“حلف الناجين”: الاتفاق العسكري – التكنولوجي بين إيران وسورية

Spread the love

بقلم: أودي ديكل – باحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي |
وقّعت إيران وسورية هذا الأسبوع اتفاقاً لتوسيع التعاون العسكري – الأمني والتكنولوجي بينهما. الرئيس بشار الأسد التقى رئيس أركان الجيش الإيراني محمد حسين باقري الذي جاء إلى دمشق للتوقيع وبسط على الاتفاق رعايته. من الجانب السوري وقّع الاتفاق وزير الدفاع الجنرال علي أيوب. الاتفاق الذي يُعتبر استمراراً للاتفاقات السابقة بين الدولتين، هدفه تعزيز التعاون العسكري – الأمني، والتنسيق في مواجهة تحديات وتهديدات مشتركة، وكذلك تحسين وتعزيز قدراتهما الدفاعية. في الوقت عينه، يهدف الاتفاق إلى تبديد الشائعات بشأن ضعف العلاقات بين البلدين، ومصاعب إيران في تحمّل عبء المساعدة العسكرية – الأمنية لسورية في أعقاب العقوبات والضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة عليها.
مكوّن مركزي في الاتفاق، هو تعزيز المنظومة الدفاعية الجوية السورية. بالاستناد إلى رئيس الأركان الإيراني، فإن الهدف من تعزيز المنظومة الدفاعية الجوية السورية والتعاون العسكري فيما يتعلق بالموضوع بين سورية وبين إيران، هو تقليص حرية النشاط الجوي الإسرائيلي في سماء سورية، وأيضاً نشاط تركيا والولايات المتحدة. ناطق سوري رفيع المستوى أوضح أن سورية ستحصل على منظومة دفاع جوي من صنع إيران، وأيضاً على منظومات روسية اشترتها إيران. بالاستناد إلى تقارير من إيران، ستزود هذه الأخيرة سورية بمنظومة دفاع جوي متطورة: صواريخ أرض – جو من طراز Bavar-373 – وهي منظومة صواريخ أرض – جو طويلة المدى، نسخة إيرانية عن منظومة 300S- الروسية التي يبلغ مداها 250 كيلومتراً، وأيضاً منظومة خُرداد-3 لصواريخ أرض – جو ذات مدى متوسط يتراوح بين 50 و 70 كيلومتراً، بواسطتها أسقطت إيران طائرة استطلاع أميركية في حزيران/يونيو 2019. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إيران لتحسين أداء منظومة الدفاع الجوي السورية، وهي منظومات روسية تشغَّل بتوجهيات من مستشارين روس.
هناك تفسيرات ممكنة لتوقيت الاتفاق لا يستبعد بعضها الآخر:
رد على شائعات عن انسحاب القوات والعناصر والوكلاء الإيرانيين من سورية ومغادرتهم أراضيها بسبب الصعوبات التي تواجهها إيران في الصيانة، وفي دعم القوات جرّاء مصاعبها الاقتصادية، بالإضافة إلى مطالبة الولايات المتحدة وإسرائيل بإبعاد قوات إيران ووكلائها عن سورية. الاتفاق يعزز شرعية الوجود العسكري الإيراني في سورية، الذي طلبه نظام الأسد لمساعدته في معركته ضد خلايا المتمردين، وأيضاً ضد تدخل لاعبين أجانب (لم يدعهم النظام السوري “الشرعي”) في أراضي الدولة، أي إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا.
رد على العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية ضد نظام الأسد – بثينة شعبان المستشارة الإعلامية للرئيس الأسد أوضحت أن العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد النظام السوري – قانون “قيصر” – تشكل استمراراً للحرب على سورية، وعلى “محورالمقاومة”. وِأشارت شعبان إلى أن أمام سورية عدداً من الاحتمالات لـ”كسر” قانون “قيصر”، وتوقيع الاتفاق مع إيران، هو أولها. بحسب كلامها، ستعمل سورية على تعزيز التعاون مع دول “محور المقاومة” (نُشرت تقارير تحدثت عن إغراق السوق السورية ببضائع إيرانية) وعلى الانفتاح نحو الدول الشرق، بما في ذلك نحو الصين.
الاستعداد المشترك بين إيران وسورية قبيل مغادرة محتملة للقوات الأميركية من العراق وشرق سورية – هذا التطور من الممكن أن يتيح زيادة الهجمات الجوية الإسرائيلية على الحدود العراقية – السورية، بحسب تقدير دمشق وطهران. لذلك يبدو هناك حاجة إلى تعزيز المنظومة الدفاعية الجوية السورية في كل أنحاء سورية، التي هي غير ناجحة في اعتراض وإحباط هجمات سلاح الجو الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية إيرانية في الأراضي السورية.
نية إيرانية محتملة لبناء خيار لمهاجمة إسرائيل من الأراضي السورية أو عبرها – وذلك رداً على الهجمات الإسرائيلية على أرصدة إيرانية عسكرية. هذه المصلحة الإيرانية ازدادت في أعقاب الانفجار في منشأة تركيب أجهزة الطرد المركزي المتطورة في نتانز في 2 تموز/يوليو، المنسوب إلى إسرائيل. قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قآاني هدد علناً هذا الأسبوع بأن “أياماً صعبة في انتظار إسرائيل والولايات المتحدة، وحوادث قاسية جداً ستقع لهما”. من هنا الحاجة العملانية الإيرانية إلى تقوية الغطاء الدفاعي الجوي الذي يفصل بين إسرائيل وإيران لإحباط احتمالات هجوم جوي إسرائيلي، وربما أميركي، على طول المحور الممتد من لبنان، مروراً بسورية والعراق، وصولاً إلى إيران.
النية الأميركية للتحرك في مجلس الأمن لتمديد حظر بيع السلاح من إيران وإليها – في نهاية حزيران/يونيو ألحّت الولايات المتحدة في مجلس الأمن على تمديد قرار منع بيع منظومات سلاح إلى إيران وتصدير السلاح منها، والذي من المنتظر أن تنتهي صلاحيته في تشرين الأول/أكتوبر المقبل. من المحتمل أن إيران تسعى لفرض وقائع في هذا المجال، بواسطة اتفاق عسكري – أمني – تكنولوجي مع حليفتها الأقرب سورية.
تداعيات ودلالات

إيران، أحد الحلفاء الأساسيين للرئيس السوري بشار الأسد، أنكرت في الماضي أنها أرسلت قوات إيرانية للقتال في سورية، وزعمت أن لديها فقط مستشارين عسكريين هناك. هل ستتغير الراوية الإيرانية حالياً، وهل تنوي طهران فعلاً نشر بطاريات صواريخ أرض – جو متطورة تشغّلها طواقم إيرانية في سورية؟ إذا كان هذا ما سيجري، وستُنشر منظومات دفاع جوي من طراز Bavar-373 في سورية، كما هدد الناطق السوري الكبير، ستصبح الطائرات الإسرائيلية مهددة منذ إقلاعها من المطارات في عمق إسرائيل.
بالنسبة إلى الرئيس الأسد، فقد حرص حتى الآن على المناورة بين روسيا وإيران في مجال المساعدة العسكرية – في بناء القوة العسكرية السورية وتشغيلها – وذلك من خلال الامتناع من منح أي من الطرفين مكانة رفيعة ونفوذاً كبيراً. يشيرالاتفاق العسكري – الأمني مع إيران إلى أنه يفضل التحالف العسكري معها على التحالف مع روسيا. لذا، وبالاستناد إلى الاتفاق، وعلى خلفية التوترات بين إيران وروسيا، ستحظى إيران بمكانة متقدمة على صعيد النفوذ السياسي في سورية، كما في بناء وتشغيل منظومات الأمن السورية.
في خلفية هذه الأمور، يجب أن نأخذ في الحسبان ثلاث مسائل تقلق الرئيس السوري في هذه الأيام: الأولى إشاعات فقدانه حظوته في نظر روسيا ورغبته في أن يلمّح للروس إلى أن لديه ركيزة بديلة؛ الثانية، روسيا التي تتلكأ في السماح للطواقم السورية بتشغيل منظومات الدفاع الجوي 300S-، وتسمح لإسرائيل، وأيضاً لتركيا، بالتحرك بحرية في مجالات سورية؛ والثالثة، ضرورة إيجاد رد على الضغوطات الخارجية عليه – استمرار وجوده في قصره في دمشق مشروط بإبعاد القدرات العسكرية الإيرانية عن الأراضي السورية واستعداده للبحث في إصلاحات دستورية في إطار عملية جنيف.
في صراعه على البقاء في النقطة الزمنية الحالية، يربط الأسد مستقبله بمستقبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تواجه قيادتها تحديات داخلية وخارجية وتخوض هي نفسها معركة على بقائها.

المصدر: مجلة مباط عال الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

Optimized by Optimole