هآرتس: عندما يلتقي التوتر في الضفة بمسيرة الأعلام، تجتمع الظروف لعاصفة مثالية

السلطة الفلسطينية ترسل خطاب سياسي إلى واشنطن
Spread the love

شجون عربية /

حدث أكثر من مرة أن تبخرت توقعات تشاؤمية، لراحة الجميع. لكن بشأن كل ما يخص يوم الأحد المقبل، فإن هذه التوقعات تزداد وتتراكم معها جميع مركّبات العاصفة المثالية. فمسيرة الأعلام الخاصة بالصهيونية الدينية في شرقي القدس، والتي صادق المستوى السياسي على مسارها، من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة جديدة في العاصمة والضفة الغربية. الجيش يشك في انجرار قيادة “حماس” في القطاع إلى داخل هذه العاصفة، لكن ما يمكن أن يجري في القدس قادر على إشعال الميدان مرة أُخرى، بعد عدة أسابيع من الهدوء وتراجُع موجة “العنف”.
قبل عام، تزامن “يوم القدس” مع شهر رمضان. وكان الجو مشحوناً أصلاً، وأضيفت إليه مسيرة الأعلام. رئيس الحكومة، حينها، بنيامين نتنياهو الذي كان في ختام ولايته، سمح للمشاركين فيها بالمرور من باب العامود والحي الإسلامي، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة. جهود الشرطة في تغيير مسار المسيرة كانت متأخرة: “حماس” أطلقت ست قذائف من قطاع غزة على منطقة القدس – وحملة “حارس الأسوار” انطلقت، وقد خلّفت ضرراً كبيراً في نسيج الحياة بين العرب واليهود داخل الخط الأخضر.
وريث نتنياهو، نفتالي بينت، تصرّف بصورة مختلفة. إعلان المصادقة على مسار المسيرة كان قبل أسبوعين من “يوم القدس”، على أمل أن يجري تفريغ بعض الضغط الفلسطيني خلال هذه الفترة الزمنية من جهة، ومن جهة أُخرى، منح المصريين الوقت الكافي لتهدئة “حماس”. طائرة خاصة تستعملها الاستخبارات المصرية، رصدتها مواقع تتابع حركة الطائرات، أكثر من مرة، وهي تهبط في مطار بن غوريون.
التفسير الأساسي لبينت هو إثبات سيطرة الدولة: على مدى عشرات السنوات كان هذا مسار المسيرة، ولا يوجد أي سبب لتغييره، كما أن رمضان مرّ، وقلّت وتيرة التوتر والعنف قليلاً في الآونة الأخيرة. وفي الوقت ذاته، تم إعلان درجة التأهب القصوى في شرطة القدس، التي أعلنت نشر 3000 شرطي (بقيادة قائد المنطقة دورون ترجمان)، كما يؤكد كل ضابط شرطة في كل مقابلة يجريها معه الراديو.
من الممكن أن يبدأ التوتر بسبب تحصُّن شبان مسلمين في المسجد الأقصى صباح يوم الأحد. كما أن هناك مسيرة أُخرى في اللد، من المتوقع أن تمرّ مقابل الأحياء العربية وتؤدي إلى عدم ارتياح، إلى درجة التأثير في علاقة القائمة الموحدة بالائتلاف الحكومي.
واستناداً إلى ما حدث في العام الماضي، انتبه الفلسطينيون إلى نقطة يمكن من خلالها الضغط على إسرائيل، وحتى تحقيق بعض الإنجازات، كالتراجع عن المسيرة. وفي الخلفية، لا يزال هناك شعور صعب في الضفة الغربية يتعلق بمقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في جنين. كما أن ما قامت به شرطة القدس خلال الجنازة، لا يزال يُعتبر عملية إذلال مؤلمة. هذا الأسبوع، نُشرت تحقيقات لوكالة “AP” و”CNN”، حمّلت إسرائيل مسؤولية مقتلها (السي إن إن، التي اعتمدت على صحافيين فلسطينيين، اتهمت الجيش باغتيالها عمداً).
قيادات تنظيمات في المنطقة، ومن ضمنهم زعيم “حزب الله” حسن نصر الله واسماعيل هنية، هددت المشاركين في المسيرة في القدس بعنف إذا اقترب المشاركون فيها من المسجد الأقصى. في القدس، أشاروا إلى أن المسار بعيد عن المسجد، ولا يوجد أي نية للاقتراب منه. السؤال: هل هذا كاف؟ فبينت، الذي ينهار ائتلافه تحت أقدامه، يتعرض لضغوط كبيرة من الوزيرة أييليت شاكيد ونواب آخرين من حزبه “يمينا”، بهدف تبنّي سياسات أكثر قوة. ولا يمكن التأكد من أن شركاء بينت – يائير لبيد، بني غانتس وأفيغدور ليبرمان على علم بدرجة الخطورة القائمة. إذا استخدموا كوابح أقل من العام الماضي، فمن الممكن أن يكون لذلك انعكاسات أمنية بعيدة الأجل.
كما أن نتنياهو وميري ريغف، و”جيش الحقيقة” التابع له، مصممون على أن يوضحوا لنا في كل أسبوع، أنه لا يوجد أي سبب للحنين إلى أيام الحكم السابق. لكن، لرئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو امتياز واضح وواحد: الحذر الأمني، الذي يستند إلى خبرة تراكمت بالدم من أيام مواجهات الحرم الإبراهيمي وقضية خالد مشعل. في هذه الأيام، يجب أن نتمنى أن يكون هذا هو الدرس الوحيد الذي تعلمه وريثه.
أجواء من التوتر سيطرت على علاقة بينت بقيادة الجيش خلال الأسابيع الماضية. لدى رئيس الحكومة الكثير من الملاحظات على سلوك هيئة الأركان العليا، وهي محقة إلى حد ما. يبدو للكثيرين أن الجيش أحب الوضع القائم: “حارس الأسوار” كان نجاحاً كبيراً، ولذلك، فإن “حماس” في حالة ردع؛ ومن غير الممكن أن يكون هناك تدخُّل لقيادة الحركة في غزة في موجة العمليات الأخيرة التي اندلعت في منتصف شهر آذار/مارس. وفي الواقع، صحيح أن الموجة اندلعت من الميدان، لكنها صعدت من الأسفل إلى أعلى الهرم. وهكذا كثيرون في المؤسسة الأمنية، ومن ضمنهم الشاباك، يعتقدون أن الجيش يقلل من دور “حماس”. فالحركة تحاول صبّ الزيت على النار في الضفة وداخل الخط الأخضر. رئيس قيادة الحركة في الخارج صالح العاروري يعمل على ذلك بصورة خاصة.
وفي هذه المسألة، تحديداً، يبدو أن هناك نجاحاً حققته الجهود الإسرائيلية: تركيا التي استضافت العاروري في الأعوام الأخيرة، وتحاول الآن التقرب من إسرائيل، توجه إليه رسائل، مفادها أنه من الأفضل أن ينقل عنوان إقامته إلى بلد بديل، هو لبنان. إسرائيل تضغط أيضاً على السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بهدف وقف رواتب عائلات الشهداء الذين قُتلوا في أحداث الأشهر الأخيرة. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح.
يبدو أن رئيس الحكومة توقّع من الجيش أن يبادر إلى خطوات هجومية أكثر في جنين، وربما في غزة أيضاً. قبل موجة العمليات، تفادى الجيش القيام باعتقالات في جنين على مدار أشهر طويلة. وفي الأسابيع الماضية، ازدادت عمليات الاعتقال هناك، حيث توجد مقاومة فلسطينية مسلحة في كل مرة يدخل الجيش إلى هناك. من المتوقع أن تستمر هذه العمليات وتزداد. إلى جانب هذا، هناك حاجة إلى ملاءمة الطريقة التي تتعامل فيها أجهزة الأمن مع الفلسطينيين. قبل أسبوعين، أشرنا هنا إلى أنه لا يوجد مكان في المواقف المخصصة للسيارات المصادرة التي استُعملت لتهريب الفلسطينيين عبر منطقة التماس. مشكلة شبيهة موجودة في مراكز الاعتقال. مئات المعتقلين بسبب “العنف” في المسجد الأقصى، تم إطلاق سراحهم بعد وقت قصير، بسبب عدم وجود أماكن في السجون.

Optimized by Optimole