معاريف: المواجهة الإسرائيلية وصراع الولايات المتحدة ضد إيران وصلا إلى مفترق طرق استراتيجي

Spread the love

عاموس غلبواع – محل سياسي اسرائيلي/

يعالج هذا المقال موضوع إيران من خلال بعدين: الأول تكتيكي، ويعني المواجهة على الأرض بين إسرائيل وإيران ووكلائها، وفي طليعتهم حزب الله؛ والثاني استراتيجي، ويتمثل في صراع الولايات المتحدة مع إيران. ومن الناحيتين نجد أنفسنا أمام مفترق طرق.
الظاهرة الأكثر بروزاً على صعيد البعد الأول هي العدد الكبير للعمليات الإسرائيلية (سواء التي تعترف بها إسرائيل أو تلك المنسوبة إليها) في الفترة الأخيرة، والتي تتخطى حدود سورية وتنزلق بحسب تقارير أجنبية إلى العراق ولبنان، حيث تختفي المشكلات التالية: في العراق هناك جيش أميركي، ولبنان لم تهاجمه إسرائيل منذ 12 عاماً، وذلك أساساً بسبب الردع المتبادل القائم في مواجهة حزب الله. ليس لدي شك في أن كل هجوم منسوب إلى إسرائيل مبرر بحد ذاته (في الأساس ضرب قدرة الصواريخ الدقيقة)، لكن الصورة الناشئة هي صورة عدم تناسب، صورة عربدة إسرائيلية في الشرق الأوسط في مواجهة إيران ووكلائها. من هنا الرغبة الإيرانية في الانتقام من إسرائيل، والتي أحبطتها هذه الأخيرة.
تبرز هنا ظاهرة مثيرة للاهتمام تشير إلى أن حزب الله يعمل بحسب أوامر إيران، على الرغم من مصلحته اللبنانية وحرصه على السكان اللبنانيين. عنصرا حزب الله [اللذان اغتالتهما إسرائيل في عقربا] كانا ضمن الطاقم الشيعي الذي درّبه الإيرانيون على إطلاق طائرات مسيّرة مفخخة نحو إسرائيل. والمستغرب أن حزب الله أعلن مسؤوليته عن العملية التي أُحبطت، وهي عملية إيرانية مئة في المئة، ورفع بالتالي المسؤولية عن إيران. علاوة على هذا، ماذا يقول نصر الله عن المسيّرتين اللتين انفجرتا في قلب مربع حزب الله في بيروت؟ هو فقط يحذر من أن حزبه سيسقط طائرات من دون طيار إسرائيلية تدخل إلى لبنان، بينما يهدد بالانتقام من جنود الجيش الإسرائيلي رداً على مقتل عنصريه في سورية.
ظاهرياً، لقد كان ينبغي أن يكون الانتقام لحادثة سقوط الطائرتين من دون طيار، وهي الحادثة الخطرة، فإذا به يكون لحادثة وقعت خارج لبنان. مما لا شك فيه أن هذا جرى بطلب إيراني لا يمكن رفضه: نصر الله انتقم لفشلنا، وأظهر لإسرائيل أنه لا يمكنها الاستمرار في عربدتها. هكذا وجدنا أنفسنا أمام مفترق طرق في مواجهة حزب الله.
وفيما يتعلق بالبعد الاستراتيجي، أي الولايات المتحدة في مواجهة إيران، فإن ثمة احتمالاً لأن نشهد هذا الأسبوع أول تراجع لإيران في مواجهة الولايات المتحدة، وفي مواجهة العقوبات الأميركية القاسية التي من المنتظر أن تمنع تقريباً، في أيلول/سبتمبر، تصدير النفط الإيراني. هذا حدث عندما أعلن الرئيس الفرنسي بعد لقائه وزير الخارجية الإيراني وجود موافقة إيرانية على عقد اجتماع بين الرئيس الإيراني روحاني وترامب. يجب أن نفهم أن إيران رفضت أي لقاء مع ترامب، إلاّ اذا “عاد إلى الاتفاق النووي” وألغى العقوبات. وكرر ترامب وموظفوه طوال الوقت قولهم إنهم مستعدون للقاء لكن من دون شروط، ومن دون رفع العقوبات. وقال ترامب إن العقوبات هي التي ستجبر الإيرانيين على القدوم إليه.
هل هناك في كلام الرئيس الفرنسي قدر من المعقولية؟ كيف ستتطور الأمور؟ وهل سيُعقد فعلاً اجتماع؟ هناك كثير من الأسئلة، وسيكون من الحماقة البدء بالتنبؤ. يمكن قول أمرين: أولاً، إن الاختبار الأكبر سيكون ذا صلة بالعقوبات، لأن هدف إيران الأعلى هو التخفيف منها، أو رفع الخنق الاقتصادي عنها. وثانياً، سيكون الرصيد الاستراتيجي للعلاقة الوثيقة بين نتنياهو وترامب الآن موضع اختبار. فهل نحن على مفترق طرق استراتيجي؟

المصدر: صحيفة معاريف الاسرائيلية- عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole