معاريف: رئيس الأركان يلّمح المأزق الأمني يزداد تعقيداً

Spread the love

يوسي أحيمائير – معلق سياسي اسرائيلي/

اخترق رئيس الأركان كوخافي الفراغ فجأة وأطفأ البهجة. إذا شئتم، حاول تفجير الفقاعة التي تعيش إسرائيل في داخلها، بينما كل ما حولها مضطرب. ما الذي يشغله من الصبح حتى المساء؟ ليبرمان وتشويهاته، المستشار القانوني والمدعي العام، العنف في القطاع العربي عموماً، أيضاً ترامب وتغريداته. فوق هذا كله ترتفع موجة تهديد تتوجه نحونا من الشرق أي من إيران، لتنفجر في جنة الحمقى عندنا.
صحيح أن وصف إسرائيل بأنها “ﭬيللا في غابة” لا يزال صالحاً. من حولنا غابة من الاضطرابات والتظاهرات، لبنان، والعراق، والأكراد، وأردوغان وبوتين، لكن في داخل الـﭬيللا فراغ وخواء سياسيين، يعطلان الدفع قدماً بشؤون الدولة، والأخطر من هذا أنهما يصرفان الرأي العام عن التهديد الفعلي الذي يحوم فوق رؤوسنا كلنا. لا يوجد مخرج في الأفق من المأزق السياسي. تعيش إسرائيل مرحلة انتقالية نحو الحكومة الجديدة المنتظرة التي لا يظهر تأليفها في الأفق. السياسيون يتحصنون بمواقفهم، ولا يتنازلون، كل واحد منهم والأنا الخاصة به واتهام الآخرين. ألا يحمل ذلك تلميحاً للعدو بأن إسرائيل منقسمة، وواقعة في أزمة حقيقية، لذا ربما تقترب الساعة المناسبة لتنفيذ مكائده؟
القول إن الهدوء على الحدود موقت هو بديهي، ويجب دائماً أخذه في الحسبان. لكنه الآن مهتز بصورة خاصة. الجيش الإسرائيلي بقيادة اللواء كوخافي يقظ إزاء كل ما يحدث من حولنا. ورئيس الأركان لا ينتظر تسوية الأمور الداخلية في المنظومة السياسية وتأليف حكومة جديدة لا أحد يعرف متى ستتألف. صحيح أنه في هذه الأثناء لا توجد ميزانية متفَق عليها، وليس هناك قرارات للسلطة. لكن الزمن لا يقف ساكناً، وأعداؤنا لا يقفون جامدين. هم يعرفون كيفية استغلال كل لحظة لزيادة استعداداتهم.
أيضاً من دون ميزانية، حتى للمؤسسة الأمنية، يتعين على الجيش الاستعداد لمواجهة الآتي، وإعداد خطته المتعددة السنوات، وتقديم رد على التهديد المتعاظم. هذه هي مسؤولية رئيس الأركان. ومن الجيد أن يكون هناك من يطفئ البهجة مثل كوخافي. صحيح أن هناك مَن اتهمه بأنه يخلق ذعراً غير مبرر، من أجل تسريع الميزانية الأمنية وزيادتها، وثمة من ذهب بعيداً واتهمه بأنه يعمل بإمرة رئيس الحكومة الانتقالية من أجل صرف انتباه الرأي العام عن أزمته الشخصية، وهذا أمر مثير للسخرية.
كوخافي يلمّح لنا: مع كل التقدير للمأزق السياسي، هناك مأزق أكثر تعقيداً هو المأزق الأمني الذي يزداد تعقيداً. غيوم مكفهرة تتجمع في سماء إسرائيل، ليس فقط بسبب اقتراب الشتاء، بل بسبب أصوات الحرب التي تعلو من طهران، ومن أذرعتها التنفيذية في الجنوب اللبناني، وقطاع غزة، وفي سورية، وطبعاً من أرض إيران نفسها. هل في مثل هذا الوضع يستطيع رئيس أركان مسؤول أن يقف مكتوف الأيدي؟
إذن ماذا لدينا؟ مأزق سياسي، وحدها حكومة وحدة وطنية تستطيع أن تحله. لكن الأخطر هو المأزق الأمني المقبل. الجيش يحتاج إلى دعم سياسي وتوجيه حقيقي من القدس. وحدها حكومة وحدة وطنية، يجب أن تؤلَّف من دون تأخير، تستطيع أن تقدم رداً لا يقل دراماتيكية، ويسمح للجيش بقطع أذرع الأخطبوط الإيراني عندما يحين الوقت

المصدر: صحيفة معاريف الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole