يسرائيل هَيوم: يجب أخذ تهديدات نصر الله على محمل الجد

Spread the love

يوآف ليمور – محلل عسكري اسرائيلي/
دخلت الحدود الشمالية في يوم أمس (الأحد) في فترة عالية من التوتر والتأهب. كلام نصر الله وتجربة الماضي يدلان على أن الهجمات الإسرائيلية (في سورية وتلك المنسوبة إلى إسرائيل في لبنان) لن تمر من دون رد.
ستبحث إيران ووكلاؤها في المنطقة عن طريقة للمس بإسرائيل وإيلامها كي ينتقموا للإهانة التي تعرضوا لها. الهجوم الإسرائيلي في سورية الذي بدأ هذه الجولة كان لا مفر منه. وكانت سبقته أسابيع طويلة من الملاحقة الاستخباراتية لأسلحة قتالية (طائرات مسيّرات من صنع الصين، اشترتها إيران وتستخدمها من خلال التنظيمات التابعة لها في اليمن، وفي العراق، والآن في سورية)، وفي مراقبة أعضاء الخلية التي كان من المفترض أن تستخدمها (عناصر حزب الله، الذين عملوا بتوجيهات وتمويل من قوة القدس للحرس الثوري الإيراني).
في يوم الخميس الماضي قامت الخلية بأول محاولة لإطلاق عدة مسيّرات. وكان من المفترض بهذه المسيّرات أن تحمل عتاداً أو أن تكون انتحارية ضد أهداف. بالنسبة إلى الإيرانيين كان من المفروض أن يكون ذلك انتقاماً للهجمات المنسوبة إلى إسرائيل ضد قواتهم في العراق” التي تعرضت للهجوم هناك بمسيّات.
لقد حدد الجيش الإسرائيلي أمس، علناً ورسمياً، أن من يقف وراء هذه العملية – قيادة وتوجيهات شخصية- هو قائد قوة القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني. ثمة شك في الحصول على معلومات استخباراتية تؤكد هذا الأمر، لكن من أحاديث مع مصادر يبدو أن تورُط سليماني هذه المرة أكبر من العادة. من المحتمل أن وتيرة الهجمات على رجاله وعلى شحنات سلاحه التي كانت نتيجتها عرقلة خططه، دفعته إلى الخروج عن طوره والسعي للانتقام.
هذه هي المرة الرابعة خلال الـ 18 شهراً الأخيرة التي تحاول إيران مهاجمة إسرائيل مباشرة وعلناً. أيضاً المحاولات السابقة (في شباط/فبراير، وأيار/مايو في السنة الماضية، وكانون الثاني هذه السنة) أُحبطت أو جرى اعتراضها، وهو ما يدل على مستوى استخباراتي عال وقدرة عملياتية دقيقة ومركزة.
فرضية العمل يجب أن تكون هذه المرة هي أيضاً أن إيران لن تبلع بصمت الإهانة التي جرى كشفها والحديث عنها كثيراً. وستبحث عن رد، ولديها مروحة واسعة من الخيارات، من هجوم على أهداف إسرائيلية في العالم (معقولية ضئيلة)، وصولاً إلى البحث عن أهداف عسكرية موقتة على الحدود اللبنانية (معقولية كبيرة).
العمليات المنسوبة إلى إسرائيل في بيروت تُدخل أيضاً في المعادلة حزب الله- عدو أقوى وأخطر بكثير من الميليشيات التي تستخدمها قوة القدس- وأيضاً الحدود اللبنانية.
لقد أوضح حزب الله الذي يعتبر نفسه “درع لبنان” أكثر من مرة في الماضي أن كل هجوم إسرائيلي على الأراضي اللبنانية سيؤدي إلى رد على الأراضي الإسرائيلية. ومنذ حرب لبنان الثانية حدث هذا مرة واحدة في سنة 2012، بحسب التقارير، في أثناء مطاردة شحنة سلاح كانت تحمل وسائل قتالية من سورية إلى لبنان. يومها هاجمت إسرائيل الجانب اللبناني من الحدود. ورد حزب الله، لكنه كان حذراً ولم يحطم الأواني وامتنع من فتح معركة واسعة في الشمال.
منذ ذلك الحين امتنعت إسرائيل من القيام بعمليات علنية في لبنان. وفهم حزب الله أن الردع ينطبق على الطرفين، وقام بتوسيع معادلة دفاعه لتشمل أيضاً الهجوم على عناصره في الجولان السوري.
بعد اغتيال جهاد مغنية- الذي سعى لإقامة بنية إرهابية لحزب الله في الجولان السورية، بالاعتماد على سكان دروز محليين – في كانون الثاني/يناير 2015، في هجوم منسوب إلى إسرائيل، أُعلنت حالة التأهب على الحدود الشمالية، ولم تنته إلّا بعد إطلاق الحزب صاروخاً مضاداً للدبابات قتل مقاتلين من لواء غفعاتي، الرائد يوحاي كلينغل، والرقيب حاييم نينو، على السفوح الغربية لمزارع شبعا.
هذه الأحداث التي دارت تحت اسم سرّي “شمس شتائية” تتذكرها قيادة الجيش الإسرائيلي جيداً. وأدت إلى استخلاص دروس واسعة النطاق، تكتيكية في الأساس، لكنها أدت أيضاً إلى إدراك واضح بأن حزب الله مصرّ على المحافظة على توازن ثابت، ولن يسمح بأي تغيير فيه. لهذا السبب، ومن أجل الحؤول دون وقوع اشتباك يمكن أن يتصاعد ويصل إلى حرب – امتنع الجيش الإسرائيلي في مطلع السنة من العمل أيضاً في الجانب اللبناني في أثناء معالجته أنفاق حزب الله التي اكتشفها على طول الحدود. فقد جرت معالجة الأنفاق في الجانب الإسرائيلي فقط، الأمر الذي أثار انتقادات داخلية في الجيش الإسرائيلي بحجة أنها كانت فرصة ممتازة لإسرائيل لتغيير المعادلة، وأيضاً كي تحظى بشرعية دولية، لأن حزب الله هو الذي تسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وحطم القواعد.
ليس واضحاً ما الذي دفع الجيش الإسرائيلي إلى عملية هذه الليلة في بيروت، إذا كان صحيحاً أنه فعل ذلك، وإذا كان ما جرى يبرر الرد المتوقع لحزب الله. صحيح أن نصر الله نشر في السنوات الأخيرة عدداً غير قليل من الأكاذيب في خطاباته، لكن هذه المرة يجب أن نأخذه بجدية: الرد آت.
وهذا يتطلب من الجيش حالة عالية من التأهب، لكن الأخطاء في نهاية الأمر قد تحدث، وإذا تمسك نصر الله بكلامه- قتيل في مقابل قتيل- من المتوقع الآن بداية مرحلة من التوتر على طول الحدود في الجولان وفي الجليل إلى أن يحقق هدفه.
في خطابه بالأمس، قال زعيم حزب الله إن رد حزبه سيكون فقط ضد أهداف عسكرية تُعتبر في نظره شرعية- وهذا دليل على أنه لا يرغب في تصعيد واسع النطاق.
ومع ذلك، حسناً تفعل إسرائيل إذا أوضحت له أنها لن تقبل هجوماً على سيادتها. وهذا يفرض، بالإضافة إلى العمليات العسكرية- أيضاً خطوات إعلامية، في الأساس سياسية، لضمان الحصول على تأييد دولي واسع في حال حدوث تصعيد في الشمال.
لدى الاستخبارات أدلة كثيرة على العمليات الإيرانية ويمكن الاستعانة بها. وعلى خلفية الوصول المفاجىء أمس لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى قمة الرؤساء جي-7 في فرنسا، يجب على إسرائيل أن تفضح ازدواجية إيران التي ترسل ناشطيها لتنفيذ هجمات وزعزعة الاستقرار في المنطقة، بينما تغازل العالم في محاولة لإزالة العقوبات.
في الوقت عينه، يجب على إسرائيل أن تحرص على عدم إشعال الأحداث في الشمال وسائر الجبهات. غزة والضفة يمران بمرحلة من التوتر، ويجب أن نبذل جهداً كبيراً لإبقائهما هادئتين. وسيكون هذا تحدياً غير بسيط على خلفية تلاقي المصالح بين حركة الجهاد الإسلامي ورعاتها الإيرانيين. لقد جرى تحذير الحركة في الأيام الأخيرة من الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بالعربية، الرائد أفيحاي أدرعي، من تنفيذ هجمات، لكن من المحتمل الآن – في أعقاب الأحداث الأخيرة في الشمال – أن تكون محافظة الحركة على الهدوء أقل، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد فوري أيضاً في الجبهة الجنوبية.

المصدر: صحيفة يسرائيل هَيوم الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole