حركة كماشة لتفكيك الديمقراطية

Spread the love

بقلم: تسيبي ليفني – عضو كنيست من “المعسكر الصهيوني” وزعيمة حركة “هتنوعا” —

•قانون التجاوز ((override bill [ هو الذي يسمح للكنيست بالموافقة على قانون أبطلته محكمة العدل العليا إذا حصل على أغلبية 61 عضو كنيست] لم يصبح قانوناً بعد. يجب ألاّ يغرينا النقاش بشأن عدد أعضاء الكنيست المطلوب لحرمان مواطني الدولة حقوقهم دون أن تستطيع محكمة العدل العليا التدخل. ما يجري الحديث عنه هو عملية شاملة لتفكيك الديمقراطية الإسرائيلية من أساسها. هذه الخطوات الخطرة هي مصلحة مشتركة بين حزب البيت اليهودي، الذي تقف محكمة العدل العليا في طريقه من أجل شرعنة المستوطنات غير الشرعية، ومن أجل الضم ودولة واحدة لا يوجد فيها مساواة، وبين رئيس الحكومة الضعيف، المشتبه به جنائياً، الذي يتملق قاعدته السياسية بواسطة تشريعات تمييزية وقومية، من أجل مصلحة شخصية: تدمير جهاز القضاء وتطبيق القانون في إسرائيل.

•إن حركة الكماشة المتمثلة في إقرار قانون القومية، الذي يتضمن بصورة مقصودة حذف كلمتيْ “يهودية وديمقراطية” ورفض أن يتضمن كلمة “مساواة”، كما ترد في وثيقة الاستقلال، وعبر قانون التجاوز، تغيّر بصورة جوهرية المنظومة القيمية – القانونية لدولة إسرائيل. وعند انطباق فك الكماشة تستطيع أي حكومة حرمان مواطنين وجماعات حقوقاً أساسية، من خلال إبقائهم من دون عنوان يمكنهم التوجّه إليه بطلب دفاع، أي محكمة العدل العليا.

•ثلاث سنوات من الضرر الكبير الذي لحق برسمية الدولة، جرّاء قوانين كم الأفواه، وشرعنة أفعال غير قانونية بواسطة قانون شرعنة المواقع الاستيطانية غير القانونية، والتعرض لوسائل الإعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان لا تترك مجالاً للشك. المقصود هو تعبيد الطريق أمام مزيد من قوانين الضم، والقمع، و”القانون الفرنسي” [الذي يحظر ملاحقة رئيس الحكومة قضائياً] وكل ما هو مطلوب من أجل إبقاء بنيامين نتنياهو في السلطة والدفع قدماً بأجندة حزب البيت اليهودي.

•تصريحات حزب البيت اليهودي من نمط “يجب إرسال جرافة لهدم محكمة العدل العليا”، أو “الصهيونية لن تحني رأسها أمام منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان”، مهدت الطريق، وحالياً حتى المواطنين الذين يمكن أن يتضرروا من استبداد السلطة يؤيدون هذه الخطوة أو يقفون منها موقفاً لامبالياً.

•”الديمقراطية معناها أن الأغلبية هي التي تقرر، ” تشرح وزيرة العدل. لكن الديمقراطية هي منظومة قيم وحقوق يلتزم بها كل من اختارته الأغلبية. فقط في الأنظمة الاستبدادية لا قيود على السلطة. لقد عرف التاريخ دولاً وصل زعماؤها إلى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية وحولوا الديمقراطية إلى نظام توتاليتاري. إسرائيل لن تصبح مثلها.

•ونظراً إلى أن الحكومة تسيطر على الكنيست، إذا لم تُكبح هذه الخطوة ضد محكمة العدل العليا، سنبقى مع سلطة واحدة، هي الحكومة، ومع شخص واحد، هو رئيس الحكومة، الذي يفعل ما يشاء ويدفع لشركائه، الذين هم أقلية تستغل قوتها السياسية في الحكومة. اليوم هؤلاء هم الحريديم والمستوطنون، وغداً سيكون أي طرف آخر.

•مواطنو إسرائيل، بمن فيهم النساء، وأبناء الأقليات، والمثليون والمثليات، يدينون بحقوقهم لمحكمة العدل العليا. مهمة هذه المحكمة التحقق من أن قوانين الحكومة وأفعالها لا تعتدي على حقوق المواطنين. هذا هو معنى الرسمية. وسيادة القانون، التي دعا إليها بيغن: “جعل الحريات المدنية قانون أساس، وإعطاء الصلاحيات للقضاة لإبطال قانون يتعارض مع قانون أساس ويتعارض مع الحريات المدنية”.

•إن الذريعة التي تُستخدم للدفاع عن هذه القوانين الجائرة هي العرب والأجانب. إننا لا نقاتل من أجل محكمة العدل العليا، بل من أجل قيم الدولة ومن أجل مواطنيها، وكما قال بيغن: “يعلمنا التاريخ أنه ما دام النظام الاستبدادي لم ينجح في القضاء على القانون… وما دام يوجد مناخ عام يؤيد طهارة ضمير القاضي واستقلال القضاء، سيعرف القضاة كيف يقفون في وجه الحكام، ويفضلون ما تمليه عليهم ضمائرهم على ضغط السلطة”.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole