انتصار نتنياهو: انتصار لثقافته وأسلوبه في الحكم

انتصار نتنياهو: انتصار لثقافته وأسلوبه في الحكم
Spread the love

افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية —

انتخابات الكنيست لم يعتبرها، سواء اليمين أو اليسار، صراعاً أيديولوجياً بين معسكرين بشأن قضايا ملتهبة مطروحة على جدول أعمال دولة إسرائيل، بل استفتاء على حكم بنيامين نتنياهو. وفعلاً حرصت قائمة أزرق أبيض، البديل المركزي من نتنياهو، على ميوعة أيديولوجية، بحيث يستطيع أن يجد فيها معارضو نتنياهو من اليمين واليسار بيتهم السياسي. ويتضح من نتائج الانتخابات أن أغلبية الناخبين صوتت لمصلحة استمرار حكم نتنياهو. لكن ليس نتنياهو وحده الذي فاز، بل أيضاً الثقافة والأسلوب وقيم الحكم التي يعرفها الجمهور جيداً بعد عشر سنوات من حكم متواصل وتراكُم 13 عاماً – لقد انتصرت”البيبية”.
لقد انتصر نتنياهو على الرغم من حقيقة أن فوق رأسه سحابة قرار المستشار القانوني للحكومة بإحالته على المحاكمة في ثلاثة ملفات، مع مراعاة عقد جلسة استماع له [بعد الانتخابات]، بتهمة الرشى، والاحتيال وانتهاك الثقة. انتصر نتنياهو على الرغم من معرفة الجمهور أن السبب الوحيد الذي جرّ الدولة من أجله إلى انتخابات هو محاولة عرقلة صدور قرار المستشار القانوني بشأنه. انتصر نتنياهو على الرغم من أنه كان واضحاً للجميع أن الائتلاف الذي سيشكله سيستخدم صلاحيات التشريع التي يملكها بصورة سيئة، وسيحاول تمرير قوانين كل هدفها منع إحالته على المحاكمة. في مثل هذه الحالة فإن انتصاره هو انتصار البيبية التي لا تميز بين مصلحة الدولة وبين مصلحة نتنياهو.
أيضاً الثقافة الحكومية والرسمية لنتنياهو التي لا كوابح لها انتصرت: وصم الأقليات والمعارضة بأنها طابور خامس، الملاحقات السياسية، الأكاذيب والتحريض. انتصرت أيضاً طريقة سلوكه الذي لا يعرف موانع أو قيود، ولا يتوانى لحظة عن تشويه سمعة كل من يهدد حكمه – سواء أكان رئيس أركان سابق تجرأ على منافسته في الانتخابات، أم موظفون ومسؤولون رسميون قاموا بعملهم بنزاهة، مثل المفوض العام للشرطة المنتهية ولايته روني ألشيخ، ومدعي عام الدولة شاي نيتسان، والمدعية العامة ليئات بن – آري، ورئيس الدولة.
انتصار نتنياهو هو بمثابة إعطاء ضوء أخضر لمواصلة الهجوم على مؤسسات الحكم، والمس بالتوازن القائم بين السلطات وإضعاف لحراس الأسوار، ومواصلة تقويض أحجار الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية في دولة إسرائيل. انتصاره هو إقرار من جديد لقانون القومية الذي محا مبدأ المساواة ورسّخ مكانه مبدأ التفوق اليهودي والدونية العربية.
انتصاره هو تخلٍّ عن السلام، وخضوع للمستوطنات، والتخلي عن حل الدولتين الذي يستند إلى تقسيم البلد، وتبني رؤية الضم. إنه انتصار التطرف على الاعتدال. يجب ألاّ تؤدي نتائج الانتخابات إلى تثبيط عزيمة ملايين الإسرائيليين الذين قالوا “لا” لنتنياهو. على هؤلاء أن يشمروا عن سواعدهم وينظموا أنفسهم سياسياً لمواصلة صراعهم المصيري ضد نتنياهو والبيبية.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole