هآرتس: غانتس تحوّل من بديل من السلطة إلى نائب أردوغان

بيني غانتس
Spread the love

ألوف بن – رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”/

بعد أزمة سياسية استمرت سنة ونصف السنة وأدت إلى ثلاث معارك انتخابية، النتيجة واضحة وبارزة ولا تتحمل تفسيرين: بنيامين نتنياهو انتصر انتصاراً هائلاً. “الفوز العظيم”، كما تفاخر به قبل أوانه بعد انتخابات نيسان/أبريل، حدث اليوم. من الصعب المبالغة بكليشيهات: الساحر هزم خصومه بضربة قاضية مدوية. هو سيُنتخب مجدداً رئيساً للحكومة بأغلبية كبيرة من أعضاء الكنيست، على الرغم من أنه لم يفُز في الانتخابات العامة، وعلى الرغم من التهم الثلاث المقدمة ضده، والتي كما يبدو ستُرمى قريباً في سلة المهملات. في وضع طوارىء وطنية، وحين يمكن أن يختنق الآلاف لعدم وجود آلات للتنفس، وممنوع على المواطنين الخروج من منازلهم، لا يمكن إحالة رئيس حكومة على المحاكمة للاستماع إلى إفادات بشأن تدخّله في هيئة تحرير موقع “واللا” قبل بضع سنوات. بالتأكيد ليس عندما يكون وراءه ائتلاف واسع ومستقر لا مثيل له.

إلغاء المحاكمة سيكون المهمة الأولى لحكومة الوحدة الوطنية أو حكومة الطوارىء، أو أي اسم آخر يطلقونه عليها. قبيل الخريف، سيُطرح مجدداً للنقاش موضوع ضم الضفة الغربية. إذا واجه ترامب صعوبات في حملة إعادة انتخابه، فإنه سيميل إلى تشجيع عمليات ضم إسرائيلية لتعبئة مؤيديه الإنجيليين من أجل مساعدته في مواجهته لجو بايدن. أيضاً وباء الكورونا سيُستخدم لتبرير الضم، بحجة أن إسرائيل تريد ضمان سيطرتها على الحدود الخارجية والداخلية لمنع تفشي الأمراض.

بني غانتس، الذي خاض الانتخابات الأخيرة تحت شعار “أزرق أبيض أو أردوغان”، يقدم حالياً إلى ناخبيه الإثنين في بطاقة انتخابية واحدة. يا لها من صفقة رائعة: سرقة مليون صوت من معارضي نتنياهو الذين رأوا في غانتس بديلاً، وأيضاً إنهاء مسيرته المهنية كنائب لمن وصفه بأنه ديكتاتور وفاسد وما شابه ذلك.

في المعارك الانتخابية الثلاث التي خاضها ضد نتنياهو وتلقى وابلاً من التهجمات الشخصية، أثبت غانتس أن لديه جلداً سميكاً. هو بحاجة إليه الآن، أيضاً كي يمتص انتقادات ناخبيه خائبي الأمل وشركائه السياسيين الآن، وأكثر منها فيما بعد، عندما يتلقى سلسلة الإزعاجات والإهانات في حكومة نتنياهو. ليسأل صديق طفولته في الحكومة يسرائيل كاتس، أي صلاحيات ونفوذ لوزير الخارجية لدى بيبي؟ (لا شيء).

المساهمة الأساسية لبني غانتس في السياسة الإسرائيلية هي كسر الحظر الذي فرضته الأحزاب اليهودية على التمثيل الانتخابي للمجتمع العربي. لقد كان الأول والوحيد حتى الآن الذي تصور مع زعماء الأحزاب العربية، وحظي بتسميته رئيساً للحكومة من كل مكونات القائمة المشتركة، حتى من بلد [حزب التجمع الديمقراطي]. هم على ما يبدو، لم يؤيدوا غانتس كي يؤلف حكومة لنتنياهو؛ الحياة مليئة بالمفاجآت. لكن من بعده، سيصبح من السهل أيضاً لزعماء مستقبليين من الوسط واليسار إجراء صفقات مع القائمة المشتركة.

يائير لبيد، الذي سيصبح من الآن رئيساً للمعارضة، حظي بعودة نادرة كزعيم للكتلة السياسية المعارضة. لقد أثبت لبيد صدقيته وتمسّكه بالهدف، عندما وافق على التخلي عن المداورة في رئاسة الحزب مع غانتس، وعندما أيّد الصفقة مع القائمة المشتركة (مع أنه لم يتصور مع زعمائها)، وفي رفضه الدخول إلى حكومة نتنياهو. الآن، يُتاح له بعد أن أزاح عن ظهره غانتس وغابي أشكينازي، أن يستغل الوقت لبناء نفسه كزعيم بديل في اليوم التالي لما بعد نتنياهو، انسجاماً مع قاعدة أريئيل شارون، “الأساس البقاء على عجلة القيادة”.

الخاسر الأكبر من انشقاق غانتس هو أفيغدور ليبرمان الذي اعتُبر في السنة الماضية كـ”متوّج الملوك” في العمليات السياسية الإسرائيلية وعدو نتنياهو الشرس. الآن سيبقى رئيس كتلة معارضة ضئيلة الشأن. لقد كان لدى ليبرمان فرصة للتخلص من نتنياهو لو وافق على حكومة أقلية بتأييد القائمة المشتركة بعد انتخابات أيلول/سبتمبر التي حصل فيها اليمين على 55 مقعداً فقط. لكنه شعر بالخوف، أو أنه كان صادقاً في شعاراته ضد العرب. وعندما وافق على هذه الصيغة، بعد الانتخابات الأخيرة، انقلبت موازين القوى وبقي من دون شيء.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole