ليس للمستوى السياسي الإسرائيلي رؤية في مواجهة “حماس”

Spread the love

بقلم يوسي ميلمان – محلل عسكري إسرائيلي —

•نأمل بأن يكون لدى جنود الفرقة 162 (فرقة المناورة) الوقت للتدرب والتعود على المهمات التي يواجهونها. لقد كانت المناورة عرضاً للعلاقات العامة، ومناسبة لالتقاط الصور للسياسيين الذي سارعوا إلى نشر الصور والبيانات في الصحف. والثلاثي غير المقدس المؤلف من الجيش والسياسة ووسائل الإعلام كان، عملياً، يتراوح بين الفجاجة ومسرح العبث.

•وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أمضى ساعتين يوم أمس في مشاهدة المناورة، وفي التحدث مع قادة الجنود. وقد رافقه رئيس الأركان غادي أيزنكوت وقائد المنطقة الجنوبية الجديد اللواء هرتسي هليفي، وقائد الفرقة العميد عوديد بسيوك. بعدها توجّه الوفد الذي انضم إليه رئيس الشاباك نداف أرغمان إلى مقر قيادة فرقة غزة (الفرقة 143، واسمها الرسمي هو “تشكيلة ثعالب النار”) حيث كان في انتظارهم قائد الفرقة العميد يهودا فوكس. التقاط الصور مع العسكريين من الأحداث المحببة بالنسبة إلى السياسيين. ومثل هذه الزيارات تضيّع وقت رئيس الأركان الذي يجب عليه مرافقة الوزراء المسؤولين وتزويدهم بالمستجدات.

•اليوم سيكون رئيس الأركان موجوداً مرة أُخرى في الجنوب، وهذه المرة من أجل أمر “حقيقي”: مشاهدة المناورة ومتابعة تنفيذها. يشارك في هذه المناورة التي ستنتهي غداً لواء المشاة ناحل وغفعتي، ولواء المدرعات 401، ولواء المدرعات 179 للاحتياطيين. وكانت بدأت في الأسبوع الماضي كتدريب للقيادات، وتتواصل هذا الأسبوع كمناورة شاملة. ولقد جرى التخطيط لها قبل عدة أشهر، كجزء من خطة التدريبات المتعددة السنوات للجيش الإسرائيلي، لكن التوقيت يخدم المستويين السياسي والعسكري. الهدف والسيناريو اللذان تجري على أساسهما المناورة هو احتلال غزة.

•تستغل وحدة الحرب النفسية في شعبة الاستخبارات العسكرية، ووحدة التوعية في شعبة العمليات التوقيت بالإضافة إلى خطوات أُخرى، مثل نشر منظومة القبة الحديدية في غوش دان، لإرسال رسالة مفادها أن إسرائيل مستعدة وحاضرة لخوض حرب تشمل دخولاً برياً إلى غزة. والسؤال هل وصلت هذه الرسالة إلى الطرف الثاني؟

•في أثناء الزيارة التي قام بها نتنياهو إلى فرقة غزة قال: “بالأمس قمت بزيارة سديروت ورأيت جدار الفولاذ في حزم المواطنين هناك واليوم أزور الجيش هنا…. ورأيت جدارنا من الفولاذ العسكري.” والسؤال هل ازدياد عدد الزيارات والنقاشات وتقديرات الوضع والصور والبيانات سيؤدي إلى العكس ويعمل بصورة عكسية. وبدلاً من إظهار قوة إسرائيل يظهر ضعفها، وهل رئيس الحكومة ووزير الدفاع وحتى رئاسة أركان الجيش يرسلون رسالة ضعف بدلاً من رسالة تصميم.

•منذ بداية حرب الاستنزاف في 30 آذار /مارس، مع بداية “مسيرة العودة” والتظاهرات، واستمرار محاولات المسّ بالسياج، وحالياً إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، تخوض “حماس” معركة محكمة تستند إلى تقديرها أن إسرائيل لا ترغب في حرب، وأنها أيضاً تتخوف منها. “حماس” أيضاً لا ترغب في مواجهة عسكرية لكنها تفهم أن لديها فرصة ذهبية لاستغلالها للتصعيد من أجل تحقيق إنجازات سياسية – اقتصادية: رفع الحصار وتدفق المليارات على غزة، وهو ما يخفف من ضائقة السكان ويسمح لها بتحسين قدراتها العسكرية.

•في مواجهة استراتيجيا “السير حتى النهاية” لـ”حماس” وجهودها الناجحة في المبادرة إلى خطوات وتحديد قواعد جديدة للعبة، ليس لدى المستوى السياسي رؤية استراتيجية خاصة به، بل فقط لديه تكتيك دفاعي لإعادة الهدوء والمحافظة على الوضع القائم الذي كان موجوداً قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر.

•إن الوضع متفجر ومائع إلى درجة أن ثمة شك في أن يكون في استطاعة أحد في الاستخبارات العسكرية وفي المستوى السياسي أو وسط خبراء أن يقدر إذا كان الطرفان يتجهان نحو التهدئة أو نحو الحرب. الجواب يمكن أن يأتي يوم الجمعة المقبل. فإذا تراجع إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة في نهاية الأسبوع ، سيعود الهدوء إلى مستوطنات النقب الغربي. لكن إذا استمرت الحرائق في الحقول والأحراج، سيضطر المستوى السياسي الذي بدأ يفقد برودة أعصابه، إلى أن يأمر الجيش بخوض عملية جديدة وحرب.

المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole