تعيين بينت: ليست الاعتبارات الأمنية هي التي وجهت نتنياهو بل بقاؤه السياسي

Spread the love

عاموس هرئيل – مراسل عسكري اسرائيلي/

في الأيام الأخيرة تصرّف نفتالي بينت كلاعب في منتخب كرة قدم، قبل لحظة من إغلاق نافذة التبديلات. من جهة، جرى نشر إشاعات عن مفاوضات أولية أجرتها بقايا كتلته وكتلة أييليت شاكيد بشأن الانضمام إلى حكومة أقلية برئاسة أزرق أبيض. ومن جهة أُخرى، حرص بينت على استخدام الإشاعة لرفع سعره في المفاوضات التي تهمه فعلاً، الانضمام إلى الليكود.
الضغط نجح: اقتنع نتنياهو بأن بينت يمكن أن ينضم إلى بني غانتس – وأعطاه وزارة الدفاع. هذا هو نفس المنصب الذي رفض نتنياهو بشدة أن يعطيه لبينت قبل عام، بعد استقالة أفيغدور ليبرمان من وزارة الدفاع (الخطوة التي، بدورها، سرّعت حصول الأزمة السياسية التي نحن عالقون بسببها وسط سلسلة لا تنتهي من المعارك الانتخابية).
دور الأيديولوجيا هنا ضعيف، هذا إن كان لها دور. أراد بينت البقاء في السياسة وفهم أن حظوظ نجاحه في انتخابات متوقعة، على ما يبدو في آذار/مارس المقبل، ضئيلة جداً. كذلك هو يحلم منذ وقت طويل بمنصب وزير دفاع. لم يكن يقدر موشيه يعلون بصورة خاصة، وبصورة أقل ليبرمان. وإذا كان في مقدور الاثنين الجلوس في مكتب الطابق الـ14 فإنه يستطيع ذلك أيضاً. وإذا كان من الضروري أن يغيّر إطاره السياسي للمرة الرابعة خلال عام، من أجل هذا الغرض، فإنه سيفعل ذلك، حتى لو كان الثمن تعزيز العلاقة مع نتنياهو، بعد كل الخلافات التي جرت بين الاثنين في السنوات الأخيرة.
لقد بلور نتنياهو وبينت صفقة مستهترة تقوم على المصلحة حتى بالمصطلحات المتطرفة للسياسة الإسرائيلية. فالتعيين هو في حكومة انتقالية، قام به رئيس حكومة لم يعد يملك تفويضاً بإقامة ائتلاف مقبل. الأسوأ من ذلك: جاء في بيان الليكود الصادر أول أمس أن بينت وافق في حال تشكيل نتنياهو حكومة على أن “يعيَّن شخص آخر في منصب وزير الدفاع”.
يبدو ذلك بمثابة إعادة لقضية تعيين ليبرمان الذي تهجم هو أيضاً على نتنياهو بانتظام، وعيّنه نتنياهو في المنصب في أيار/مايو 2016. من الصعب، وتقريباً من المستحيل، التخلص من الانطباع أن الاعتبار الوحيد الذي كان يهم نتنياهو هو ذلك المتعلق بزيادة فرص بقائه شخصياً- من خلال تقليص إمكان تأليف حكومة أقلية برئاسة أزرق أبيض.
في أي حال، سيكون على بينت القيام بمهمة وزير الدفاع حتى حزيران/ يونيو المقبل. وذلك على افتراض إجراء الانتخابات في حزيران/يونيو، وأيضاً بعدها يمر شهران – ثلاثة حتى تتألف في النهاية حكومة ثابتة. هذه الفترة ستكون كافية لوضع صورته على المدخل المؤدي إلى مكتبه إلى جانب وزراء الدفاع الذين سبقوه في المنصب.
ماذا سيفعل بينت في هذا الوقت؟ هذا سؤال آخر. لمصلحة بينت سيقال إنه يعرف كعضو في المجلس الوزاري المصغر التعبير أحياناً عن شكوكه إزاء التفسيرات التي عرضها كبار مسؤولي الجيش، وإزاء المطالب المالية التي طرحوها. لقد كان بين القلائل من أعضاء الطاقم الذين أيدوا زيادة الرقابة على المؤسسة الأمنية، وطالبوا بالحصول على مزيد من المعلومات الاستخباراتية قبل جلسات حاسمة. أيضاً في قضية معالجة أنفاق “حماس” في عملية الجرف الصامد في صيف 2014، كشف بينت مسبقاً الإخفاقات في سلوك القيادة الأمنية التي كانت مؤلفة في ذلك الوقت من الثلاثي نتنياهو- يعالون- غانتس، وضغط من أجل القيام بعمليات أكثر حزماً ، وتدمير الأنفاق.
مع ذلك، أظهر بينت توجهاً شعبوياً في الخلافات بشأن سياسة استخدام النار وأوامر فتح النار في الجيش الإسرائيلي. لم يجر هذا فقط في قضية إليؤور أزريا (ليبرمان عشية انضمامه إلى الحكومة انتهج خطاً أكثر تشدداً منه)، بل في قول بينت الواضح قبل سنة، إن جنود الجيش الإسرائيلي يخافون من النيابة العامة العسكرية أكثر مما يخافون من يحيى السنوار”زعيم “حماس”.
بالنسبة إلى كبار مسؤولي الجيش تنتظرهم مرحلة صعبة، أقل ما يقال. هذه هي المرة الثانية التي يكون فيها وزير الدفاع أصغر سناً من رئيس الأركان (بينت في الـ47 من العمر، أفيف كوخافي في الـ55)، الذي يكون لأول مرة أيضاً أصغر من كل رؤساء الأركان. مع ذلك، في الحقيقة يدخل بينت إلى منصبه مع خلفية عسكرية أكثر بقليل من سابقيه، من بينهم ليبرمان وعمير بيريتس.
كوزير موقت، يتسلم منصبه في ظروف حرجة، من المعقول أن يواجه بينت عدة اختبارات في القيادة. كوخافي، الرجل الذي سيحتاج إلى العمل معه عن قرب، راكم حتى الآن تجربة محدودة نسبياً في المناورة في مواجهة المستوى السياسي. مشكلة كوخافي الأساسية هي – عرقلة الميزانية الأمنية التي تجمّد بصورة عميقة الخطة المتعددة السنوات التي بلورها الجيش – بينت والحكومة الانتقالية لا يستطيعان حل مشكلته.
في موازاة ذلك، سيكون للوزير الجديد ورئيس الأركان كثير من المناسبات لبحث مختلف الموضوعات ومناقشتها، بدءاً من الجنود الذين ارتكبوا تجاوزات في المناطق [المحتلة]، وصولاً إلى سياسة الرد المطلوب في القطاع.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole