هآرتس: كل شيء قوة وفقط قوة

Spread the love

نحاميا شطرسلر – محلل سياسي اسرائيلي/

1-أبو مازن. الاستنتاج الأبرز من الاحتفال بـ”صفقة القرن”، هو أننا نعيش في عالم مستهتر يفهم فقط القوة، لا وجود للعدالة، ولا للأخلاق، ولا للحقوق التاريخية، ولا وجود لأرض الأجداد، لا شيء غير القوة الوحشية. إذا كنت ضعيفاً لا يحسبون لك حساباً. إذا كنت غير قادر على الإيذاء أنت لا تساوي شيئاً. إذا لم يكن لديك جيش، أنت لا شيء.

اليوم نحن أصحاب القوة، لذلك نستطيع فوراً بعد الانتخابات ضم غور الأردن، وشمال البحر الميت والمستوطنات- من دون أخذ الفلسطينيين بالاعتبار ، ومن دون أن نعطيهم شيئاً في المقابل. يثير هذا تأملات تتعلق بأبو مازن. لقد عارض العنف، وقال إن العالم سيعترف بحقوق الفلسطينيين إذا كان نضالهم سياسياً من دون إرهاب. انظروا أين أصبح اليوم. سوف نشتاق إليه.

2-صفقة القرن. من الواضح أن المقصود ليس صفقة. أول من يعرف ذلك هو دونالد ترامب. كرجل أعمال، من الواضح بالنسبة إليه أنه من أجل التوصل إلى صفقة يجب أن يوافق الطرفان، وأن يربح كل واحد منهما شيئاً ما. “صفقة القرن” هي زواج من دون وجود العروس. طرف واحد فقط يربح، بينما الطرف الثاني يدفع فقط.

بحسب الصفقة، تستطيع إسرائيل، من طرف واحد، ضم مناطق واسعة من الضفة، تصل إلى حد 30% من الأرض، بينما سيضطر الفلسطينيون الى الالتزام بمعايير مستحيلة من أجل الحصول على “دولة”، وكل ذلك سيجري بعد مرور 4 سنوات. في هذه الفترة سيُختبرون إن كانوا يستحقون ذلك- من الواضح أنهم سيجدون أنهم غير جديرين بدولة. خلال هذه السنوات الأربع، سيضطر الفلسطينيون إلى الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، وتفكيك “حماس”، ونزع السلاح في القطاع والضفة الغربية. وسيضطرون إلى وقف الأموال التي تُدفع إلى عائلات الأسرى، والتوقف عن التحركات ضد إسرائيل في لاهاي والعالم. “دولتهم” لن تكون أكثر من شذرات من الأرض لا تَواصلَ جغرافياً بينها، إلّا بواسطة جسور، في داخلها 15 جيباً إسرائيلياً، وستكون محاطة بجيش إسرائيلي مخوّل الدخول إليها في أي وقت.

50-3 مليار. هذا المبلغ يبدو لي مألوفاً، وفي الواقع تعهد الأميركيون بدفع 50 مليار دولار في حزيران/يونيو، خلال المؤتمر الاقتصادي في البحرين، كجزء من “صفقة القرن”.

إذا أجرينا حساباً: الـ50 مليار ستُعطى خلال عشر سنوات وليس فوراً. فقط 28 مليار منها ستصل إلى السلطة الفلسطينية، والباقي سيحوَّل “كرشوة حماية” إلى مصر والأردن ولبنان، من أجل تهدئة الفلسطينيين. كما أن المقصود ليس هبات، بل تمويل مشاريع، المطلوب إثبات جدواها الاقتصادية. كذلك المال، لن يكون أميركياً بل سيُجمع من دول متعددة ومن مستثمرين. هل سيحدث ذلك حقاً؟. إنها مرة أُخرى وعود مكتوبة على الجليد، مثل الوعود بدفع مليارات الدولارات إلى غزة من دول الخليج، بعد عملية” الجرف الصامد”. لا يزالون في غزة ينتظرونها.

4-المثلث. الجزء الأكثر هذياناً من الخطة هو إمكان انتقال بلدات عربية في المثلث إلى “الدولة” الفلسطينية، كجزء من تبادل الأراضي. مجرّد طرح الإمكان يمس بشدة المواطنين العرب الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل. لقد عبّروا في الماضي عن معارضتهم الشديدة لمثل هذه الخطوة التي طرحها أفيغدور ليبرمان. نتنياهو قال إنه لا يرفض الفكرة، وبذلك دق هو أيضاً إسفيناً من الكراهية في داخلنا. يبدو أنه يعمل لمصلحة القائمة المشتركة، وهي وحدها ستربح من ذلك في صناديق الاقتراع.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole