إسرائيل قد تعتذر للإثيوبيين لكنها ستظل تطلق النار على الغزاويين العزّل

Spread the love

جدعون ليفي – محلل سياسي إ‘سرائيلي

إطلاق النار على يهودي إثيوبي، عمل غير لائق؛ إطلاق النار على عربي إسرائيلي لائق أكثر؛ إطلاق النار على فلسطيني من المناطق هو ذروة اللياقة الإسرائيلية. توهم إسرائيل نفسها أن في إمكانها أن تكون عنصرية دورياً، أو عنيفة دورياً. تستطيع أن تدعم، وحتى تشجع، نوعاً معيناً من العنصرية وتتحفظ عن عنصرية أُخرى. مسموح إطلاق النار على شخص معين فقط بسبب جنسيته، وممنوع إطلاق النار على آخر بسبب لون بشرته فقط. التثاؤب أو حتى التصفيق، إزاء قتل متظاهرين فلسطينيين، والإحساس بالقليل من عدم الارتباك إزاء مقتل إثيوبيين من نفس العمر.
لقد طورت إسرائيل لنفسها خريطة معايير تُظهر أن هناك نوعاً من العنصرية والعنف المسموح بهما وهناك نوع ممنوع. سوف يتم تبليغ الشرطة ذلك في الأيام القليلة المقبلة. ستكون هناك تعليمات جديدة: أوقفوا العنصرية ضد الإثيوبيين. لكن بالنسبة إلى الباقين آخر استمروا من دون إزعاج. وسيشرحوا لرجال الشرطة أنه يجب التوقف عن ضرب الإثيوبيين وإهانتهم ، لكن مسموح الاستمرار في ذلك ضد السود الآخرين، من طالبي اللجوء، وأيضاً ضد العرب في إسرائيل، وبالطبع يجب الاستمرار في فعل ذلك تجاه الفلسطينيين في المناطق [المحتلة].
لقد بدأت مجموعة حلقات تعليمية تتعلق بعنصرية محددة. وهذا مضيعة لوقت الشرطة. ليس هناك ما نشرحه لهم وليس هناك سبب لوضع حدود للأنظمة المعمول بها: لا يوجد شيء كهذا. إمّا أن تكون عنصرياً أو لا تكون. إما أن تطلق النار من دون سبب، أو لا. لا يوجد حل وسط.
محاولة إسرائيل السخيفة خلق جزر من الأخلاق والمساواة في بحر من العنصرية والعنف انفجرت في وجهها مرة أُخرى. الإسرائيليون موحّدون في تفاخرهم بتقديم بلدهم كديمقراطية غربية، وكمجتمع مثالي مع لطخة صغيرة وغير مرئية من احتلال إلى جانبها. أغلبية الإسرائيليين مقتنعة بوجود مثل هذا الشيء. هذه حقيقة. ومن أجل هذه الحملة من التبرير الذاتي جرى تجنيد كل منظومات القيم والمعتقدات: عبادة الأمن، الشعب المختار، المحرقة، والتهديد “الوجودي”، والترهيب من أجل تغطية الفجوة غير القابلة للتجسير بين الادعاء الكاذب وبين الواقع. لكن من حين إلى آخر يتمزق غطاء هذا المشهد المضلل وتظهر الحقيقة المزعجة. هذا ما جرى في الأيام الأخيرة، مع احتجاج الإثيوبيين.
ليس هناك من يعتقد أن الاحتجاج غير محق. يدينون بصورة مخجلة “العنف” – “الفوضى”، الأعراس التي أُجّلت بسبب زحمة الطرق التي تسبب بها المحتجون، الفتاة التي كانت تعاني جرّاء الحرارة المرتفعة وعلقت في الزحمة، السيارة التي أُحرقت – كأنهم حقاً يفهمون ما الذي يعانيه الإثيوبيون.
يعبّرون عن تعاطفهم مثل: العنصرية المؤسساتية والعنف الرسمي تجاوزا حدودهما وهذا أمر غير مقبول. يجب التخفيف من اللهيب وتحويل الأمور فقط نحو الأهداف المسموح بها. ليس لطيفاً منكم أيها الإثيوبيون أن تقولوا لنا أننا عنصريون. لكن أنتم وحدكم يمكنكم فعل ذلك. كل ضحايا العنصرية الإسرائيلية الآخرين، “المتسللون” غير “الشرعيين” و”الإرهابيون” – هم غير شرعيين. استمروا في إطلاق النار على المتظاهرين من غزة، واطلقوا النار مرة أُخرى على المتظاهرين من العرب في إسرائيل. لكن اتركوا اليهود جانباً.
كالعادة، القوى الأمنية هي التي تقوم بالمهمة. هي التي تقوم بتنفيذ العنصرية الإسرائيلية المتدرّجة. المستوطنون يشاغبون، ويشعلون الحرائق ويلقون الحجارة، ويطلقون النيران، وهم خطرون في احتجاجهم أكثر من أي قطاع آخر، لكن الجندي أو الشرطي الذي يخطر في باله أن يطلق النار عليهم لم يولد بعد. في مواجهة احتجاج الحريديم يمكن ضبط النفس أقل، لكن طبعاً بطريقة مدروسة. فهم يهود. يمكن إطلاق النار على العرب في إسرائيل مثل الإثيوبيين. بينما يجب إطلاق النار على فلسطينيي المناطق.
ليس هناك حدود للعنصرية. السياسة العنصرية هي سياسة عنصرية. ليس الاحتلال هو المسؤول عن كل شيء – العنصرية هي التي ترسل أتباعها في كل الاتجاهات، تارة نحو المناطق وتارة نحو كريات حاييم. لقد كشف عنها الإثيوبيون بكل بشاعتها. لا وجود هنا للأمن ولا للخوف. إنها قضية لون البشرة، ولا شيء آخر. لكن من الخطأ الاعتقاد أنه اذا جرى اجتثاث العنصرية ضد الإثيوبيين، إسرائيل لن تعود عنصرية.
العنصرية هي ظاهرة عالمية تنمو بقوة. لكنها في إسرائيل مؤسساتية، ومفروضة من الأعلى ومقبولة أكثر من أي بلد آخر، ما دامت موجهة نحو الأهداف المسموح بها. حتى لو اقتُلعت العنصرية الممنوعة غداً وأصبح الإثيوبيون محبوبين وأفراداً مميزين في المجتمع الإسرائيلي. فقط سيتغير القليل. إمّا أن يجري القضاء على العنصرية ضد كل ضحاياها أو سيكون هناك كثيرون من سلومون تيكاس.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية – عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole