“صفقة القرن”: ضغط أميركي غير مسبوق على السلطة الفلسطينية

"صفقة القرن"
Spread the love

بقلم: يوني بن مناحيم – محلل سياسي إسرائيلي —

بالاستناد إلى مصادر رفيعة المستوى في الإدارة الأميركية، خطة السلام الجديدة للرئيس ترامب المسماة “صفقة القرن” قد أنجزت. مسؤولون كبار في الإدارة قالوا لمحطة “فوكس نيوز” في 11 شباط/فبراير أن الخطة تتضمن 175-200 صفحة، وأن أكثر من خمسة أشخاص لديهم إمكانية الوصول إلى النص الكامل، وأضاف هؤلاء: “الرئيس مسرور من أطر الخطة”.
في المقابل، الموفد الأميركي جيسون غرينبلات كذّب تقرير “الفوكس نيوز” وقال: “صحيح أن الخطة توشك على الانتهاء، لكننا لم نصل إلى هناك وسنواصل العمل عليها حتى نشرها”.
يبدو أن الإدارة الأميركية قد بدأت حالياً بتحرك دبلوماسي في محاولة للدفع قدماً بالخطة في الساحة الدولية والعالم العربي، وينوي الرئيس ترامب نشر الخطة مباشرة بعد الانتخابات في إسرائيل.
في تقدير مصادر سياسية رفيعة في القدس أن الخطة ستنشر كاملة فقط في أيار/مايو بعد تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل. وفي تقديرهم أن ترامب لا يريد نشرها قبل ذلك لأنها قد تؤثر على تركيبة الائتلاف الحكومي الذي سينشأ، بغض النظر عن الحزب الذي سيفوز في الانتخابات في إسرائيل.
من المتوقع أن يقوم جاريد كوشنير، صهر الرئيس ترامب وأحد مهندسي خطة السلام الجديدة، خلال مؤتمر وارسو بعرض صورة عن وضع خطة السلام، و”أين أصبحت الأمور”، وماذا تتوقع الإدارة الأميركية تحقيقه في الأسابيع والأشهر القادمة.
مصادر رفيعة في الإدارة الأميركية ذكرت أيضاً أن كوشنير سيزور المنطقة كي يناقش مع الزعماء العرب خطة السلام. وقال مصدر كبير في البيت الأبيض أن كوشنير سيزور السعودية، وعمان، ودولة اتحاد الإمارات، والبحرين، وقطر والمغرب، وسيطلع زعماء هذه الدول على مستجدات وضع خطة السلام ويطلب تأييدهم لها عند نشرها. رام الله وعمان ليستا على برنامج زيارة كوشنير بسبب المعارضة الشديدة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وملك الأردن الملك عبد الله لخطة السلام الأميركية.
بحسب مصادر فلسطينية رفيعة المستوى حاول حاكم عُمان السلطان قابوس المساعدة في الدفع قدماً بخطة السلام الأميركية الجديدة كي يكون في الإمكان إشراك السلطة الفلسطينية بالخطة التي تعارضها بشدة.
في 15 كانون الثاني زار عُمان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وسمع من السلطان قابوس أفكاراً خلاقة جديدة تتعلق بموضوعات جوهرية في النزاع مثل، القدس، المستوطنات واللاجئين.
لا تريد عُمان أن تتحول إلى وسيط بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، لكن تتمتع في الشرق الأوسط بمكانة “وسيط عادل”، وتحاول بواسطة تقديم أفكار الدفع قدماً بعملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين تساهم في تحقيق استقرار المنطقة.
يشعر الفلسطينيون بالقلق حيال تحرك الإدارة الأميركية القوي في الموضوع، وبالنسبة إليهم “صفقة القرن” خطة تهدف إلى تصفية المشكلة الفلسطينية. وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قال إن مؤتمر وارسو هو مؤامرة ضد الزعامة الفلسطينية، وإن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على الدول العربية كي توقف مساعدتها المالية للسلطة الفلسطينية، وتعمل لفرض حصار مالي على السلطة.
وتدّعي مصادر رفيعة المستوى في السلطة الفلسطينية أن الإدارة الأميركية تحاول خنق السلطة من الناحية الإقتصادية، وطلبت من مصارف أميركية مركزية في العالم عدم السماح بتحويلات مصرفية إلى حسابات السلطة الفلسطينية لإجبارها على القبول بالخطة الجديدة للرئيس ترامب.
في تقدير رئيس السلطة أن السعودية تستطيع منع نجاح الخطة الأميركية. لذلك سارع إلى مغادرة أديس بابا حيث كان يحضر نقاشات المؤتمر الأفريقي، متوجهاً إلى الرياض في السعودية للاجتماع مع الملك سلمان بن عبد العزيز، بهدف محاولة إيقاف تقدم الخطة الأميركية الجديدة والمحافظة على وضع القدس.
تزعم مصادر في السلطة الفلسطينية أن الملك سلمان صادر من وريث العهد محمد بن سلمان معالجة “صفقة القرن” الأميركية في أعقاب تورطه في قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي. وفي رأيهم أن الملك يدعم مئة في المئة الموقف الفلسطيني بشأن إقامة دولة مستقلة في حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية. وكان الملك قد ساهم مؤخراً بدفع مبلغ 150 مليون دولار إلى الوقف الإسلامي في القدس الشرقية، و50 مليون دولار أخرى لتمكين وضع القدس ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين. وبالاستناد إلى مصادر في “فتح” سيطلب رئيس السلطة مساعدة مالية كبيرة للسلطة كي يستطيع مواجهة الضغط الإقتصادي الأميركي.
أجَّل الرئيس ترامب نشر الخطة بصورة رسمية بقدر المستطاع جرّاء معارضة السلطة الفلسطينية ورئيسها القوية لها، لكنه بدأ يطبق عملياً أجزاء منها مثل إعلان القدس كعاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، والمس بوضع اللاجئين الفلسطينيين من خلال اضعاف الأونروا، واستخدام الضغط السياسي والاقتصادي على السلطة من أجل التخفيف من معارضتها على أمل أن توافق على مناقشتها.
يشاطر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس العاهل الأردني الملك عبد الله، الذي بحسب اتفاق السلام مع إسرائيل العائد إلى العام 1994 يتمتع بوضع الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، والذي يعارض بشدة توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، ويعمل الاثنان معاً لإحباط خطة السلام الأميركية الجديدة.
التقدير في العالم العربي أن الرئيس ترامب لن يستطيع أن يفرض على الفلسطينيين مناقشة خطته الجديدة ما دام الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ما يزال قائماً.
الناطق بلسان السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة قال في لقاء مع المراسلين الأجانب في رام الله في الأسبوع الماضي، إذا أيدت خطة السلام الأميركية قيام دولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل حرب الأيام الستة [حزيران/يونيو 1967] وعاصمتها القدس الشرقية، “سنكون مستعدين للجلوس وإجراء مفاوضات فوراً”.

المصدر: معهد القدس للشؤون العامة والسياسة الإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole