مقاربة مختلفة للتعامل مع طهران

Spread the love

بقلم: ديفيد ديبارتولو — يقترح تقريرٌ حديثٌ صادرٌ عن مؤسسة كارنيغي ومركز الأمن الأميركي الجديد سبُلاً جديدة لمواجهة النفوذ الإقليمي لإيران.

حظي الخطاب الذي ألقاه دونالد ترامب حول إيران في 13 تشرين الأول/أكتوبر بالقدر الأكبر من الاهتمام لإعلانه رفض تجديد المصادقة على أن رفع العقوبات المفروضة على إيران بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، أو الاتفاق النووي، لايزال ملائماً ومتناسباً مع الخطوات التي اتّخذتها طهران.

أعلن ترامب أيضاً عمّا وصفه بـ”استراتيجية جديدة للتصدّي إلى الطيف الكامل من أنشطة إيران التدميرية”، وتتألف هذه من أربع نقاط هي: العمل مع حلفاء أميركا لمجابهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وفرض عقوبات إضافية على النظام الإيراني لعرقلة تمويل الإرهاب، ومواجهة انتشار الصواريخ والأسلحة، وإغلاق كل السبل المؤدّية إلى حصول إيران على سلاح نووي.

حَفَّزَ هذا الخطاب على طرح سؤالين بارزين: ما مستقبل الاتفاق النووي، وكيف ستتعاطى الولايات المتحدة مع قلقها إزاء الأنشطة الإيرانية الأخرى؟

في مايتعلّق بالاتفاق النووي، باتت معظم الأنظار مسلّطة على الكونغرس، حيث تمثّل الجهد الأبرز في الاقتراح الذي قدّمه عضوا مجلس الشيوخ بوب كوركر وتوم كوتون حول إعادة فرض العقوبات على إيران تلقائياً إذا ما أصبحت على قابِ عامٍ واحدٍ من الحصول على سلاح نووي. ويسعى هذا الاقتراح عملياً إلى تمديد القيود المفروضة على إنتاج الموادّ الانشطارية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى أجل غير مسمّى.

لكن ثمة سُبُل أخرى يمكن للولايات المتحدة أن تسعى من خلالها إلى عرقلة البرنامج النووي الإيراني في المدى الطويل. وفي تقرير صدر مؤخراً عن باحثين في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومركز الأمن الأميركي الجديد (CNAS) بعنوان “Contain, Enforce, and Engage: An Integrated U.S. Strategy to Address Iran’s Nuclear and Regional Challenges” (احتواء، وإنفاذ، وانخراط: استراتيجية أميركية متكاملة لمواجهة التحديات النووية والإقليمية في إيران)، تمّ عرض العديد من الخيارات المُبتكرة، بما في ذلك اعتماد إطار عالمي جديد للتمييز بين أنشطة الطاقة النووية السلمية وغير السلمية، ووضع ترتيب إقليمي أو إقليمي فرعي (خليجي) للتعامل مع أنشطة دورة الوقود النووي. والحال أنه يُحتمل أن تلتزم إيران بالقيود المفروضة عليها من خلال هذه المقاربات متعددة الأطراف، أكثر من رضوخها للتلويح بإعادة فرض عقوبات أميركية أحادية الجانب.

وفي ما يتعلق بالأنشطة الإيرانية الأخرى، يبدو أن استراتيجية الإدارة تركّز على زيادة الضغوط على إيران، على الرغم من أن شكل هذه الضغوط ليس واضحاً بعد. ولأن مثل هذا التركيز على محاولة إرغام إيران يحظى بقبول واسع في واشنطن، يوفّر التقرير المذكور آنفاً والصادر عن كارنيغي ومركز الأمن الأميركي الجديد استكمالاً مفيداً لجهود مزدوجة تتمثّل في الدعوة ليس فقط إلى ممارسة الضغوط على إيران بل الانخراط أيضاً مع حكومتها وشعبها. وعلى وجه الخصوص، يحدّد التقرير طرقاً معيّنة للانخراط اقتصادياً مع طهران مقابل تنازلات إيرانية حول القضايا النووية أو الإقليمية. وتشمل هذه الإجراءات إمكانية إعادة سريان الترخيص الخاص بالمعاملات التي تُجرى عبر طرف ثالث (U-turn)، والتي من شأنها تسهيل عمليات التجارة الخارجية مع إيران، من خلال استخدام الدولار الأميركي، والسماح بممارسة الشركات الأميركية أعمالاً في إيران بشكل مباشر، كحوافز تدفع الجمهورية الإسلامية إلى الحدّ من أنشطتها في مجالات أخرى.

كل ماسبق يشي بأن فرص التبادل التجاري لازالت قائمةً بين الولايات المتحدة وإيران، وأن الحوافز المدعومة بالضغوط يمكن أن تقنع إيران بكبح جماح بعض أنشطتها النووية والإقليمية بطريقة تجدها الولايات المتحدة مقبولة. ويبقى أن نرى ما الذي يمكن أن تتكوّن منه الصفقات، وما إذا كانت الإرادة السياسية موجودة للشروع بها.

* تعبّر وجهات النظر الواردة في هذا المقال عن آراء كاتبها ولاتعكس بالضرورة رأي الموقع.

المصدر: موقع كارنيغي الشرق الأوسط

Optimized by Optimole