هآرتس: الإتقان الذي أظهرته إيران في السعودية يفرض على إسرائيل تحسين دفاعها ضد الصواريخ

هآرتس: الإتقان الذي أظهرته إيران في السعودية يفرض على إسرائيل تحسين دفاعها ضد الصواريخ
Spread the love

عاموس هرئيل وأمير تيفون – مراسلان عسكريان اسرائيليان/

الفصل الحالي من مسلسل CSI “السعودي” يبدو كرواية طويلة ومعقدة بصورة خاصة. ومثل المسلسل التلفزيوني الأميركي القديم والمتعدد الصيغ، أيضاً التحقيق في الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية في 14 أيلول/سبتمبر استند إلى كميات هائلة ومتراكمة من الأدلة. أجهزة الاستخبارات في الغرب تعرف بصورة أكيدة أن إيران هي التي تقف وراء الهجوم الذي تسبب بضرر واسع وغير مسبوق لصناعة النفط السعودية، وزعزع سوق الطاقة العالمية، وأثار رعباً حقيقياً لدى حكام دول الخليج.
لكن بين هذه الاستنتاجات وبين رد فعلي توجد مسافة كبيرة. لقد استُقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني استقبال الملوك في الاجتماع السنوي للأمم المتحدة في نيويورك. رؤساء الدول العظمى الذين ما زالوا ملتزمين بالاتفاق النووي مع طهران تصوروا معه بسرور. رئيس حكومة بريطانيا بوريس جونسون بدا في منتهى السرور- فقد ظهر في الصور مع ابتسامة مشرقة على وجهه، ربما سببها فقط ابتعاده موقتاً عن ورطة البريكسيت.
في مقابل ذلك، لقاء القمة بين روحاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يحدث، على الرغم من عمليات جس النبض الكثيرة. لا يبدو أن الإيرانيين في عجلة من أمرهم. لديهم المزيد من الطلبات من الأميركيين قبل الانتقال إلى المرحلة العلنية من الاتصالات – قبل كل شيء هم يريدون رفع العقوبات التي أضرت بشدة بالنظام، وهو إنجاز لم يمنحه لهم ترامب بعد.
بدأت إيران حملتها العسكرية للتخفيف من ضغط العقوبات الاقتصادية في أيار/مايو الماضي. وهي تجري بشكل مخطط له ومتواصل وبأناة. خلال الأشهر الخمسة الماضية هاجم الإيرانيون بمساعدة المتمردين الحوثيين وميليشيات شيعية في العراق، مجموعة أهداف تابعة للسعودية ودولة الإمارات، معظمها له علاقة بصناعة النفط وطرق النقل البحري، وأبرزها كان قصف المنشأتين السعوديتين للنفط قبل نحو أسبوعين.
لقد أثبت الإيرانيون قدرة تخطيط وتنفيذ مذهلة. المزج بين صواريخ متوسطة المدى وبين طائرات مسيّرة أصاب بصورة دقيقة ومدمرة للأهداف، وذلك من خلال الالتفاف على منظومات الدفاع الأميركية الباهظة الثمن التي اشتراها السعوديون. وساهمت وسائل تمويه متعددة في إعطاء الانطباع الذي أراده الإيرانيون أن يحدث بعد الهجوم. كعادتها، أنكرت طهران أي علاقة لها بالهجوم، وألمح الحوثيون بأنهم هم المسؤولون (هذه المرة هذا غير صحيح)، وأشار تحليل جزء من مسارات الطيران إلى تورط الميليشيات الشيعية في العراق. عملياً، ثمة استنتاج قاطع يأخذ في التبلور بأن هذه العملية مدارة ومنسقة مع إيران.
ترامب يعرف ذلك، لكنه لا يسارع إلى التحرك. هو منتبه إلى التهديد الإيراني بأن هجوماً عقابياً أميركياً يمكن أن يقود المنطقة إلى حرب. الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هدد هذا الأسبوع بأن دول الخليج “ستُدمَّر” إذا ما نشبت هذه الحرب. بعد نحو شهر سيدخل ترامب سنة الانتخابات الرئاسية، والتورط خلال هذه السنة في حرب جديدة في الشرق الأوسط يمكن أن يقلص حظوظه في الفوز بولاية إضافية. كل ذلك لا يعني أن الرد الأميركي سيقتصر على التهديدات فقط – لقد سبق للرئيس أن فاجأ منتقديه. لكن عدم رغبته في المواجهة مفهوم من قبل الجميع، وخصوصاً إيران، التي تواصل المناورة على حافة المواجهة.
من وجهة النظر الإسرائيلية مهاجمة منشآت النفط في السعودية ليست أقل من حدث تأسيسي سنظل نشعر بانعكاساته الإقليمية لوقت طويل بغض النظر عن خطوات ترامب. القدرة العملياتية التي أظهرتها إيران تتفوق على كل تحليل وتقدير لدى المنظومة الأمنية من قبل – وهي تظهر سخافة الهجمات الفاشلة التي نظمها الحرس الثوري ضد إسرائيل في العامين الأخيرين.
إصابة دقيقة وفعالة إلى هذا الحد تضع منشآت البنى التحتية الاستراتيجية في إسرائيل في مواجهة خطر مستقبلي، وخصوصاً أننا نتصرف من دون تأمين احتياطات. واعتمادنا على منشآت محددة (مطار بن – غوريون، محطة الطاقة في الخضيرة) كبير.
يجب أن نأخذ في الحسبان أن جزءاً بارزاً من منظومات السلاح الإيراني ينتقل أو سينتقل إلى يد حزب الله في أوقات الطوارىء. قبل نحو شهرين، تطرق نصر الله في أحد خطاباته في بيروت إلى بحث نشره العميد في الاحتياط مايك هرتسوغ في موقع معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط، تطرق فيه بتفصيل إلى أي مدى البنى التحتية الإسرائيلية مكشوفة للاستهداف، ولقد استشهد نصر الله به بحماسة.
تفرض هذه التطورات رفع التأهب الإسرائيلي للدفاع ضد الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة والحوامات. منظومة الاعتراض المتعددة الطبقات التي طُوِّرت في العقود الأخيرة – حيتس والعصا السحرية والقبة الحديدية – كانت في طليعة التكونولوجيا العالمية ووفرت في السنوات الأخيرة رداً شاملاً، ولا سيما على تهديد الصواريخ من قطاع غزة. في المستقبل، وفي ضوء المخزون الكبير لصواريخ حزب الله، وفجوة التكلفة (التي تصل إلى عشرات الأضعاف) بين صاروخ هجومي وصاروخ دفاعي، لا مفر من البحث عن حلول مكملة.
إقرار الخطة المتعددة الأعوام الجديدة التي بادر إليها رئيس الأركان أفيف كوخافي، “تنوفا”، مجمدة في هذه الأثناء بسبب التعقيدات السياسية المتواصلة. في هذا الإطار، ثمة نية، من جديد، لفحص إمكانات الاعتراض بواسطة الليزر – الذي هو البديل الأقل تكلفة، والذي خسر في المنافسة مع القبة الحديدية، بعد توصل الجيش ووزارة الدفاع إلى خلاصة مفادها أن هذا البديل لم يصل بعد إلى نضج تكنولوجي عملياتـي. هـذا قـرار مشحون – لا يوجد تقريباً خصومة أيديولوجية وعاطفية أقوى من تلك الموجودة بين المعسكرين اللذين يدعمان الإمكانات المتنافسة – لكن في هذه المرحلة المطلوب فقط درس احتمالات مستقبلية. أيضاَ الجيش الأميركي يدرس في هذه الأيام حلولاً في مجال الليزر. النية الأميركية هي حتى سنة 2023 تقديم ثلاثة نماذج مختلفة اعتراضية بواسطة الليزر، لكن التقدم يجري في مجال الحلول التكتيكية لمواجهة تهديدات صغيرة نسبياً، مثل الصواريخ القصيرة المدى والطائرات المسيّرة والحوامات.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole