إسقاط الطائرة الروسية: موسكو تحاول ترجمة الحرج الإسرائيلي إلى إنجازات على الأرض

Spread the love

بقلم عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

• قضية إسقاط الطائرة الروسية لم تُغلق بين موسكو والقدس، على الرغم من التصريحات المتسامحة نسبياً للرئيس فلاديمير بوتين، وعلى الرغم من إرسال قائد سلاح الجو، اللواء عميكام نوركين، هذا الصباح (الخميس) إلى روسيا. روسيا تتحدث بعدة أصوات، عن الحادثة، وكالعادة هناك فجوة بين التصريحات والأفعال. ونحتاج إلى قدر كبير من التفاؤل كي نؤمن بأن الاعلان الروسي عن اغلاق المجال الجوي غربي سواحل سورية لمدة أسبوع بعد المناورة، هو كله مسألة أحداث عرضية.
• وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، أعطى مقابلة هذا الصباح إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي. وعندما سئل ليبرمان عدة مرات هل سيؤثر اسقاط الطائرة على حرية عمل طائرات سلاح الجو في الأجواء السورية، قام بمناورات وعمليات تملص أكثر مما قامت به طائرة إليوشن الروسية في ليل يوم الإثنين. ولم يقدم جواباً فعلياً. لاشك بأن سورية هي المسؤولة المركزية عن الحادثة، وأن منظومة دفاعها الجوي عملت “بصورة غير مهنية وغير مسؤولة”، بحسب وصف ليبرمان. لكن يبدو أن موسكو لن تسارع إلى الصفح، ومن المعقول أنها ستحاول الحصول على فوائد عملية من الشعور الإسرائيلي بالحرج.
• إسرائيل مقتنعة بأن لديها تفسيرات جيدة لما حدث. فقد أظهر تحقيق سلاح الجو أن سورية اطلقت نيران المضادات للطائرات بصورة مكثفة عندما كانت الطائرات الإسرائيلية قد صارت في أجواء إسرائيل. ويزعمون أيضاً في الجيش أنه جرى تحذير الروس قبل فترة الزمن المقبولة من جانب الدولتين منذ اقامة آليات منع حدوث صدام جوي، في أيلول/سبتمبر 2015.
• لقد أسقطت الطائرة الروسية بسبب خلل في الاتصال، إما بين إسرائيل وروسيا، أو بين منظومة التحكم الجوية الروسية والطائرة، أو بين السوريين ورعاتهم الروس. في إسرائيل يستبعدون الاحتمال الأول، ويبدو أن هذا ما قاله اليوم نوركين لمضيفيه. ويتعين على موسكو أن تتوجه بأسئلتها إلى السوريين. وإذا صحت التقارير التي تحدثت عن اعتقالات في منظومة الدفاع الجوي في الجيش السوري، فإنه يبدو أن روسيا هي التي تقوم بذلك أيضاَ. وادعى وزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، اليوم أن بوتين رفض الرد على مكاملة هاتفية من الرئيس السوري بشار الأسد، فور وقوع الحادثة.
• إسرائيل من جهتها تأمل بأن يكتفي الروس باغلاق المجال الجوي لمدة أسبوع وألا يحاولوا فرض قيود اضافية، مثل منع التحليق بالقرب من قواعدهم في شمال سورية، مما سيقيد الوجود الإسرائيلي في سماء سورية بخط دمشق وإلى الجنوب. بحسب تقارير أجنبية فإن جزءاً من الهجمات الجوية الإسرائيلية يجري من مسافة كبيرة بعيداً عن حدود سورية. ومع ذلك، فإن خطوة روسية من هذا النوع يمكن أن تشجع إيران ونظام الأسد وحزب الله على محاولة اقامة منطقة محصنة من الهجمات في شمال سورية. على الأمد البعيد، يمكن أن يسمح هذا باستمرار التمركز العسكري الإيراني في هذه المنطقة، وتوسيع جهود تهريب السلاح إلى لبنان.
• قال ليبرمان إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي أن حقيقة تحدثه ورئيس الحكومة مع كبار المسؤولين الروس وارسال اللواء نوركين إلى موسكو ليس أمراً بديهياً، وهو يدل على العلاقات الجيدة بين الدولتين. ولكن بنفس المقدار، يدل هذا على أن إسرائيل لا تشعر بالارتياح مما أدت إليه الحادثة، حتى لو كانت تسببت بها فقط بصورة غير مباشرة.
• اعتادت إسرائيل في السنوات الأخيرة على العمل في الجبهة الشمالية من دون ازعاج. بعد اسقاط طائرة إف-16 [الإسرائيلية] بنيران المضادات الجوية السورية في شباط/فبراير جرى استخلاص العديد من الدروس العملانية، لكن الهجمات استمرت، على الرغم من ازدياد اطلاق النار على الطائرات. من المحتمل أن حوادث هذا الأسبوع تعبر عن عملية أكثر اتساعاً، ستجري خلالها محاولات لتقييد حرية عمل إسرائيل. لقد تغيرت المعركة في سورية بعد انتصار نظام الأسد في الحرب الأهلية، ومن المحتمل أن إسرائيل أيضاَ ستضطر إلى أن تلائم إلى حد معين طبيعة عملها العسكري في سورية.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole