إسرائيل تكتشف شركاء جدد في المنطقة: اليونان والدول السنية

إسرائيل تكتشف شركاء جدد في المنطقة: اليونان والدول السنية
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

•أول أمس، وفي ظل المسلسل المتواصل الذي يسمى التحقيقات مع رئيس الحكومة جرت في المقابل زيارتان أمنيتان مهمتان لأثينا وتل أبيب. فقد قام رئيس هيئة الأركان غادي أيزنكوت بزيارته الأولى لنظيره اليوناني، بينما استقبل وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان هنا وزيرالدفاع اليوناني. أتت هذه اللقاءات في سياق توثيق العلاقات العسكرية بين إسرائيل وبين اليونان وقبرص. وسبقتها، فقط في السنة الماضية، زيارات رسمية قام بها الرئيس اليوناني ورئيس الحكومة وجنرالات من اليونان وقبرص لإسرائيل، وزيارة قائد سلاح الجو الإسرائيلي وقائد ذراع البر في الجيش الإسرائيلي لليونان، وما يبدو أكثر أهمية هو المناورات المشتركة المتواصلة، إذ تدرب لواء الكوماندوس في الجيش الإسرائيلي كثيراً في قبرص، كما تدربت طائرات سلاح الجو في أجواء اليونان وقبرص كثيراً.

•في تسعينيات القرن الماضي اعتبرت إسرائيل تركيا حليفة استراتيجية لها في المنطقة، لكن قصة الحب بينهما خمدت بالتدريج مع صعود رجب طيب أردوغان السياسي، الذي شعر بتعاطف إيديولوجي عميق جداً مع الفلسطينيين، وخصوصاً مع حركة “حماس”. ولفترة وجيزة، وبعد المصالحة الرسمية التي فرضها رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما على الدولتين بعد قضية مرمرة، بدا وكأنه من الممكن إعادة الحرارة بين أنقرة والقدس، لكن هذه الآمال تبددت بسرعة، واستمرت إسرائيل في النظر غرباً إلى اليونان وقبرص، كشركاء قريبين منها في المنطقة.

•هذا هو الأفق الذي يتطلع إليه بنيامين نتنياهو في رؤيته الإقليمية: من جهة الحلف اليوناني، وفي الجهة الثانية، توثيق العلاقات مع الدول السنية، وبينها السعودية، ومصر، والأردن، والإمارات الخليجية. وفي الحالتين، يبني رئيس الحكومة سياسته على تضاؤل اهتمام العالم بالمشكلة الفلسطينية. ويكتفي الشركاء باحتجاج لفظي على استمرار احتلال المناطق، لكن المهم أكثر بالنسبة إليهم الحصول على أشياء من إسرائيل.

•تشكل مصر أفضل مثال على ذلك. ففي الشهر الماضي نشرت “نيويورك تايمز” تفاصيل تتعلق بعشرات الهجمات الجوية التي نفذتها إسرائيل في منطقة سيناء ضد الفروع المحلية لتنظيم داعش، ولاية سيناء، كمساعدة منها إلى مصر. وهذا الأسبوع كشفت جيلي كوهين في برنامج “الآن” الإخباري أن مصر خرقت، بموافقة إسرائيلية، الملحق الأمني لاتفاق السلام بين الدولتين، وضاعفت عدد جنودها المنتشرين في سيناء في إطار عملية عسكرية جديدة ضد تنظيم “داعش”. ويوجد هناك ما لا يقل عن 88 كتيبة، و42.000 جندي مصري في سيناء، وتدل هذه الأرقام على مستوى الثقة الكبيرة وغير المسبوقة بين قيادتي الدولتين.

•في العلاقات العسكرية مع قبرص واليونان، تستفيد إسرائيل من إمكان التدرب في شروط لا تتوفر لها في البيئة الداخلية القريبة (سلاسل جبلية لقوات الكوماندوس، وطيران طويل والمواجهة مع منظومات مضادات جوية من صنع روسي بالنسبة إلى سلاح الجو). ويوجد في مواجهة الشركاء السنة عدو معلن، إيران من جهة، ومن جهة أُخرى الجهاد السني، تنظيم “داعش” والقاعدة – لكن اسم العدو التركي لا يُذكر صراحة في العلاقات مع اليونان وقبرص. ومع ذلك فالقلق اليوناني من سعي أردوغان لتحقيق تفوق استراتيجي إقليمي موجود دائماً في الخلفية، بالإضافة إلى التوجهات المحتملة للتعاون مع إسرائيل في مجال الغاز. في هذه العلاقات المشتركة، تشكل المقاربة العسكرية عنصراً مكملاً مهماً للمصالح المشتركة الاستراتيجية.

ماذا يجري في سورية

•ما بثته أول أمس شبكة التلفزيون الأميركية فوكس نيوز قرأته إيران وسورية كتحذير. فقد عرضت الشبكة صور أقمار صناعية لقاعدة إيرانية جديدة قيل إنها أُقيمت بالقرب من دمشق. ونظراً إلى أنه في المرة السابقة، عندما نشرت وسيلة إعلامية أجنبية، هي الـ BBC، أخباراً عن وجود قاعدة مشابهة، تعرضت القاعدة لهجوم بعد بضعة أسابيع، ويمكن الافتراض أن هذه الإشارة مشابهة.

•منذ القتال في أجواء الشمال، يوم السبت في 10 شباط/فبراير، لم تتحدث تقارير عن هجمات جوية إضافية منسوبة إلى إسرائيل. وهذا الأسبوع أنهى سلاح الجو التحقيق بشأن إسقاط طائرة إف-16 الإسرائيلية بواسطة بطاريات مضادات جوية سورية. وقد عُزي الخطأ الأساسي إلى طاقم الطائرة، الذي لم يستخدم المناوارت المطلوبة للتملص من نيران المضادات الجوية منذ لحظة وصول الإنذار بإطلاق صواريخ باتجاهها، لأن الطاقم كان يركز على إطلاق صواريخ إسرائيلية على هدف في عمق سورية، هو مركز القيادة الإيراني، المركز الذي أُطلقت منه في وقت سابق الطائرة من دون طيار التي أسقطتها طوافة إسرائيلية فوق وادي بيت شان.

•وبحسب تصريحات القيادة الإسرائيلية، فإن نشاطات سلاح الجو، رداً على انتهاك السيادة، ومن أجل إحباط تهريب سلاح متطور إلى حزب الله في لبنان، ستستمر كالعادة، بعد استخلاص الاستنتاجات المطلوبة بشأن طبيعة السلوك العملاني. لكن من المعقول الافتراض أن سلاح الجو لم يهتم فقط بالطريقة التي تصرّف فيها طاقم الطائرة التي أُسقطت، بل أيضاً بأسلوب العمل كله، وبمسألة إذا كان ما حدث هو ” شعور بالاطمئنان في المعركة بين الحروب”.

•المعركة بين الحروب، هو اسم المعركة التي يشنها الجيش الإسرائيلي بصورة خاصة ضد تسلح حزب الله. وقد تأكدت المخاطرة الضئيلة لسلاح الجو في مئات عمليات سابقة خرج منها من دون أن يصاب، وهو ما ساهم إلى حد ما في شعور معين بالحصانة. لكن شيئاً ما تغير في السنة الأخيرة، إذ حدث إطلاق كثيف نسبياً للصواريخ المضادة على الطائرات في عدد من الهجمات. وفي الواقع، كشف الكلام غير الموفق لضابط كبير في سلاح الجو الذي تحدث عن “وقاحة سورية” في إطلاق الصواريخ (التي هي عملياً إطلاق نار دفاعي على طائرات تهاجم سورية) بعضاً من الجو السائد الإسرائيلي: الأجواء ملك لنا، التهديد لا يذكر، وويلٌ لكل من يحاول أن يمسّنا.

•في جميع الأحوال، يبدو أن مسار الاشتباك بين إسرائيل وإيران بسبب عمليات التمركز الإيراني في سورية لا يزال على حاله، والطرفان يستعدان لامكان نشوب جولة أُخرى. لقد تخطت الحرب الأهلية في سورية مرحلة، لكن نجاح نظام الأسد ومؤيديه بالتحديد يخلق اليوم مشكلات إضافية، على خلفية ازدياد سعي دول أُخرى، بينها إسرائيل، للتدخل فيما يجري في سورية.

•وكما قال هذا الأسبوع الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية اللواء في الاحتياط عاموس يادلين، إن ما يجري في سورية لن يبقى في سورية، وكل حادثة تتدخل فيها قوات أجنبية في أراضي سورية أو في أجوائها ستكون لها انعكاسات واسعة النطاق على الدائرة التي تحيط بها، وأحياناً حتى على القوى العظمى.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole