التهديد الإيراني في سورية: ما مدى شدّته؟

Spread the love

بقلم: أودي دِيكل، مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي – عميت فالنسي، باحثة في المعهد نفسه —

•مع نشوب الحرب الأهلية في سورية وقفت إيران إلى جانب الرئيس بشار الأسد. وكلما مر الزمن وتزايدت التهديدات على استقرار نظام الأسد، تعمق التدخل الإيراني في الحرب. واستُقدمت إلى ميدان المعركة ميليشيات شيعية مؤلفة من أجانب (عراقيين وأفغان وغيرهم) وأيضاً من حزب الله، كلهم بتوجيه من طهران – بالإضافة إلى وحدات من الحرس الثوري والجيش الإيراني. وشكلت القوات العسكرية الدائرة في فلك إيران أساس القوة العسكرية المقاتلة البرية في الائتلاف المؤيد للأسد الذي تبلور بقيادة روسيا في خريف 2015.
•يُقدر حالياً عدد المقاتلين في الميلشيات الشيعية بنحو 20 ألفاً. ويقدر عدد المقاتلين الإيرانيين في سورية بنحو ألف مقاتل، لكن النفوذ الإيراني السياسي والعسكري واسع وشامل. وتتركز مصالح إيران في سورية في المحافظة على استقرار نظام الأسد، حليف طهران الاستراتيجي، وفي إنشاء ممر لوصول الامدادات إلى حزب الله في لبنان. وتتطلع إيران إلى جعل الحيز السوري قلب “الهلال الشيعي” الخاضع لنفوذها والممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت وساحل البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت عينه، تسعى إيران إلى استخدام إنجازاتها ونفوذها في سورية من أجل تسليط الضوء على قوتها في مواجهة إسرائيل، وتوسيع منطقة الاحتكاك معها وزيادة التهديد إزاءها.
•تنظر إسرائيل بقلق إلى التمركز الإيراني في سورية. وعلى أساس تدخل إيران العسكري إلى جانب روسيا، احتلت إيران مكاناً مركزياً في محاولات الدفع قدماً بعمليات التسوية في سورية، وقُبلت في الساحة الدولية كطرف شرعي بين القوى المؤثرة على مستقبل سورية. وفي تقدير إسرائيل أن تسويات وقف إطلاق النار وإقامة مناطق تهدئة خاصة في جنوب سورية، ستمنح إيران والتنظيمات الدائرة في فلكها موقعاً على الأرض بالقرب من حدودها في هضبة الجولان.
•في القدس لا يكتفون بتعهدات روسيا بإبعاد القوات الشيعية التابعة للقيادة الإيرانية عن هضبة الجولان، وقد أعلنت إسرائيل أنها لن تقبل بأي وجود عسكري لإيران وللتنظيمات الدائرة في فلكها في سورية. وذهب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى لقاء عاجل مع الرئيس بوتين في سوتشي (في 23 آب/أغسطس) للتعبير عن معارضة إسرائيل لنتائج اتفاق وقف إطلاق النار. والرسالة الإسرائيلية هي أنه إذا تحققت المخاوف بشأن وجود إيراني بالقرب من حدود إسرائيل، فإن هذا يمكن أن يغير سياسة “الوقوف على الحياد” التي انتهجتها إسرائيل منذ العام 2011، ويدفعها إلى التدخل بصورة فاعلة بما يجري في جنوب سورية.
•إن السعي الإيراني نحو زيادة نفوذها الإقليمي يقلق إسرائيل من عدة نواح، وأهمها التهديد الإيراني في الجبهة الشمالية. في الحلقة الأولى في جنوب سورية يمكن أن تنشر إيران التنظيمات الدائرة في فلكها، وعلى رأسها حزب الله إلى جانب ميليشيات شيعية، تحت غطاء التعاون مع الجيش السوري الموالي للرئيس الأسد، على مسافة تسمح بوصول سريع إلى منطقة الحدود في هضبة الجولان. وتنشأ بذلك جبهة إضافية في المواجهة المحتملة بين حزب الله وإسرائيل، بموازاة الجبهة اللبنانية، وهذا تطور تريد إسرائيل منعه. وفي الحلقة الثانية، تعمل إسرائيل بصورة دائمة لكبح تعاظم القوة العسكرية لحزب الله في سورية ولبنان، ولا سيما بعد تزود حزب الله من إيران بآلاف الصواريخ والقذائف وبطائرات من دون طيار قادرة على إلحاق الضرر بالجبهة الخلفية الاستراتيجية والمدنية في دولة إسرائيل. ويسمح الوجود الإيراني في سورية بوصول مباشر ومريح لمساعدة حزب الله، مما يزيد من التهديد المباشر إزاء إسرائيل. بالاضافة إلى ذلك، يبرز التخوف من أنه بعد استقرار الوضع في سورية، ستتقلص حرية التحرك الإسرائيلي ضد شحنات السلاح الموجهة إلى حزب الله عبر الأراضي السورية.
•الحلقة الثالثة والأوسع هي ترسيخ هيمنة إيرانية في سورية كلها، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال عدد من مستويات التدخل: 1- تحويل سورية إلى مركز لوجستي إيراني مدعّم بواسطة ممر وإمداد بري وجوي عبر العراق، ويشمل بنية تحتية لإنتاج سلاح، ودعماً لوجستياً وكذلك تسليح التنظيمات الدائرة في فلك إيران في المنطقة؛ 2- إقامة “حزب الله سورية” بما يشبه نموذج حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية الشعبية في العراق. وذلك من خلال دمج الوحدات العلوية المحلية بميليشيات المتطوعين الشيعة الأجانب (عراقيون وأفغان). وتكون مهمة هذه القوات الدفاع عن النظام وعن الأرصدة الإيرانية في سورية، بالإضافة إلى تهديد إسرائيل. والاحتمال الذي يجري بحثه مؤخراً هو تشكيل وحدات من المتطوعين لتحرير هضبة الجولان، تقوم بعمليات حرب عصابات عسكرية في الحدود، وتزعزع استقرار الأردن، وتفتح جبهة سورية في سيناريو نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان؛ 3- تحويل سورية إلى نوع من دولة تحت الوصاية الإيرانية. ومن خلال عملية بطيئة وتدريجية توجد إيران لنفسها نفوذاً شاملاً في مختلف أرجاء سورية وتعزز التواصل بين “الهلال الشيعي” بواسطة أرصدة وحوافز سياسية، واقتصادية، واجتماعية- ديمغرافية. وسيوسع هذا الوضع من حيز الاحتكاك في مواجهة إسرائيل ويتيح استخدام مجموعة تهديدات تتضمن قدرات من سيناريوات 1 و2.
•في محاولة لتقدير إمكانية حدوث السيناريوات التي وصفناها سابقاً، يجب الأخذ في الاعتبار مجموعة اعتبارات ومقيّدات ستؤثر على حجم وطبيعة تدخل إيران في سورية. أولاً، توجد أهمية كبيرة للعلاقات مع روسيا، وللتنافس بينهما على السيطرة على الحيز السوري. وستحرص إيران على عدم الدخول في مواجهة مع روسيا لأن الضرر المحتمل عليها من هذه المواجهة أكبر بكثير من الضرر المباشر المتعلق بتقليص نفوذها في سورية؛ ثانياً، تتخوف إيران من مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة؛ ثالثاُ، يجب الأخذ في الحسبان الإرادة الإيرانية بالامتناع عن المواجهة مع إسرائيل في الوقت الحالي، لأن هذا لا يخدم مصالحها الأخرى، مثل الدفاع عن البنية التحتية النووية؛ رابعاً، المعارضة المتوقعة من جانب دول المنطقة (تركيا ، والسعودية، والأردن، وحتى العراق (حيث النفوذ الإيراني قابل لأن يتزعزع) للهيمنة الإيرانية في سورية وخطر الدخول في نزاع معها؛ خامساً، تعاظم المعارضة الداخلية في سورية من جانب السكان السنة وتنظيمات المتمردين للوجود الإيراني ولتزايد نفوذ إيران في أراضي الدولة؛ في الختام، من وجهة نظر إيرانية داخلية ينطوي “ملف سورية” على حساسية كبيرة لأن الموارد التي يمكن توظيفها في مشروع إعادة بناء سورية محدودة. بالإضافة إلى ذلك، تُسمع في إيران انتقادات للتدخل في سورية ويمكن أن تزداد إذا وقعت خسائر جديدة في الأرواح وإذا فرضت عقوبات دولية ضدها. بناء على ذلك، من الصعب افتراض أن لدى إيران خطة متبلورة للسيطرة على سورية وتحويلها إلى “دولة تحت الوصاية” بكل معنى الكلمة. ويبدو أنه على المستوى العملي والمباشر، من مصلحة إيران عدم إبراز وجود قواتها وقدراتها العسكرية في سورية، وتفضّل دمجها في الجيش السوري وفي البنى التحتية الأمنية الموجودة في الدولة.
•مع نشوب الحرب الأهلية في سورية وقفت إيران إلى جانب الرئيس بشار الأسد. وكلما مر الزمن وتزايدت التهديدات على استقرار نظام الأسد، تعمق التدخل الإيراني في الحرب. واستقدمت إلى ميدان المعركة ميليشيات شيعية مؤلفة من أجانب (عراقيين وأفغان وغيرهم) وأيضاً من حزب الله، كلهم بتوجيه من طهران- بالاضافة إلى وحدات من الحرس الثوري والجيش الإيراني. وشكلت القوات العسكرية الدائرة في فلك إيران أساس القوة العسكرية المقاتلة البرية في الائتلاف الموالي للأسد الذي تبلور بقيادة روسيا في خريف 2015.
•يُقدر حالياً عدد المقاتلين في الميلشيات الشيعية بنحو 20 ألفاً. ويقدر عدد المقاتلين الإيرانيين في سورية بنحو ألف مقاتل، لكن النفوذ الإيراني السياسي والعسكري أوسع وأشمل. وتتركز مصالح إيرن في سورية على المحافظة على استقرار نظام الأسد، حليف طهران الاستراتيجي، وعلى إنشاء ممر لوصول الامدادات إلى حزب الله في لبنان. وتتطلع إيران إلى جعل الحيز السوري في قلب “الهلال الشيعي” الخاضع لنفوذها والممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت وساحل البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت عينه، تسعى إيران إلى استخدام إنجازاتها ونفوذها في سورية من أجل تسليط الضوء على قوتها في مواجهة إسرائيل، وتوسيع منطقة الاحتكاك معها وزيادة التهديد إزاءها.
•تنظر إسرائيل بقلق إلى التمركز الإيراني في سورية. وعلى قاعدة تدخل إيران العسكري إلى جانب روسيا، احتلت إيران مكاناً مركزياً في محاولات الدفع قدماً بعمليات التسوية في سورية، واستقبلت في الساحة الدولية كطرف شرعي بين القوى المؤثرة على مستقبل سورية. وفي تقدير إسرائيل أن تسويات وقف اطلاق النار وإقامة مناطق تهدئة خاصة في جنوب سورية، ستمنح إيران والتنظيمات الدائرة في فلكها موقعاً على الأرض بالقرب من حدودها في هضبة الجولان.
•في القدس لا يكتفون بتعهدات روسيا بإبعاد القوات الشيعية التابعة للقيادة الإيرانية عن هضبة الجولان، وقد أعلنت إسرائيل أنها لن تقبل بأي وجود عسكري لإيران وللتنظيمات الدائرة في فلكها في سورية. وذهب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى لقاء عاجل مع الرئيس بوتين في سوتشي (في 23 آب/أغسطس) للتعبير عن معارضة إسرائيل لانعكاسات اتفاق وقف إطلاق النار. والرسالة الإسرائيلية هي أنه إذا صدقت المخاوف بشأن وجود إيراني بالقرب من حدود إسرائيل، فإن هذا يمكن أن يغير سياسة “الوقوف على الحياد” التي انتهجتها إسرائيل منذ العام 2011، والتدخل بصورة فاعلة بما يجري في جنوب سورية.
•إن السعي الإيراني نحو زيادة النفوذ الإقليمي يقلق إسرائيل من عدة نواح، وأهمها التهديد الإيراني في الجبهة الشمالية. في الحلقة الأولى في جنوب لبنان يمكن أن تنشر إيران التنظيمات الدائرة في فلكها، وعلى رأسها حزب الله إلى جانب ميليشيات شيعية، تحت غطاء التعاون مع الجيش السوري الموالي للرئيس الأسد، على مسافة تسمح بوصول سريع إلى منطقة الحدود في هضبة الجولان. وتنشأ بذلك جبهة إضافية في المواجهة المحتملة بين حزب الله وإسرائيل، بموازاة الجبهة اللبنانية، وهذا تطور تريد إسرائيل منعه. وفي الحلقة الثانية، تعمل إسرائيل بصورة دائمة لكبح تعاظم القوة العسكرية لحزب الله في سورية ولبنان، ولا سيما بعد تزود حزب الله من إيران بآلاف الصواريخ والقذائف وبطائرات من دون طيار قادرة على إلحاق الضرر بالجبهة الخلفية الاستراتيجية والمدنية في دولة إسرائيل. يسمح الوجود الإيراني في سورية بوصول مباشر ومريح لمساعدة حزب الله، مما يزيد من التهديد المباشر إزاء إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يبرز التخوف من أنه بعد استقرار الوضع في سورية، ستتقلص حرية التحرك الإسرائيلي ضد شحنات السلاح الموجهة إلى حزب الله عبر الأراضي السورية.
•والحلقة الثالثة والأوسع هي ترسيخ هيمنة إيرانية في سورية كلها، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال عدد من مستويات التدخل: 1- تحويل سورية إلى مركز لوجستي إيراني مدعوم بواسطة ممر وإمداد بري وجوي عبر العراق، ويشمل بنية تحتية لإنتاج سلاح، ودعماً لوجستياً وكذلك تسليح التنظيمات الدائرة في فلك إيران في المنطقة؛ 2- إقامة “حزب الله – سورية” بما يشبه نموذج حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية الشعبية في العراق. يجري هذا بواسطة ضم الوحدات العلوية المحلية مع ميليشيات المتطوعين الشيعة الأجانب (عراقيون وأفغان). وتكون مهمة هذه القوات الدفاع عن النظام وعن الأرصدة الإيرانية في سورية، بالاضافة إلى تهديد إسرائيل. والاحتمال الذي يجري بحثه مؤخراً هو تأليف وحدات من المتطوعين لتحرير هضبة الجولان، تقوم بعمليات حرب عصابات عسكرية في الحدود، وتزعزع استقرار الأردن، وتفتح جبهة سورية في سيناريو نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان؛ 3- تحويل سورية إلى نوع من دولة وصاية إيرانية. ومن خلال عملية بطيئة وتدريجية تبني إيران لنفسها نفوذاً شاملاً في مختلف أرجاء سورية وتعزز التواصل بين “الهلال الشيعي” بواسطة أرصدة وحوافز سياسية، واقتصادية، واجتماعية- ديمغرافية. وسيوسع هذا الوضع من حيز الاحتكاك في مواجهة إسرائيل ويتيح استخدام مجموعة تهديدات تتضمن قدرات من سيناريوات 1 و2.
•في محاولة لتقدير حدوث السيناريوات التي وصفناها سابقاً، يجب الأخذ في الاعتبار مجموعة اعتبارات وإملاءات ستؤثر على حجم وطبيعة تدخل إيران في سورية. أولاً، توجد أهمية كبيرة للعلاقات مع روسيا، وللسباق معها على السيطرة على الحيز السوري. وستحرص إيران على عدم الدخول في مواجهة مع روسيا لأن الضرر المحتمل عليها من هذه المواجهة أكبر بكثير من الضرر المباشر المتعلق بتقليص نفوذها في سورية؛ ثانياً، تتخوف إيران من مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة؛ ثالثاُ، يجب الأخذ في الحسبان الإرادة الإيرانية بالامتناع عن المواجهة مع إسرائيل في التوقيت الحالي، لأن هذا لا يخدم مصالحها الأخرى، مثل الدفاع عن البنية التحتية النووية؛ رابعاً، المعارضة المتوقعة من دول المنطقة (تركيا ، والسعودية، والأردن، وحتى العراق، حيث النفوذ الإيراني يمكن ان يتزعزع) للهيمنة الإيرانية في سورية وخطر الدخول في نزاع معها؛ خامساً، تعاظم المعارضة الداخلية في سورية من جانب السكان السنة وتنظيمات المتمردين، للوجود الإيراني ولتزايد نفوذ إيران في أراضي الدولة؛ في الختام، من وجهة نظر إيرانية داخلية فإن “ملف سورية” ينطوي على حساسية كبيرة لأن الموارد التي يمكن توظيفها في مشروع اعادة بناء سورية محدودة. بالاضافة إلى ذلك، تبرز في إيران انتقادات للتدخل في سورية ويمكن أن تزداد إذا وقعت خسائر جديدة في الأرواح وإذا فرضت عقوبات دولية ضدها. بناء على ذلك من الصعب افتراض أن لدى إيران خطة متبلورة للسيطرة على سورية وتحويلها إلى “دولة وصاية” بكل معنى الكلمة. ويبدو أنه على المستوى العملي والمباشر، من مصلحة إيران عدم إبراز وجود قواتها وقدراتها العسكرية في سورية، ودمجها في الجيش السوري وفي البنى التحتية الأمنية الموجودة في الدولة.
•تنطوي السيناريوات والمقيّدات المختلفة على فرص بالنسبة إلى إسرائيل يمكن استغلالها من خلال بلورة رد متشابك يتضمن مكونات من قوة ناعمة وقوية، وعمليات مستقلة، وتعاوناً مع لاعبين من قوى عظمى وإقليمية وقوى داخلية سورية:
‌أ-على الصعيد العسكري، تزداد القدرة العملية على ضرب أرصدة إيرانية في سورية. وفي إطار أوسع، ستسمح هذه القدرة لإسرائيل بإبراز ردع وقدرة ايذاء في المجالين السوري واللبناني، وذلك كأداة ضغط على إيران ونظام الأسد لوقف نشاطاتهما في جنوب سورية، ولتشجيع روسيا على الاستجابة لمطالبة إسرائيل بتقييد الوجود والنفوذ الإيرانيين في هذه المنطقة. وفي هذا الإطار يتعين على إسرائيل درس سقف خرقها لتوقعات اللاعبين في المنطقة القريبة منها، مثل القيام برد غير متناسب من جهتها على “انزلاق النار” لأراضيها، أو مهاجمة أرصدة إيرانية في عمق سورية.
‌ب-التقدم في جنوب سورية بهدف إقامة مناطق نفوذ في هذا المجال، مثل منطقة فاصلة بينها وبين القوات الموالية للأسد والتنظيمات الدائرة في فلك الإيرانيين. وذلك من خلال توثيق العلاقة مع قوى محلية وتقديم المساعدة لتنظيماتهم، بالاضافة إلى زيادة المساعدة الانسانية والمدنية في المنطقة (بنى تحتية، طبابة، زراعة وغيرها) كخطوات وقائية لمنع التسلل الإيراني.
‌ج-في إزاء روسيا، يجب تقديم أربعة مطالب أساسية: مشاركة إسرائيلية (على الأقل من وراء الكواليس) في النقاشات بشأن مستقبل سورية؛ إشراف ورقابة روسيا لمنع تواجد إيران والتنظيمات الدائرة في فلكها في جنوب سورية وإبقائها على الأقل على بعد 40 كيلومتراً من الحدود؛ منع إيران من استخدام أرصدة استراتيجية روسية (مثل مرافئ ومطارات)، ومنع انزلاق سلاح روسي إلى حزب الله والميليشيات الشيعية.
‌د-بالنسبة إلى الولايات المتحدة، على الرغم من أن إدارة ترامب تعطي أولوية كبرى للقضاء على تنظيم “داعش”، فإنها مهتمة بالتوصل إلى تسوية في سورية بالتعاون مع روسيا من خلال الأخذ في الاعتبار مصالح إسرائيل. بناء على ذلك، المطلوب بلورة استراتيجية مشتركة مع الإدارة في واشنطن في الموضوعين السوري والإيراني من خلال التشديد على أن أفكاراً سلفية- جهادية لن تتبدد بعد هزيمة تنظيم “داعش”، وأنه من المتوقع أن يستمر التطوع في صفوف السلفية الجهادية في ضوء الهيمنة الإيرانية في المجال العراقي- السوري- اللبناني. ومن الحيوي إقناع الإدارة الأميركية بضرورة اقامة فاصل في الهلال الشيعي، ومواصلة دعم حكومة العبادي في العراق، بصورة تقلل من تأثير إيران وتضع عوائق على طريق سيطرتها على سورية. وفي موازاة ذلك، يجب ضمان مشاركة الولايات المتحدة في آليات مراقبة اتفاقات وقف اطلاق النار في سورية وفرضها، وفي ترميم المجال المدني في جنوب سورية، وإنشاء قوى محلية معارضة للنفوذ الإيراني. وجميع هذه الخطوات يمكن الدفع بها قدماً بالتعاون مع الأردن.
‌ه-على الصعيد الدولي، سيكون من السهل تشويه صورة إيران وتصويرها كعنصر مخرب ومزعزع للاستقرار من خلال تصوير الأضرار التي تتسبب فيها للاستقرار في سورية وسعيها إلى توسيع الاحتكاك في مواجهة إسرائيل والدول المجاورة لسورية. إن العمل ضد التخريب الإيراني يمكن أن يشكل منصة لقيام تعاون بين إسرائيل ولاعبين آخرين في المنطقة يشاطرونها مصالح متشابهة، في أساسها معارضة النفوذ الإيراني في المشرق.
‌و-بالنسبة إلى لاعبين سوريين وداخليين، فمن المهم الاستثمار الإسرائيلي في تعزيز وتوثيق الصلات مع قوى سنية ودرزية وكردية، بهدف تحدي الوجود الإيراني من كل النواحي: السياسية والاقتصادية والعسكرية. وفي الوقت عينه، يجب، بالتعاون مع الولايات المتحدة، تعزيز الصلات مع الأكراد في شمال سورية، وتجنيدهم لمحاربة النفوذ الإيراني في شمال شرق سورية، وأيضاً لفرض قيود على إنشاء ممر شيعي من العراق.
•ختاماً، يتعين على إسرائيل أن تقدم موقفاً واضحاً من مسألة مستقبل سورية. ومثل هذا الموقف يجب أن يتضمن تأييداً للتحرك الروسي نحو حل يستند إلى هيئة فدرالية تتلاءم مع موازين القوى الداخلية في سورية. وبذلك يمكن لجم سعي إيران للهيمنة على سورية ومنع ترسيخ حكم مركزي في دمشق توجّهه طهران. ويجب أن يتضمن الموقف الإسرائيلي أيضاً المطالبة بخروج القوات الأجنبية من سورية، مع التركيز على حزب الله والميليشيات الشيعية، لأنها تشكل عنصراً لعدم الاستقرار وكذلك لاستمرار النزاعات داخل سورية. وبالاضافة إلى ذلك، يتعين على إسرائيل التعبير عن معارضتها لاستمرار حكم الأسد، لاعتبارات إنسانية وأخلاقية بصورة خاصة.

•وعلى أي حال، لا يشكل التهديد الإيراني في سورية في الوقت الحالي تحدياً أمنياً لا تستطيع إسرائيل تحمله، خاصة في ضوء مجموعة الوسائل التي لديها، والتي تستطيع بواسطتها العمل على تقليص النفوذ الإيراني في الساحة السورية، وكذلك تقليص التهديدات التي ينطوي عليها ذلك النفوذ.

المصدر: مجلة “مباط عال” الإسرائيلية، العدد967، 23/8/2017، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole