معاريف: التصعيد في الساحة الفلسطينية ليس حتمياً وهو مرتبط بالتطورات على الأرض

Spread the love

طال ليف رام – محلل عسكري اسرائيلي/

قول السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان بأن الإدارة الأميركية تعتزم تشكيل لجنة مشتركة مع إسرائيل للبحث في ضم المستوطنات، وأنه ليس في إمكانه تقدير الوقت الذي يتطلبه ذلك على الرغم من التصريحات السابقة في إسرائيل، يطوي صفحة إمكان القيام بمثل هذه الخطوة قبل الانتخابات في إسرائيل، وذلك على الرغم من أنه من غير الواضح إذا كان السفير قصد أيضاً غور الأردن.
هذا التوضيح، على ما يبدو، هو سبب إلغاء الجلسة التي كانت ستعقدها الحكومة يوم الأحد المقبل، وليس كما قيل لأسباب تقنية.
في المؤسسة الأمنية، كانوا حذرين جداً من التعبير علناً عن موقفهم من الموضوع، وأوضحوا أن ما يجري الحديث عنه هو موضوع سياسي وليس عسكرياً، لكن يمكن أن نفهم من اتجاهات متعددة في المنظومة السياسية أن الجيش أيضاً يفضّل بصورة واضحة ألّا تجري عملية ضم المستوطنات إلى إسرائيل فوراً، بل فقط بعد عمل طاقم منظم يدرس كيفية تنفيذ هذه الخطوة. أي عملياً- فقط بعد الانتخابات في إسرائيل واختيار حكومة منتخبة.
بالنسبة إلى المؤسسة الأمنية، بعد نشر الصيغة التي تميل إلى مصلحة إسرائيل، ثمة مصلحة في المحافظة على الاستقرار الأمني. التصريحات الأخيرة للسفير الأميركي بشأن قضية الضم وتوقيته يمكن أن تخدم هذه المصلحة. حالياً، يدرس الجيش الإسرائيلي صفقة العصر بكل تفصيلاتها، من أجل استخلاص الدلالات وتقديمها إلى المستوى السياسي. في رأي المؤسسة الأمنية، تحليل الصيغة وانعكاساتها ينقسم إلى قسمين: في المدى الزمني المباشر، الانعكاسات على الاستقرار الأمني في الساحة الفلسطينية، وتحليل الدلالات التي تحملها خريطة التقسيم التي قدمها الأميركيون.
في الأيام الأخيرة، منذ نشر الخطة، تعتقد مصادر رسمية في إسرائيل، أنه في ضوء الشروط التي وضعها الأميركيون للفلسطينيين ورفض هؤلاء لها، ليس هناك فرصة لقيام دولة فلسطينية في المستقبل المنظور، لكن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع الاكتفاء بهذا الكلام، النابع – بين أمور أخرى – من اعتبارات سياسية، ويتعين عليه أن يحلل الوثيقة بحسناتها وسيئاتها، لأن إسرائيل قبلت عملياً مبادئها أمام الأميركيين رسمياً، بما فيها تبادل الأراضي في النقب، وخريطة الطرقات التي قُدمت فيها.
لكن كما ذكرنا، الجيش الإسرائيلي مشغول في الأساس بالتحدي الأمني الذي تواجهه المؤسسة الأمنية، وهو عدم التدهور إلى تصعيد في الساحة الفلسطينية. وعلى الرغم من الكلام الذي صدر في الأيام الأخيرة في رام الله، هناك اقتناع في المؤسسة الأمنية أنه إلى جانب الفترة المتوترة التي نواجهها والتهديدات المتعددة، فإن التصعيد في الساحة الفلسطينية ليس أمراً حتمياً، وهو مرتبط بالتطورات على الأرض.
الجيش، طبعاً، مستعد لمواجهة أخطر السيناريوهات، من هجمات إرهابية خطيرة، وأعمال شغب جماعية، وصولاً إلى انهيار التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، لكن بالإضافة إلى ذلك، يعتقدون في الجيش أن أبو مازن، على الرغم من التصريحات، يدرك جيداً أيضاً ثمن الخسارة، قبل كل شيء بالنسبة إليه، إذا انهار التنسيق الأمني. وهو يدرك التعاظم المحتمل لقوة “حماس” التي تهدد حكم السلطة في حال حدوث سيناريو من هذا النوع.
التقدير المنطقي الآن في المؤسسة الأمنية أن التوتر الأمني سيظهر بصورة أكبر على الأرض في الفترة القريبة المقبلة، لكن التقدير الأرجح هو أن أي تصعيد في الساحة الفلسطينية، في حال حدوثه، سيتطور خلال مدة من الزمن، ولن ينشب بصورة فورية.
لكن أيضاً في هذه التقديرات، تبقى المؤسسة الأمنية حذرة جداً، لأنها تدرك أن تطور الأحداث على الأرض، ووقوع عدد كبير من القتلى من الجانب الفلسطيني في أعمال شغب، يمكن أن يغيّرا الصورة بالكامل، وأن يؤديا إلى تدهور الوضع بسرعة. في هذه الأثناء، تم رفع حالة التأهب بصورة مدروسة جداً، مع تعزيز كتيبة المشاة في غور الأردن بكتيبتي غولاني وإيغوز.
في يوم الجمعة، الصلاة في المسجد الأقصى، والمواجهات في مراكز الاحتكاك في الضفة الغربية، وربما أيضاً في غزة، ستشكل فعلياً الاختبار الأول، لكن بالتأكيد ليس الأخير.

المصدر: صحيفة معاريف الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole