أبرز التحديات الأمنية لإسرائيل هو البرنامج النووي الإيراني

البرنامج النووي الإيراني
Spread the love

بقلم عاموس يادلين – رئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية [“أمان”] —

مع بدء الربع الأخير من سنة 2018، تواجه إسرائيل تحديات أمنية في 6 جبهات: البرنامج النووي الإيراني؛ محاولات إيران التموضع عسكرياً في سورية ولبنان (مع التشديد على مشروع “الصواريخ الدقيقة”)؛ تزويد سورية بمنظومة “S 300” الروسية للدفاع الجوي؛ التهديد من طرف حزب الله؛ التصعيد الآخذ بالاقتراب في قطاع غزة؛ الاضطرابات في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
ويمكن القول إن الجبهة الأكثر أهمية هي البرنامج النووي الإيراني. فحتى لو كان من غير المتوقع أن يشهد هذا البرنامج أي تطورات درامية في غضون السنة القادمة، ثمة احتمال بأن يُقدم الإيرانيون، عقب إعادة فرض العقوبات عليهم في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، على التخلّي عن الاتفاق المبرم معهم والعودة إلى نشاط التخصيب النووي بشكل كامل. وإلى جانب الجهود الاستخباراتية الرامية إلى كشف نشاطات الإيرانيين، والجهود السياسية في مقابل أوروبا، والانتقاد الصحيح لضعف مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، فإن إسرائيل بحاجة إلى خطة استراتيجية- عملانية يتم التنسيق بشأنها مع الولايات المتحدة، تمهّد الأرضية لليوم الذي تستأنف فيه إيران نشاطها النووي.
بالنسبة إلى التموضع الإيراني في سورية ولبنان، لا بُد من ملاحظة أنه على الرغم من الضربة الموجعة التي تلقتها إيران في أيار/ مايو الفائت، فهي مصممة على بناء قدرات عسكرية متقدمة ودقيقة في هاتين الدولتين تهدّد إسرائيل. وحتى الآن لم يتم كبح الإصرار الإسرائيلي على إحباط هذا التموضع الذي ينطوي على بعض المخاطر، كما ثبت في الهجوم الإسرائيلي الذي أُسقطت في أثنائه طائرة روسية من طرف الدفاعات الجوية السورية. ولا شك في أن توسيع نطاق القدرات القتالية الدقيقة في اتجاه لبنان من شأنه أن يزيد من هشاشة الوضع في الجبهة الشمالية، نظراً إلى حقيقة أن إسرائيل لن تسلّم أبداً بوجود أسلحة كهذه في الأراضي اللبنانية.
في غضون ذلك باتت منظومة “S 300” الروسية للدفاع الجوي موجودة في سورية من أجل ضمان “أمن الروس في سورية”، على حد تعبير وزير الخارجية الروسي لافروف. وعملياً، توجد في سورية الآن منظومات روسية للدفاع الجوي أكثر تقدماً من طراز “S 400” يقوم الجيش الروسي بتفعيلها لغاياته الخاصة. وفي حال تسليم المنظومات الجديدة إلى أيادٍ سورية، من المتوقع المساس بحرية نشاط سلاح الجو الإسرائيلي، ويتعين عليه تدميرها. غير أن هذا ينطوي على احتمال تصعيد التوتر مع روسيا، فضلاً عن تصعيده مع سورية.
إن خطر الانفجار الأكبر في الوقت الحالي هو في الجبهة الفلسطينية، وخصوصاً في قطاع غزة. فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتبنى خطاً متشدداً حيال حركة “حماس” (أكثر تشدداً حتى من الخط الذي تتبناه إسرائيل)، وهو يرفض تقديم المساعدة إلى حلول موقتة للتهدئة، وزاد الضغط الاقتصادي على سكان القطاع وعلى “حماس”. ويبدو أن عباس معنيّ بإشعال مواجهة بين “حماس” وإسرائيل تؤدي إلى إلحاق أضرار بالغة بهذه الحركة، وتساهم في تعزيز قوة السلطة الفلسطينية.
وعلى خلفية الطريق المسدودة يلاحَظ في الأيام الأخيرة أن هناك تصعيداً في النشاطات العنيفة التي تقوم بها “حماس” في منطقة الحدود مع قطاع غزة، بما في ذلك العودة إلى إطلاق كميات كبيرة من البالونات الحارقة التي تسببت بسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى الفلسطينيين. وليس مبالغة القول إننا عدنا إلى نقطة الانطلاق التي كانت في الربيع الفائت، حينما كانت احتمالات اندلاع مواجهة واسعة النطاق كبيرة جداً.
كذلك لا تنعم مناطق الضفة الغربية بالهدوء، حيث يسود شعور كبير بالإحباط إلى جانب الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على السلطة الفلسطينية، وضعف عباس. وكل ذلك من شأنه أن يتسبّب بانفجار عنيف شعبي أو مُنظم. ولا تقلل الاستراتيجيا الحالية التي تتبعها إسرائيل من احتمال حدوث تصعيد لا لزوم له ويمكن منعه في هذه الجبهة أيضاً.
لمواجهة كل هذه التحديات في الجبهات الـ6 مطلوب من إسرائيل أولاً وقبل أي شيء أن تنسق خطواتها بشكل واسع مع الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، يجب التوصل إلى تفاهمات جديدة مع روسيا بشأن الدفع قدماً بالمصالح المشتركة للدولتين في الجبهة الشمالية، وإقامة توازن دقيق بين إحباط التهديدات والردع الفعّال ومنع التصعيد في الجبهات التي يُحتمل أن تنفجر الأوضاع فيها.
ولا شك في أنه على خلفية اقترابنا من سنة انتخابات إسرائيلية عامة، يُضاف إلى التحديات الأمنية – الاستراتيجية بُعد سياسي وغرائزي، كما يتضح من التراشق الكلامي الدائر حالياً بين عدد من وزراء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية – الأمنية، والذي لا يعود بأي فائدة على هذا المجلس الذي تُتخذ فيه قرارات مصيرية تتعلق بالحياة والموت.

المصدر: صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole