هجوم طهران يمكن أن يولّد تحالفات مفاجئة في الشرق الأوسط

Spread the love

بقلم: تسفي برئيل – معلق سياسي إسرائيلي —

•إعلان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عن الهجومين غير المسبوقين اللذين وقعا يوم الأربعاء في طهران، يجعل إيران تنضم للمرة الأولى إلى الائتلاف غير الرسمي للدول التي تعاني من إرهاب داعش.
•لم يكن هذان هما أول هجمات تتعرض لها إيران في السنوات الأخيرة. فقد وقعت هجمات مشابهة، لكنها كانت أقل أهمية ونفذتها تنظيمات إرهابية سنية مثل جند الإسلام الذي ينشط في محافظة سيستان بلوشستان الواقعة في جنوب شرق إيران على الحدود مع باكستان، وهجمات نفذها تنظيم مجاهدي خلق.
•إيران التي تعتبر مصدرة للإرهاب، تعاني منذ سنوات من الإرهاب الداخلي، لكن للمرة الأولى منذ سيطرة داعش على مناطق في العراق وسورية، وعلى الرغم من الحرب المعلنة لهذا التنظيم على التيار الشيعي عامة وعلى القوات الشيعية في سورية والعراق خاصة، يختار تنظيم الدولة الإسلامية إيران هدفاً للهجوم.
•فترة “الإعفاء” [من الإرهاب ضدها] التي منحها داعش لإيران كانت موضع تأويلات كثيرة. بعضها قال إن إيران عقدت حلفاً مع داعش الذي امتنع عن مهاجمتها مقابل تمويل سخي. وذهب تقدير آخر إلى قول إن داعش تعاون مع نظام الأسد وأقام معه علاقة تجارية لها علاقة بالنفط ومواد استهلاكية أخرى، ومنح إيران وسورية “إعفاء من الإرهاب ضدهما”، في الأساس بسبب نشاطهما المكثف ضد تنظيمات سنية معادية له.
•لكن هذه التكهنات لم تنجح في تفسير سبب سكوت تنظيم الدولة الإسلامية عندما هاجمت قوات إيرانية – بينها ميليشيات شيعية تعمل في العراق بحماية وتمويل من إيران – قاعدة داعش في المعركة على مدينة الموصل. ولماذا لم يتحرك داعش ضد إيران مثلما فعل ضد تركيا عندما قام بهجمات كبيرة في أنحاء الدولة. لقد حاربت إيران ضد قواعد داعش في العراق وفي سورية بإصرار لا يقل عن إصرار النظام السوري، وخلال ولاية الرئيس أوباما، نسقت إيران بصورة غير رسمية تحركها ضد داعش في العراق مع قوات أميركية.
•من المحتمل أن هذا يعود إلى الصعوبات التي يواجهها داعش في إقامة خلايا إرهابية في إيران تنشط باسمه هناك مثل التنظيمات التي انضمت إليه في مصر، والجزائر، والمغرب، وفي شرق آسيا، ومثل الخلايا التي تنشط باسمه في أوروبا. وفقط في آذار/مارس من هذه السنة نشر داعش للمرة الأولى تهديدات باللغة الفارسية ضد إيران وتحدث عن وجود فرع له في أراضي هذه الدولة. ويبدو بالاستناد إلى الأسماء التي أُعلنت في شريط الفيديو، أن أحد هؤلاء هو من محافظة بلوشستان وهناك آخر من محافظة الأهواز التي أغلبية سكانها من السنة العرب. فإذا كان هذا التكهّن صحيحاً، فإن هذا معناه بنية تحتية أوسع من الخلايا التي نفذت اليوم الهجمات، ويبدو أن في انتظار إيران فترة دموية لم تعرفها من قبل.
•ومن المتوقع أن تستغل إيران، التي انضمت اليوم إلى الدول التي تعرضت لضربات داعش، الهجمات كذريعة لإرسال المزيد من القوات إلى الجبهات الواقعة على الحدود مع العراق وسورية، وزيادة عدد الميليشيات الشيعية التي تعمل حول الموصل. وبالإضافة إلى ذلك، فمن المتوقع أن ترسل إيران قوات إضافية إلى منطقة الرقة في سورية، التي تشهد في الأيام الأخيرة معركة دولية بقيادة الولايات المتحدة وأكراد سورية من أجل تحريرها من سلطة داعش. إن المظلة التي قدمتها الحرب ضد داعش إلى جميع دول المنطقة للتدخل في هذه الجبهات، يمكن أيضاً أن تمنح شرعية لعمليات إيران حتى لو كانت غير موجهة ضد داعش.
•لقد سبق أن ولّدت الحرب ضد داعش ائتلافات مُستغربة في الشرق الأوسط مثل الائتلاف بين السعودية وتركيا اللتين كانت العلاقات بينهما متوترة للغاية حتى تنصيب الملك سلمان، الذي ضم تركيا إلى الائتلاف السني على الرغم من الشرخ الموجود بينها وبين مصر. وهناك تحالف آخر نشأ بين تركيا وروسيا بعد مرور سنة ونصف السنة على إسقاط سلاح الجو التركي الطائرة الروسية، أو توطّد العلاقات بين إيران وطالبان السنّية كجزء من منطومة الدفاع ضد الإرهاب التي أنشأتها إيران.
•على الرئيس ترامب الذي يعطي شهادة جدارة إلى كل دولة مستعدة للانضمام إلى الحرب ضد داعش خاصة وضد الإرهاب عامة، أن يفحص الآن دور إيران كدولة تعمل في خدمة المصالح الأميركية وليس فقط كدولة تسعى إلى تقويض الاستقرار في المنطقة. وإذا كانت المصلحة الأميركية (والعالمية) هي العمل معاً ضد داعش والإرهاب الاسلامي المتطرف، فإن إيران يمكن، لا بل يجب أن تكون جزءاً من منظومة هذه القوى.
•وجهة النظر هذه يمكن أن تقلقل السعودية التي بادرت إلى فرض حظر على قطر بحجة أنها تؤيد الإرهاب وتتعاون مع إيران. فإذا تحولت إيران الآن إلى دولة تحارب الإرهاب، فإن الحجة ضد قطر ستتبدد بسرعة. وبالإضافة إلى ذلك، صرّح الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل عشرة أيام عن نيته تحسين علاقة بلاده مع دول العالم، ملمحاً بصورة أساسية إلى العلاقات مع السعودية.
•صحيح أن حرس الثورة الإيراني سارع إلى اتهام السعودية بالمسؤولية عن الهجومين، ولكن على الرغم من ذلك فإن الخلافات في الرأي بين الحرس الثوري والرئيس ليست جديدة، وكما في الماضي فإن الرئيس يحدد جدول أعماله بصورة مستقلة عن الحرس. وفي مثل هذا الواقع، من المحتمل أن يستخدم هجوما اليوم أساساً لإطلاق مبادرة مصالحة جديدة مع المملكة، كجزء من دبلوماسية الحرب ضد الإرهاب.

•لكن، هذه التطورات ما تزال في بداياتها لكون إيران لم تعرض بعد خططها لمحاربة الإرهاب، وهي مطالبة بأن توضح لنفسها قبل كل شيء، كيف نشطت شبكة إرهاب تابعة لداعش تحت أنظارها.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole