صناعة السلاح تنهض بسبب الصفقة السعودية ولإسرائيل ما تربحه

Spread the love

بقلم: حغاي عميت – محلل اقتصادي إسرائيلي —

•انتهت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإسرائيل الأسبوع الماضي من دون أن تترك بصمة واضحة. وباستثناء تصريحات عامة، كان من الصعب أن نفهم إلى أين تتوجه الولايات المتحدة في سياستها إزاء إسرائيل والمنطقة. والنتيجة الملموسة التي أثمرت عنها جولة ترامب في الشرق الأوسط كانت في الدولة التي زارها ترامب قبل وصوله إلى إسرائيل: أي الاتفاق مع السعودية على شراء سلاح وعتاد بـ110 مليارات دولار، والتصريحات بشأن عمليات شراء أخرى تفوق 350 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. لكن من المحتمل أن تكون لهذه الصفقات الضخمة انعكاسات كبيرة أيضاً على إسرائيل.

•إن الشركات الأميركية المنتجة للسلاح مثل لوكهيد مارتن (Lockheed Martin) ونورثروب غرونمان (Northrop Grunman) وراثيون (Raytheon)، شركات المنتجات الأمنية التي تحتل المركز الخامس من حيث الحجم في العالم، والتي تصنع لحساب شركة رفائيل منتجات القبة الحديدية [المنظومة الاعتراضية للصواريخ]، استجابت أسهمها بسرعة للأخبار وارتفعت كثيراً في مطلع الأسبوع الماضي. كما ارتفعت أسهم شركة العقارات بلاك ستون (Black stone) التي وقعت اتفاقاً يقضي بأن يستثمر السعوديون من خلالها قرابة 40 مليار دولار في البنية التحتية. كما ارتفعت أسهم شركة بوينغ التي وُقعت معها اتفاقات مباشرة.
•تابعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وشركات صناعة السلاح الإسرائيلية الصفقة السعودية بتوتّر. يمكن أن يكون هناك تأثير على الشركات الإسرائيلية سواء بسبب كونها زبوناً لصناعات السلاح الأميركية التي ستبيع بضاعتها للسعوديين وستوثق تعاونها مع زبون كبير آخر؛ أو بصفتها مصدرة لصناعات السلاح الأميركية وللجيش الأميركي؛ أو لكونها منافسة لجزء من الشركات الأميركية.
•إن ما حدث يمكن أن يكون بمثابة ارتقاء درجة بالنسبة للصناعة الأميركية. على سبيل المثال جرى خلال 8 سنوات من حكم إدارة أوباما توقيع صفقات سلاح بنحو 115 مليار دولار مع السعوديين – لم تتحقق كلها حتى الآن. أما صناعات السلاح الأميركية التي تلقت خلال سنوات أوباما أخباراً سيئة مثل خروج الجيش الأميركي من العراق ومن أفغانستان مما أدى إلى تقليص نشاطها، فقد حظيت هذا الأسبوع بمؤشر على أن السنوات الثماني الجيدة لإدارة ترامب بدأت.
•إن حجم التأثير على إسرائيل مرتبط بوتيرة إنجاز الصفقات وبمسألة ما إذا كانت ستنفذ كلها أم لا. وفي الواقع، فإن الصفقات الضخمة بين السعودية والولايات المتحدة تستطيع أن تنشط صناعة السلاح العالمية كلها – والإسرائيلية أيضاً.
•مسؤول رفيع سابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية فسر لنا أنه “بعد أن أخرج أوباما الجيش الأميركي من العراق وأفغانستان – لم يعد للصناعات الأميركية العسكرية ما تفعله. وفي السنوات الأخيرة كان الجيش الأميركي بحاجة إلى عتاد أقل، وتنافست الشركات على أي مناقصة تُطرح، حتى على مناقصات صغيرة للغاية. ومن المحتمل أنه من الآن فصاعداً سيكون للصناعة العسكرية الإسرائيلية هامش للمنافسة في مناقصات تستطيع فيها أن تتنافس على قدم المساواة، بينما ستكون الصناعة العسكرية الأميركية مشغولة”.
“أمركة” المنطقة مفيدة لإسرائيل
•للخطوة التي قام بها ترامب تأثير أيضاً على المكانة الجيو – سياسية لإسرائيل في المنطقة. إن الصفقة بين الولايات المتحدة والسعودية، والبشرى التي تحملها هذه الصفقة للشركات المنتجة للسلاح في العالم، من شأنها أن توقظ سباقاً لتسلح إقليمي – وقد يكون هذا بشرى سيئة لإسرائيل على الصعيد الأمني. قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي: “لقد وصلت صفقات السلاح في المنطقة إلى 215 مليار دولار، وهذا مبلغ لا يستهان به. ولا أشعر بالارتياح حيال سباق التسلح وعمليات الشراء السعودية الضخمة”.
•وقال مهران بروزنفير، وهو مستشار مالي سابق لرئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس سابق لشعبة المال في وزارة الدفاع: “لهذه الخطوة تأثير واسع على المنطقه كلها. على سبيل المثال، في اللحظة التي يحصل فيها السعوديون على سلاح، سيجري الإيرانيون حساباتهم وسيقولون: يجب أن نعزز قواتنا نحن أيضاً، وستفكر دول أخرى في المنطقة بأنها ستحتاج إلى المزيد من السلاح. وهذه انعكاسات إقليمية يجب أخذها في الاعتبار”.
•من جهة أخرى، فإن الصفقة مع السعودية – التي لا تشكل تهديداً أمنياً مباشراً على إسرائيل – يمكن أن تمنح إسرائيل أداة للضغط ولمطالبة الولايات المتحدة بمساعدة إضافية، عسكرية أو اقتصادية.
•يقول بروزنفير: “من الزاوية السياسية – الأمنية فإن التساؤل هو: ما تأثير الصفقة على التفوق النوعي النسبي لإسرائيل وعلى التفوق الكمي – وعلى ماذا ستحصل إسرائيل في المقابل – ليضمن لها ذلك المحافظة على تفوقها النوعي والكمي؟ قد تكون الحلول على صورة أموال، أوخطوات دبلوماسية، أو زيادة التعاون الصناعي. هناك أشياء كثيرة يمكن فعلها”.
•إن الارتقاء درجة في التعاون بين السعودية والولايات المتحدة هو بشرى جيدة بالنسبة إلى إسرائيل، طالما أن ما يجري هو ضمن نطاق “أمركة” المنطقة.
فرصة بالنسبة إلى الشركات الصغيرة المنتجة للسلاح
•إن إحدى علامات الاستفهام المركزية التي تحوم فوق الصفقة هي فيما إذا كان سلاح وتكنولوجيا من صنع إسرائيلي سيصلان إلى السعودية؟ صحيح أنه لا يوجد بين إسرائيل وهي من أكبر الدول المنتجة للسلاح في العالم، والسعودية – أكبر دولة مستوردة للسلاح في العالم – اتفاق سلام، لكن هذا لم يمنع في الماضي من وصول سلاح إسرائيلي إلى السعودية.
•هناك العديد من المتعهدين الإسرائيليين الفرعيين يعملون مع الصناعات العسكرية الأميركية، يقول بروزنفير: “الأميركيون سيكونون يقظين جداً ولن يضعوا أشياء لها علاقة بإسرائيل في منظوماتهم”. وفي رأيه “لن يبيع الأميركيون منظومات إسرائيلية للسعوديين، لذا من المعقول افتراض أن دور المتعهدين الإسرائيليين الفرعيين لن يكون مهماً. وإذا جرى ذلك فسيكون على الهامش.”
•على الرغم من ذلك، فما يعتبر أن له تأثيراً ضئيلاً على متعهد فرعي كبير يمكن أن يكون له تأثيرات أكبر بكثير على مصنع صغير للسلاح، الذي بالنسبة إليه بضعة ملايين من الدولارات تغير الصورة. يقول طال مشرقي، صاحب شركة تصنيع أجهزة اتصال عسكرية: “ليس لدى السعوديين شركات محلية لصناعة السلاح. ومن هنا فإن مثل هذه الصفقة ستكون جيدة للسوق. فالصناعات العسكرية الأميركية تعمل مع كثير من المتعهدين الإسرائيليين الفرعيين ـ أو مع متعهدين فرعيين هي شركات إسرائيلية لها قواعد في الولايات المتحدة حيث من المتوقع أن يحدث ارتفاع في الطلب على المقاولات الفرعية”.
•إن التصدير الأمني من إسرائيل مراقب. وكل شركة إسرائيلية تبيع سلاحاً إلى الخارج يجب عليها الحصول على الكثير من الموافقات التي تطالب بتحديد هوية المستخدم النهائي للمنظومة التي جرى بيعها. على سبيل المثال، شركة أميركية تشتري راديو من إسرائيل يجب عليها أن تُصرّح من هو المستخدم النهائي الذي ستصل إليه هذه المنظومة. لكن على الرغم من ذلك، هناك وسائل للالتفاف على الرقابة. وهناك شركات تكنولوجية إسرائيلية مسجلة في قبرص تستطيع بهذه الطريقة الالتفاف على الرقابة من خلال تصدير تكنولوجيا لأهداف أمنية.
•الولايات المتحدة أيضاً تراقب التصدير الإسرائيلي – وهي فرضت في الماضي فيتو على صفقات سلاح بين الصناعة الأمنية الإسرائيلية والصين. وفي رأي مشرقي أن الصفقة مع السعودية يمكن أن تؤثر في ذلك أيضاً: “من المحتمل أن تؤدي الصفقة إلى إزالة جزء من القيود المفروضة حالياً على الإسرائيليين من خلال صورة اتفاق صامت بين إسرائيل والولايات المتحدة مفاده: أنتم تبيعون الكثير من السلاح للسعودية- اسمحوا لنا بأن نبيع سلاحاً أكثر إلى الصين”.
ارتباط إسرائيل باللوبي في الولايات المتحدة
•تشتري إسرائيل أيضاً الكثير من السلاح من الصناعات الأميركية. والاتفاق الموقع مع الإدارة الأميركية في أيلول/سبتمبر الماضي، والذي بموجبه تحصل إسرائيل على مساعدة أميركية تقدر بـ3.8 مليارات دولار خلال السنة الجارية، يقضي أيضاً بأن يجري خلال السنوات الست المقبلة، تحويل نحو 3 مليارات دولار من مجموع المبلغ من أجل عمليات شراء من الشركات الأميركية لتصنيع السلاح. وفي السنوات التالية سيزداد المبلغ.
•التقارير التي نشرت عن الصفقة مع السعودية تطرقت إلى شراء دبابات أبرامز – التي لا تشتريها إسرائيل، وطوافات بلاك هوك وصواريخ باتريوت – التي ليس لدى الجيش الإسرائيلي خطط لشرائها حالياً.
•إن محاولة فهم الانعكاسات الاقتصادية للصفقة الضخمة التي أجراها ترامب مع السعوديين ترسم صورة معقدة في ما يتعلق بالسيئات والحسنات بالنسبة لإسرائيل. وعلى ما يبدو فإنه من المتوقع سنوات جيدة للصناعة العسكرية في الولايات المتحدة وفي العالم. ويدفع ترامب نحو ارتفاع بيع السلاح الأميركي، وليس من المتوقع أن تتقلص ميزانيات الأمن الأميركي. لكن إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من النظرة الاقتصادية الضيقة، فإن إغراق الشرق الأوسط بالسلاح ويقظة محتملة لسباق تسلح إقليمي، ليسا بشرى جيدة لأي طرف سواء في إسرائيل أو في العالم.

المصدر: مجلة “ذي ماركر” الإسرائيلية، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole