مقابلة مع رئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان الإسرائيلية

Spread the love

بقلم: يوسي يهواشوع – مراسل سياسي إسرائيلي —

[أجرت الصحيفة حديثاُ مطولاً مع رئيس قسم العمليات الخاصة في الجيش الإسرائيلي العميد إيتسيك ترجمان، تحدث فيها عن احتمالات وقوع مواجهة جديدة مع “حماس” في غزة، و”حزب الله” في لبنان، وعن خطر تمركز إيران في سورية، و التنسيق مع القوات الروسية في سورية، وكيف ساهمت الاستخبارات الإسرائيلية في احباط هجوم على القوات الروسية في سورية. نقتطف أهم ما جاء فيها]

•ما تقديرك للتهديدات؟
•”من ناحية القوة، فإن التهديد المركزي هو من لبنان، الساحة الشمالية. لكن التهديد الأكثر احتمالاً من ناحية تحقيقه هو تحديداً من غزة. هذا ما يوجهنا من ناحية الاستعدادت. لا نرى حالياً امكانية نشوب حرب في الساحة الشمالية، لكن إذا حدث ذلك، فإنه سيكون أخطر تهديد يمكن أن تواجهه إسرائيل من حيث القوة”.

•ماذا عن غزة؟
•”في نهاية الأمر هناك هدوء أمني في غزة. الناس يلاحظون أي اطلاق نار، وأي طلقة تنطلق من غزة، لكن يسود هدوء نسبي منذ وقت طويل، وفي رأيي هذا يعود إلى الردع. لا يوجد اليوم عدو يريد الدخول في مواجهة معنا. أقول لك ذلك بثقة، لا يوجد. وقد ننجر إلى ذلك من دون رغبة الطرفين. هكذا انجررنا إلى عملية “الجرف الصامد”، وانجررنا إلى عملية “الرصاص المسبوك”، وإلى عملية “عمود السحاب”. ويمكن لهذا أن يبدأ من شيء لا يتعلق بأي من الطرفين. إذا أخذنا قطاع غزة، القناصون الذين يقومون بإطلاق النار من غزة من أجل أن نضرب حماس. إذا كانت الضربة عميقة جداً، وتقرر حماس البدء بجولة، لن تكون هذه رغبتنا، ولا رغبة أي طرف آخر، وسننجر إلى ذلك. يوجد هنا دينامية تصعيدية، ونحن نحاول أن نكون الطرف العاقل والمسؤول الذي يسيطر على التصعيد”.

•كيف ستكون حرب لبنان الثالثة، إذا نشبت؟
•”ستكون حرباً تستخدم فيها قوة كبيرة. نحن نرى حزب الله يرسّخ قدراته أكثر فأكثر وسط السكان المدنيين. واحد من كل ثلاثة أو أربعة منازل في جنوب لبنان يستخدم بنية تحتية لحزب الله، أو مخزن سلا،ح أو منصة إطلاق. وهذا سيدفعنا إلى وضع سنضطر فيه إلى مواجهة نزوح سكاني كثيف في بداية الحرب. وستكون هذه حرب أكثر عنفاً بكثير من ناحية حجم النيران، ليس فقط بالنسبة للعدو، بل بالنسبة إلينا أيضاَ. وستتعرض الجبهة الداخلية إلى قصف لم يسبق لها أن تعرضت له في الحروب والعمليات الأخيرة. وكلما أحسن الجمهور التصرف، ولجأ إلى مناطق محصنة فإن هذا سيتيح للجيش الإسرائيلي المواجهة في هذه الجبهة بصورة أفضل”. “إن استراتيجية أعدائنا، حماس وحزب الله، التي تقوم على التمركز في منطقة مدنية مزعجة جداً. فالذي سيدفع الثمن هم سكان المكان. في حرب لبنان الثالثة الدولة اللبنانية، التي تؤيد وتنسق مع حزب الله، لا تستطيع تجاهل الثمن الذي سيتعين عليها أن تتحمله. ليس لدينا رغبة لإلحاق الضرر بلبنان، لكن لدينا رغبة قاطعة بالانتصار على حزب الله”.

•أليس من الخطأ تسمية المواجهة المقبلة فقط “حرب لبنان الثالثة”؟
•”أعتقد أنه من الأصح تسميتها “الجبهة الشمالية”. لا أعتقد أن حزب الله سيبقى في سورية، فهو ملتزم بلبنان. سيترك كل شيء ويعود إلى لبنان، وسترغب سورية، انطلاقاً من التزاماتها تجاه حزب الله، في أن تكون شريكاً، وستحاول جذب إسرائيل نحو جبهة أخرى في الجولان”.
•هل تعتقد أنه سيكون هناك انتصار واضح وبارز؟

•”مسألة الانتصار معقدة. فهي ليست فقط أرضاً، ولست واثقاً من أنها تتعلق بالوعي. في “الجرف الصامد” حققنا خلال ساعتين الأهداف التي حُددت لنا. بعدما تنتهي من القتال تشاهد الدمار وتتساءل: من انتصر؟ لم يرفع أحد العلم الأبيض، وهم يواصلون إطلاق النار، لذلك فإن رواية ما جرى لا تقل أهمية عما حدث على الأرض. لا أرى نصر الله، حتى لو كان هو العضو الأخير لحزب الله الذي بقي على الأرض، يقول أن حزب الله خسر. المسألة في النهاية هي ماذا بقي، حجم الإصابات وماذا أصبنا. وهذه مسألة وقت. نتائج الهجوم تتطلب وقتاً. ما قدرة الحزب على الاستمرار في الوجود من بعد الحرب. وكم تضررت الدولة. حي الشجاعية، مثلاً، هو نموذج لاستعراض القوة. فالحي مدمر بالكامل، ولم ينجحوا حتى الآن في إعادة بنائه بعد مرور ثلاث سنوات على “الجرف الصامد”. لقد أُطلق من هناك 40 صاروخاً فقط، 20 منهم سقطوا في أرض مفتوحة عند السياج. هم لا يريدون تكرار ذلك من جديد، وقد خبروا قدرتنا. نحن نُعتبر مجنون الحي، ونحن نعيش في بيئة مجنونة، الكل يتشاجر مع الكل. نحن جزيرة استقرار، لكننا في نظرهم مجانين…”
•وفقاً لتقارير أجنبية الجيش الإسرائيلي هاجم مصنعاً للصواريخ الدقيقة، وقد أوضحت قيادة الدولة كلها أنها لن تقبل باقامة المصانع، وأن هذا بمثابة تجاوز لخط أحمر. وكما هو معروف لدى حزب الله صواريخ دقيقة تستطيع الوصول على بعد 100 متر أو أقل [من الهدف]. لماذا قطر أمتار معدودة من الهدف يشكل ذريعة للحرب، بينما يستطيعون إطلاق عشرات الصواريخ في اتجاه عزرائيلي [ناطحات سحاب تل أبيب] وضرب مقر هيئة الأركان في الكرياه؟
•”في كل دولة هناك أرصدة حيوية يجب ألا تصاب. مصادر الطاقة، خزانات الوقود، مصانع السلاح، المراكز السكانية، 50 متراُ يمكن أن تشكل فارقاً مهماً بين ضرر غير مهم وبين قدرة على شل هذه المرافق، والاضرار بالقدرة التشغيلية للدولة ومؤسستها الأمنية. إذا كنت قادراً على اطلاق 100 ألف صاروخ على لبنان، لكنك بواسطة 20 صاروخاً تقدر على شل عمل الدولة، هذا هو الفارق”.

•أين يوجد تدخل إيران؟
•”توظف إيران مئات الملايين من المال نقداً وفي الأسلحة في سورية ولبنان. هي اليوم مصدر محور الشر، وهي التي تؤيد الحلقة الأولى من أعدائنا: حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وسورية. وتبذل إيران كل ما في وسعها للتمركز داخل سورية كموقع متقدم لها. هذا ليس موقعاً. ما يجري الحديث عنه قاعدة أكثر أهمية بكثير، مع طائرات منتشرة هناك. سنفعل كل شيء كي لا يحدث هذا. من الواضح لنا أن التمركز في ظل ضعف الأسد ودخول إيران إلى داخل سورية هو خطر كبير جداً على دولة إسرائيل. هناك هدف واحد لإيران: زوال دولة إسرائيل. هم يصرحون بذلك في كل مكان، وفي نقاشاتهم، وفي وسائل الإعلام، وهذا الأمر هو الأمر الوحيد الذي لا يكذبون بشأنه”.

•ماذا تقول للروس؟
•”عندما تخرق طائرة مجالنا أو عندما نرى انزلاقاً لإطلاق النار نبلغهم أننا لن نسكت. في النهاية هم ربّ البيت في سورية. الأداة الروسية بالنسبة إلى قواتنا يمكن أن تكون عدوة، لكننا لا نعتبرها كذلك الآن. نحن نبذل كل ما في وسعنا كي نوضح وكي لا نشتبك مع الروس. نحن نأخذ في الحسبان أن الأدوات المتطورة للروس لا يستخدمها الأسد إلا بموافقة روسية. علاوة على ذلك، لدينا خصوصية استخباراتية، وعندما حصلنا على انذار ملموس بشان هجوم على القوات الروسية نقلنا إليهم الأمر ومنعنا هجوماً على الروس. وهم يقدرون لنا ذلك بشدة.”
•هل في حال حدوث حرب من الممكن أن نصل مرة أخرى إلى وضع مثل 2006 لا يكون لدينا فيه ذخيرة كافية؟
•”كلا، لدى الجيش الإسرائيلي اليوم كمية من السلاح الدقيق هي الأكبر في تاريخنا. هل إذا استمرت الحرب سنحتاج إلى المزيد؟ لا أعلم، إن توجهنا هو نحو حرب قصيرة للغاية. والهدف ليس تطويل الوقت، الهدف هو النصر”.

المصدر: صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية