الفائز الثاني في الانتخابات – لبيد

Spread the love

بقلم: ألوف بن – رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية–
بنيامين نتنياهو فاز في الانتخابات، لكن إلى جانبه برز أيضاً سياسي حقق إنجازاً شخصياً مذهلاً ودفع بنفسه قدماً في السباق المستقبلي على زعامة الدولة، وهو يائير لبيد. موافقته على التنازل عن رئاسة [القائمة الانتخابية]، ودمج حزب يوجد مستقبل مع حزب بني غانتس الجديد، وأن يكون الرقم الثاني في قائمة أزرق أبيض، يمكن أن يتضح أنه القرار الأكثر نجاحاً في مسيرته السياسية. صحيح أن الحملة التي خاضها فشلت، والمشروع الطموح لتحدي نتنياهو على رئاسة الحكومة قد فشل، لكن هذا الفشل مسجّل باسم غانتس. لقد برز لبيد في صورة السياسي صاحب الخبرة بين جنرالات أزرق أبيض، وبدا من وعده “بتنغيص حياة نتنياهو في المعارضة” أنه قد فكر بسرعة في مسار جديد.
لبيد يريد بكل قوته أن يصبح رئيساً للحكومة. لكن تجربته العسكرية الضحلة كمراسل عسكري في مجلة “بمحانيه” كانت حتى اليوم ضده، واستخدمها نتنياهو للتهجم عليه مراراً في حملته، وللسخرية من طموحاته. جميع استطلاعات الرأي أظهرت أن الجمهور لا يرى فيه مرشحاً مساوياً لنتنياهو. لبيد استوعب الرسالة ووافق على أن يضع فوقه وحوله ثلاثة رؤساء أركان سابقين، وتحتهم عدد من الألوية وكبار مسؤولي الموساد وغيرهم. وسرعان ما تبين أن البضاعة العسكرية لها قوة جذب محدودة، وأن الرتب العسكرية مهما كانت عالية غير كافية لإيجاد سلطة أمنية وسياسية تستطيع أن تواجه مهارة نتنياهو الدبلوماسية المذهلة وارتداعه المثبت عن الحروب والجنازات العسكرية. الأمل بنجاح تجنيد قدامى المؤسسة الأمنية من أجل تحطيم حكم اليمين تبدد في 9 نيسان/ أبريل.
تحمل هذه النتيجة أملاً للبيد بمرحلة ما بعد نتنياهو. صحيح أن السجل العسكري للذين يطمحون إلى الوصول إلى رئاسة الليكود مثل يسرائيل كاتس (قائد فصيلة في المظليين) وجدعون ساعر (جندي في غولاني) أكثر حربية منه، لكنه لا يحولهما إلى خبراء أمن أو أبطال حرب من نوع أريئيل شارون. ساعر وكاتس سياسيان مدنيان مثل لبيد، والأخير يتفوق عليهما بالكاريزما، وبمهارته في الظهور أمام الجمهور وفي التلفزيون، وفي كتابة تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الولاية السابقة لنتنياهو بقي لبيد في المعارضة، بينما ظل المعسكر الصهيوني برئاسة يتسحاق هرتسوغ يطرق أبواب حكومة نتنياهو من دون جدوى، إلى أن تحطم وتناثر شظايا. الحياة البرلمانية أضجرت زعيم يوجد مستقبل الذي قلما شوهد في اجتماعات الكنيست وفي اللجان، وبرز في حملات دعاية لا ضرورة لها في الخارج وفي تقربه الفاشل من المتدينين. لقد نجح في ظهوره العلني في أنحاء البلد، وفي المحافظة على آليات حزبه وعلى طاعة أعضاء حزبه في الكنيست له.
ويسجَّل لمصلحته تصويت حزب يوجد مستقبل ضد قانون القومية. وأكثر من كل شيء جلوسه في المعارضة سمح له بتقديم بديل من سلطة نتنياهو ورفع تمثيل يوجد مستقبل من 11 عضو كنيست إلى 35 عضواً في أزرق أبيض في الكنيست الجديد. لو انضم إلى الحكومة قبل 4 سنوات، لكان من الصعب أن يُنظر إليه كبديل – توليه وزارة المال في الحكومة السابقة أضر به كثيراً.
التحدي الحالي الذي يواجهه لبيد سيكون في الصمود في وجه إغراءات نتنياهو والضغوط التي يمارسها الآخرون من دعاة الخير للانضمام إلى حكومة وحدة، والتمسك بوعده بأن يكون معارضة مقاتلة. من الأفضل أن يصر على ذلك حتى لو اضطر إلى الانفصال بسلام عن غانتس. إن جدول العمل الذي قدمه يوم السبت على الفايسبوك – محاربة الفساد، والدفاع عن المحاكم، الصراع مع الحريديم، محاربة “حماس”، واحتضان يهود أميركا، رفع مخصصات المعاقين وكبار السن، دفع تعويضات بطالة ومرض للعاملين المستقلين، تقليص المخصصات للمستوطنات المعزولة – يمكن أن يوفر له عملاً كاملاً في الولاية المقبلة. وإذا أظهر اجتهاداً وجدية وإصراراً، يمكن أن يكون له مستقبل.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole