هآرتس: اغتيالات عميقة

هآرتس: اغتيالات عميقة
Spread the love

شجون عربية /

بعد عدة اغتيالات نُسبت إلى إسرائيل – اغتيال علماء ومهندسين من “آباء” البرنامج النووي الإيراني وخبراء إيرانيين آخرين- من المهم أن نفحص حجم الفائدة والضرر الwلذين تنطوي عليهما هذه الاغتيالات. إذا كان الهدف لجم البرنامج النووي الإيراني، يمكن القول بصورة أكيدة إن البرنامج لا يعتمد على عالِم واحد، أو على مجموعة من الخبراء، حتى ولو كانوا عباقرة في النووي.
إيران نجحت في تطوير برنامج مُحكم ومتطور، بمساعدة بنية تحتية واسعة من العلماء والتقنيين، ومعرفة جرى الحصول عليها أو سُرقت، وتمويل من دون قيود، ومساعدة من دول داعمة، مثل كوريا الشمالية وباكستان وروسيا، وكذلك من شركات خاصة في دول أوروبية. مَن يعتقد أن عملية اغتيال “جراحية” لأحد العلماء سيردع إيران، فإنه يسوّق أكاذيب للجمهور، وليس هذا فحسب، بل إنه يصور التهديد الإيراني كبالون منفوخ، وكي نفرغه من الهواء يكفي أن نغرز دبوساً أو عبوة في سيارة عالِم.
إذا كان هدف إسرائيل إظهار قدرة استخباراتية عالية تسمح لها بتنفيذ اغتيال مركز في قلب طهران، فإن هذه السياسة تثير الاستغراب، لأن إظهار القدرة الاستخباراتية بحد ذاتها لا تكفي من أجل تحقيق هدف تكتيكي أو استراتيجي. ولا سيما أن إسرائيل سبق أن كشفت قدرة إيران النووية وخططها، وبفضل هذه المعلومات، نجحت في تجنيد دول العالم في صراعها ضد إيران وضد برنامجها النووي.
إذا كان هدف إسرائيل إقناع الإدارة الأميركية بأنها ستواصل هذا الصراع وحدها ضد إيران، حتى ولو جرى توقيع اتفاق نووي جديد – أم إذا كانت تنفّذ الاغتيالات المنسوبة إليها من أجل إفشال مفاوضات الغرب مع إيران، فإن عملياتها مؤذية ولا لزوم لها. رغبة إيران في توقيع اتفاق نووي أو الامتناع من ذلك تستند إلى اعتبارات داخلية، وهذه الاعتبارات نابعة من صراع قوى سياسية داخلية لا علاقة له بالاغتيالات.
في الوقت عينه، أوضحت الإدارة الأميركية جيداً أن لا فائدة من الاغتيالات. وهذا يعني أن الإدارة الأميركية لن تسمح لهذه الاغتيالات بلجم خطتها الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسي للمسألة النووية الإيرانية. في هذا الصدد، من المضحك سماع الحجة القائلة إن هذه الاغتيالات من شأنها تشجيع حدوث تغيير في النظام الإيراني. في المقابل، هذه الاغتيالات التي تنفّذها إسرائيل على أراضي دولة أُخرى، حتى ولو أن اسمها إيران، تعطيها صورة بلطجي الحيّ. صورة دولة صراعاتها السياسية هي التي تحركها، ودولة تريد حكومتها صرف الانتقادات عنها بواسطة أعمال استخباراتية غير مفيدة، وهي بذلك تعرّض حياة مواطنيها للخطر. ومن حق الجمهور أن يحصل على شرح مقنع، لماذا وكيف يمكن لهذه الاغتيالات أن تخدم مصلحة إسرائيل؟

Optimized by Optimole