تحدي ذكرى النكبة: “حماس” تحاول خلق موجة ضغط إقليمي

Spread the love

بقلم: يوني بن مناحيم – مستشرق وباحث إسرائيلي في معهد القدس للشؤون العامة والسياسة —

•14 أيار/مايو، كان اليوم الأكثر عنفاً في قطاع غزة منذ عملية “الجرف الصامد” التي وقعت قبل أربع سنوات، وقُتل خلالها بضع عشرات من الفلسطينيين، وجُرح أكثر من ألف في مواجهات مع قوات الجيش الإسرائيلي على السياج الحدودي مع إسرائيل. خلال شهر ونصف الشهر قادت حركة “حماس”، بإيحاء من إيران وبتمويلها، “حملة مسيرة العودة”، التي ستبلغ ذروتها خلال يومي 14 أيار/مايو، يوم انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، واليوم 15 أيار/مايو، ذكرى “يوم النكبة” الفلسطينية. ولقد وصف يحيى السنوار زعيم “حماس” في القطاع هذين اليومين “بأيام حاسمة في التاريخ الفلسطيني”.

•ولاية الرئيس ترامب ستسجَّل ككارثة في التاريخ الفلسطيني. فخلالها أعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وأزالها عن طاولة المفاضات، ونقل إليها سفارة الولايات المتحدة، وبدأ خطوات هدفها لجم “حق عودة” اللاجئين الفلسطينيين. وبالإضافة إلى ذلك، خفّض ميزانية الأونروا، وبدأ اتصالات بالزعماء العرب من أجل توطين اللاجئين الفلسطينيين في الأماكن التي يقيمون بها في الدول العربية.

•بالنسبة إلى الفلسطينيين، أعلن ترامب حرباً على “الخطوط الحمراء التي وضعها الفلسطينيون، والتي هي بمثابة “خطوط مقدسة”، ليس في إمكان أي زعيم فلسطيني التنازل عنها. لقد خرّب ياسر عرفات قمة كامب ديفيد [تموز/يوليو 2000] بسبب عدم استعداده للتساهل في هذه الخطوط، وكاد أبو مازن أن يستقيل من الساحة السياسية الفلسطينية من دون التنازل عنها. وسيبقى الفلسطينيون يتمسكون بحلم المحافظة على “الخطوط الحمراء” لكن من دون التوصل إلى حل.

•يوم الاحتجاج الفلسطيني على انتقال السفارة الأميركية إلى القدس تحوّل إلى يوم دموي، لأن زعامة “حماس” حاولت تسهيل تسلل مئات الفلسطينيين إلى داخل أراضي إسرائيل وتنفيذ هجمات ضد مدنيين وجنود. لقد تصرفت القوى الأمنية كما يجدر بها أن تتصرف من أجل الدفاع عن دولة إسرائيل، والادعاء الفلسطيني بأن ما يجري هو “مذبحة” غير صحيح. منذ أشهر تحذر إسرائيل الفلسطينيين من الاقتراب من السياج الحدودي وعدم محاولة التسلل إلى أراضيها.

•كل شيء كان واضحاً، لكن زعامة “حماس” تجاهلت ذلك. وأرادت سقوط عدد كبير من المصابين كي تُحدث ضجة دولية ومن أجل طرح المشكلة الفلسطينية على جدول الأعمال الدولي.

•من المفترض أن يشهد اليوم “يوم النكبة” ذروة حملة “مسيرة العودة”. على الرغم من أن “حماس” تريد تمديد الفعاليات حتى الخامس من حزيران/يونيو “يوم النكسة” (بدء حرب الأيام الستة سنة 1967).

•اليوم ستحاول “حماس” دفع أكبر عدد من سكان القطاع إلى التظاهر وإظهار قوة استثنائية غير مسبوقة ضد جنود الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي من المتوقع أن يؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من الجانب الفلسطيني. زعامة “حماس” تُضلل سكان القطاع، وهي تعلم جيداً أن “مسيرة العودة” لن تؤدي إلى إلغاء اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ولن تعيد السفارة الأميركية إلى تل أبيب. وهي تعلم أيضاً أن تحقيق “حق العودة” هو أمر غير واقعي، لأنه وصفة لتدمير دولة إسرائيل. لذا، المسيرة هي مناورة دعائية فلسطينية وعرض قوة حماسي – إيراني، هدفه الفعلي هو كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 11 عاماً.

•تريد زعامة “حماس” أن تخلق بواسطة “هزة أرضية” أمنية موجة ضغط إقليمي تزعزع الاستقرار في مصر وفي الأردن، وتؤدي إلى خلق تخوف في إسرائيل من انفجار كبير في القطاع يدفع المجتمع الدولي إلى إجبار إسرائيل على رفع الحصار.

•في هذه الأثناء، لم تنجح “حماس” حتى الآن في تحقيق ذلك. لقد جرى الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل من جانب الولايات المتحدة، وقريباً ستحذو حذوها دول أُخرى، ولن تستطيع “حماس” إعادة العجلة إلى الوراء. في المقابل نجح الجيش الإسرائيلي في كبح محاولة التسلل إلى إسرائيل وتنفيذ هجمات خلال “مسيرة العودة”. وهذا إنجاز كبير. لكن التحدي الكبير هو المتوقع اليوم في “يوم النكبة”، حين ستحاول “حماس” بالتأكيد تسجيل أهداف لم تنجح حتى الآن في تحقيقها.

المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole