطة وبين الشبان الفلسطينيين في بوابة نابلس.
هناك عدة تفسيرات لامتناع حركة “حماس” من إطلاق الصواريخ على إسرائيل في يوم القدس:
الرغبة في استمرار عملية إعادة إعمار القطاع جرّاء الأضرار التي لحقت به بعد الحرب الأخيرة والتقدم البطيء في المساعدة المصرية ومساعدة الأونروا.
لم تنهِ الحركة بعد استعداداتها العسكرية من أجل الدخول في جولة قتال جديدة ضد إسرائيل، وهي لم ترمم شبكة الأنفاق التي تضررت في عملية “حارس الأسوار”، ولم تستكمل بناء مخزونها الصاروخي.
التخوف من رد إسرائيلي ضخم يشمل عودة سياسة الاغتيالات، فقد نقلت إسرائيل سلسلة رسائل تحذيرية إلى الحركة، قبيل يوم القدس، بواسطة المصريين والقطريين والأمم المتحدة، بأنها ستردّ بعنف على أي تصعيد من قطاع غزة. وكانت الرسالة واضحة بأنها ستوقف تحويل المساعدة المالية القطرية الشهرية، وستمنع دخول آلاف العمال من القطاع للعمل في إسرائيل، وستوقف المشاريع الإنسانية.
الضغط الكبير من مصر على “حماس”، والتهديد بأن أي تصعيد من جانبها سيؤدي إلى وقف الأعمال المصرية في إعادة بناء القطاع والتسهيلات المقدمة إلى سكانه على معبر رفح.
عدم القدرة على مفاجأة إسرائيل كما فعلت في عملية “سيف القدس”، فالجيش الإسرائيلي كان مستعداً للمعركة، وكل وحداته كانت في حالة تأهُّب في إطار التمرين الذي تجريه هيئة الأركان العامة “مركبات النار”.
في أعقاب الانتقادات القاسية في الشارع الفلسطيني ضد “حماس”، بدأ كبار المسؤولين في الحركة بتوجيه المحللين العرب ونقل رسائل بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي، لتبرير قرار عدم إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ويمكن الإشارة إلى عدد من التبريرات لتفسير القرار:
يجب الثقة بقيادة “المقاومة” التي لديها منطق وخبرة كبيرة، وتعرف كيف تواجه العدو.
“حماس” أجبرت إسرائيل على تعبئة كل قواتها الأمنية، قبيل يوم القدس، واستنزفتها.
لم تنجر “حماس” إلى الفخ الذي نصبته إسرائيل التي أرادت جرّها إلى حرب دموية تؤدي إلى تدمير إنجازات العام الماضي.
قطاع غزة لم يتعافَ بعد من حرب العام الماضي.
لم تقل “حماس” بعد كلمتها الأخيرة، ومعادلة “غزة – القدس” لا تزال قائمة.
“حماس” ليست دولة كبرى، ولا يزال جيشها في طور البناء، وهي بحاجة إلى مساعدة إضافية للانتصار على إسرائيل.
الاختبار المقبل هو في “ذكرى النكسة”

تقول مصادر في “حماس” أنه لا يوجد وقت متأخر للرد، ونشرت الحركة بياناً تقول فيه إنها “لن تتسامح مع ما جرى خلال يوم القدس والخطوات التي اتخذتها إسرائيل ضد الفلسطينيين.”
هذه المرة، تخطط “حماس” لردّها بحذر، وفي الأفق القريب هناك ذكرى “يوم النكسة”، تاريخ نشوب حرب الأيام الستة في 5 حزيران/يونيو 1967…
سيكون من الصعب على “حماس” أن تقف مكتوفة الأيدي في ذلك اليوم، ويمكن أن تتحرك في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وأن تتخذ خطوات ضد إسرائيل، بينها إطلاق صواريخ.
اليوم، الكرة في ملعب “حماس” التي ستضطر إلى اتخاذ قرارات بشأن كيفية التصرف في موضوع القدس في الأيام المقبلة، مع وجود أصوات في الشارع الفلسطيني تدّعي أنه إذا لم تتحرك “حماس”، فقد تخسر ثقة الجمهور الفلسطيني بها، وستختفي كل إنجازاتها.

Optimized by Optimole