يديعوت أحرونوت: المحكمة الإسرائيلية العليا تنقذ بنيامين نتنياهوب

Spread the love

بروخ ليشم – محاضر في دائرة السياسة والإعلام في كلية هداسا ومؤلف كتاب: “نتنياهو مدرسة في التسويق السياسي”/

منذ توصية الشرطة بتوجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو وقرار المستشار القانوني تبنّيها، لبنيامين نتنياهو هدف واحد فقط – منع محاكمته. مع كل الاحترام للنقاش العام المنفعل بشأن البند الذي يضمن له مقراً رسمياً أيضاً بعد انتهاء ولايته بصورة رسمية كرئيس للحكومة، فإن ما يشغله في الحقيقة هو احتمال مقر رسمي بالسجن بسبب أفعاله.

إذا نفّذ نتنياهو الاتفاق الائتلافي حرفياً، فإن هذا يعني موته السياسي. من دون سن قانون ينقذه من المحاكمة، يبقى له فقط الموافقة على صفقة مع المدعي العام، لكن حتى هذ سترغمه على مغادرة المقر الرسمي لرئيس الحكومة بصورة نهائية. هل هذا هو فعلاً السيناريو الذي ينتظرنا؟

عندما خسر نتنياهو الانتخابات أمام إيهود باراك في سنة 1999، دعا في صباح اليوم التالي المقربين منه إلى اجتماع، وقال لهم: “يجب البدء بالتفكير فيما يجب أن نفعله” سألوه في أي موضوع؟ رد عليهم نتنياهو بنفاذ صبر “”كيف نعود إلى الحكم. يجب أن نبدأ العمل على ذلك.”

هذا الأمر ماذا يشبه؟ شارل موريس تاليران كان وزير خارجية نابليون بونابرت في القارة الأوروبية وكان معروفاً بمؤامراته الكثيرة. عندما انتشرت شائعات عن موته، حاول السياسيون في بلده فهم ما الذي يدبّره بخطوته المفاجئة هذه.

بيبي تاليران الإسرائيلي، حتى لو كان في غياهب الموت سيفكر دائماً كيف سيبقى في الحكم. لماذا خاضت دولة إسرائيل في سنة واحدة ثلاث معارك انتخابية؟ لأن العرب يتدفقون بكثافة إلى صناديق الاقتراع؟ لأن الإيرانيين موجودون بالقرب منا في سورية؟ لأن حزب أزرق أبيض سيتعاون مع هبة يزبك للقضاء على إسرائيل؟ كلا، بل لأن نتنياهو بحاجة إلى أكثرية في الكنيست لإنقاذ نفسه من المحاكمة بواسطة قانون.

وباء الكورونا أفسد عليه هذه الخطة. حصل هو والبلوك التابع له على 58 مقعداً في انتخابات آذار/مارس، وأورلي أبا كسيس أعطته مقعداً إضافياً كهدية من ميرتس. مع جهد إضافي آخر، كان سيصبح قادراً على الحصول على الأغلبية المطلوبة من أجل حصانته، ومن أجل إقرار بند التغلب [السماح لأغلبية 61 عضو كنيست برفض قرار المحكمة الإسرائيلية العليا] أو من أجل إقرار القانون الفرنسي.

لكنه بينما كان يقف على مسافة قصيرة من هدفه اتضح له أنه من الخطر التفكير في انتخابات إضافية. كان من الممكن أن يكون مسلّياً رؤية ملايين الناخبين يرتدون الكمامات في طريقهم إلى صناديق الاقتراع، لكن المشكلة أن مليوناً منهم عاطل عن العمل، وهذا الأمر ليس مضحكاً بالنسبة إليهم.

اضطر نتنياهو إلى توقيع اتفاق ائتلافي لم يتضمن توافقاً على سن قانون شخصي كامل ينقذه. مع ذلك، بعثر فيه بضعة ألغام تسمح له بالذهاب إلى انتخابات أُخرى، انطلاقاً من نقطة انطلاق أفضل. بالتأكيد هو لن يترك مصيره بين يدي قضاة المحكمة الإقليمية في القدس الذين قال عنهم في مقابله تلفزيونية: “كُتب عن القضاة أنهم يساريون اختيروا بعناية، أتوقع تكذيباً في هذا الشأن.” القضاة مذنبون حتى إثبات براءتهم.

في السنوات الأخيرة، يدير نتنياهو مسارين لحملتين هدفهما ضمان انتصاره. المسار الأول هو القناة السياسية التي يصف خصومه عبرها كمتعاونين مع الإرهاب الذي هدفه القضاء على إسرائيل. والثاني هو القناة القانونية التي هدفها تصوير منظومة فرض القانون كمتعاونة مع إرهاب شخصي هدفه القضاء على منقذ إسرائيل.

هذا الأسبوع، بينما يقف في مواجهة نقاشات المحكمة العليا بشأن أهلية قرار تكليفه بتأليف الحكومة وقانونية الاتفاق الائتلافي، هو يخطط منذ الآن للحملة المقبلة للبقاء في منصبه.

إذا قرر قضاة المحكمة العليا، على الرغم من موقف المستشار القانوني للحكومة، بأنه غير مؤهل لتأليف الحكومة، فإنه “سيضطر” إلى الذهاب إلى انتخابات بفضل بند في الاتفاق الائتلافي. حينها سيتبنى حملة فلاتو شارون [1930-2018] الذي هرب من فرنسا في السبعينيات، بعد توجيه لائحة اتهام ضده [في فرنسا بسبب التهرب من دفع الضرائب]. شارون ترشح إلى الكنيست كي يحظى بالحصانة والحؤول دون تسليمه إلى فرنسا، وكان شعاره: “إلى الكنيست أو إلى السجن”. اليهود الرحيمون اختاروا له الكنيست.

عندما يكون السؤال: “بيبي إلى رئاسة الحكومة أو إلى السجن؟” جواب مؤيديه سيكون واضحاً.

في المقابل، إذا قررت المحكمة العليا أن في إمكان نتنياهو أن يكون رئيساً للحكومة على الرغم من لائحة الاتهام الموجه ضده، فإن هذا سيقضي على الرسالة الأساسية لخصومه، أو مَن تبقى منهم، في الانتخابات القادمة.

طبعاً سيبحث نتنياهو عن أي وسيلة لتفجير الاتفاق الائتلافي كي يحاول الحصول على 61 مقعداً – أو أكثر بحسب استطلاعات الرأي – تضمن له عدم محاكمته. لذلك مهما كان قرار المحكمة العليا، فإنه يستطيع إنقاذه.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole