صفقة القرن لن يكتب لها النجاح

صفقة القرن
Spread the love

بقلم: إيال زيسر – نائب رئيس جامعة تل أبيب —

خلال الأسبوع المنصرم بدت جائزة نوبل للسلام في متناول اليد، كل ما كان مطلوباً خطوة صغيرة من جانب حاكم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، تسمح من بعدها للرئيس ترامب بإنهاء نزاع دام 60 عاماً مع كوريا. لكن في اللحظة الحقيقية تبين أن حاكم كوريا الشمالية الشاب يرفض ارتكاب الخطأ الذي ارتكبه حاكم ليبيا، معمر القذافي، الذي تنازل تحت ضغط الغرب عن مخططه النووي لقاء ضمانات غربية اتضح أن لا قيمة لها عندما نشبت الثورة الليبية.
لا يمكن أن نقارن الفشل الذي جرى في شبه الجزيرة الكورية بما يجري في منطقتنا، لأن الواقع الشرق الأوسطي أكثر تعقيداً وتشابكاً. مع ذلك تزداد الإثارة في بلادنا مع اقتراب نشر “صفقة القرن”، كأنه في إمكان الخطة الأميركية تحقيق حل لنزاع مستمر منذ أكثر من مئة عام.
يدلنا التاريخ على أن اقتراحات حل النزاع التي طرحها وسطاء أجانب لم تنجح. كذلك فشلت محاولات المجتمع الدولي فرض تسوية – بدءاً من اقتراح قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في تشرين الثاني /نوفمبر 1947، الذي لم يكن سوى محاولة فاشلة لفرض حل على الأطراف.
في المقابل، وحدها عملية بادر أطراف النزاع إليها وقادوها نجحت في إحداث اختراق. هكذا كان الأمر فيما يتعلق باتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، وبين إسرائيل والأردن.
الافتراض الأساسي في الاقتراح الأميركي هو أن في الإمكان فرض صفقة على الفلسطينيين لا تستجيب إلى تطلعاتهم. وهذا افتراض غير صحيح ولا يستطيع أن يصمد أمام اختبار الواقع.
في الحقيقة، ستبذل الدول العربية كل ما في وسعها من أجل الدفع قدماً باتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، لأنها ترى في الاتفاق مصلحة حيوية. وسيمارس الحكام العرب ضغطاً كبيراً على الفلسطينيين، لكنهم لن يجرؤوا على الموافقة على التنازل باسمهم ومن أجلهم، لأنهم لا يريدون أن يسجل التاريخ هذه التنازلات باسمهم.
لهذا السبب، فإن الكلمة الأخيرة ستكون دائماً للفلسطينيين، وهؤلاء ليسوا قادرين على اتخاذ قرار تاريخي يؤدي إلى إنهاء النزاع، كما أنهم لا يريدون ذلك، للأسباب التالية:
أولاً، افتراض الزعامة الفلسطينية، أن الوقت يجري لمصلحتها، وأنها إذا رفضت اقتراح ترامب ستحصل على اقتراح أفضل، سواء ممن سيخلف ترامب أو من المجتمع الدولي، من روسيا أو الاتحاد الأوروبي اللذين لا يترددان في القول علناً للفلسطينيين إن عليهم رفض اقتراح ترامب.
ثانياً، في المعسكر الفلسطيني لا يوجد إحساس بالضيق أو اليأس يمكن أن يدفع الزعامة الفلسطينية في اتجاه اتفاق. وليس لدى الأميركيين ولا لدى الحكام العرب أوراق مقايضة يستطيعون بواسطتها الضغط على أبو مازن وجماعته الذين يفضلون سلطة متعثرة في رام الله على دولة ناقصة بعيدة عن الحد الأدنى من تطلعاتهم.
وبالمناسبة، ما يثير الاهتمام هو أنه لا يوجد وسط الجيل الشاب أي حماسة لرؤية “دولة فلسطينية ناقصة”، ويرى العديد منهم في رؤية الدولة الواحدة – أي الحصول على الجنسية الإسرائيلية – حلاً يمكن أن يساعدهم في إدارة شؤونهم وأن يخدم المصلحة الفلسطينية، طبعاً على الأمد البعيد. أخيراً، فإن ضعف الزعامة الفلسطينية والانقسام في صفوفها، لا يسمحان بالتأكيد باتخاذ قرارات جريئة، وخصوصاً الموافقة على تنازلات.
يمكن أن تنضم صفقة القرن الأميركية إلى خطط سابقة انتهت من دون تحقيق شيء. ومع ذلك، على إسرائيل ألاّ تظهر كأنها هي التي خذلت الرئيس الأميركي، ويتعين عليها أن تحاول استغلال الزخم الذي يمكن أن تولّده الخطة الأميركية من أجل الدفع قدماً بعلاقتها بالعالم العربي. وفي كلا الحالتين على السلام المنشود أن ينتظر.

المصدر: صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole