الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان خطوة في اتجاه الضم الإسرائيلي

Spread the love

نعمه لانداو – محللة سياسية إسرائيلية —
منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب صديقه رئيس الحكومة الإسرائيلية هدية كبرى قبل أسبوعين فقط من التوجّه إلى صناديق الاقتراع في إسرائيل: هضبة الجولان ملفوفة بورق لمّاع ومربوطة بشريطة. لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية وجمهور الناخبين المحتملين البعيدين عن الأجواء الاحتفالية التي حاول البيت الأبيض إشاعتها، كانوا مشغولين أكثر بالصواريخ والملاجىء التي فُتحت في شتى أنحاء إسرائيل في أعقاب التصعيد في قطاع غزة.
بهذه الطريقة تحوّل التوقيع المجيد للوثيقة الرئاسية التي تعترف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، بعد مرور 52 عاماً على احتلالها، في اللحظة الأخيرة إلى مجرد تفصيل. أيضاً العناوين الأولى في الصحف الأميركية كانت مشغولة بنشر تقرير روبرت مولر، وقلائل جداً انتبهوا إلى تغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة الذي وصفه الرئيسان الأميركي والإسرائيلي بـ”التاريخي”.
” إسرائيل سيطرت على هضبة الجولان في سنة 1967 للدفاع عن أمنها في وجه التهديدات الخارجية” جاء في التصريح الخاص الذي وقعّه الرئيس ترامب محاطاً بكبار المسؤولين: نائب الرئيس مايك بنس، وزير الخارجية مايك بومبيو، مستشار الأمن القومي جون بولتون، وصهره جاريد كوشنير، والموفد الخاص إلى الشرق الأوسط غرينبلات، والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان والسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة رون ديرمر.
يمكننا التعبير عن تخوفنا من أن يكون هذا التوقيع بمثابة بداية اتجاه الضم والاعتراف الأحادي الجانب بالسيادة الإسرائيلية على سائر المناطق التي احتلتها إسرائيل في سنة 1967.
من زاوية القانون الدولي، لا يختلف احتلال هضبة الجولان عن احتلال مناطق الضفة الغربية. لكنه هذا الاحتلال يُعتبر في نظر الرأي العام مختلفاً لأسباب عدة، منها: اختلاف وضع المواطنين الخاضعين للاحتلال عن وضع الفلسطينيين في الضفة، فهم يحملون الهوية الإسرائيلية الكاملة، واعترفت إسرائيل “بتطبيق القانون الإسرائيلي على المنطقة” (امتنعت إسرائيل دائماً من الاعتراف بأن ما جرى هو عملية ضم فعلية)؛ المستوطنون الذين يحبون التحدث بصورة جيدة عن هضبة الجولان، لم يصلوا إلى هناك بأعداد كبيرة، وعموماً يوجد في إسرائيل تأييد واسع لخطوة الاعتراف.
كل هذا لا يغيّر الواقع: رسمياً، الجولان هي أرض محتلة تماماً مثل الضفة الغربية، وحتى اليوم جميع الحكومات الإسرائيلية قامت باتصالات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية، انطلاقاً من الإدارك أن هذا الأمر يعني تقديم تنازلات إقليمية عن أجزاء من الهضبة. إذا استمر توجّه الاعتراف بالضم واليأس من وجود شركاء للسلام، بعد وقت قصير ستبرز أيضاً مسألة ضم الضفة وربما ضم القطاع أيضاً.
التأثر في إسرائيل إزاء خطوة ترامب واضح. وكما هو معروف في أحداث ذات أهمية رمزية فإن ما جرى لا يعدو حتى الآن كونه خطوة رمزية في الأساس ليس لها دلالات عملية. من الناحية القانونية والمبدئية، فإن ما يجري هو مسار تاريخي خطر يدل على التخلي الإسرائيلي عن احتمال التوصل إلى اتفاقات سلام مستقبلية مع جيراننا. في سنة 2015 قال نتنياهو في معرض رفضه دولة ثنائية القومية: “يسألونني إلى متى سنظل نحيا على الحراب هنا، وأقول لهم علينا أن نسيطر على الأرض كلها في الأمد المنظور.”
ضمن إطار هذا التوجه اعترف ترامب يوم أمس بأن إسرائيل استسلمت وتخلت عن أفق الحوار الدبلوماسي لمصلحة خطوات أحادية وإقرار حقائق على الأرض.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole