روسيا تشدد إجراءاتها ضد إسرائيل في أجواء سوريا

روسيا تشدد إجراءاتها ضد إسرائيل في أجواء سوريا
Spread the love

بقلم عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

• تنتهج روسيا في الأسابيع الأخيرة خطاً أكثر صرامة حيال إسرائيل في كل ما يتعلق بعمليات سلاح الجو الإسرائيلي في الساحة الشمالية. يطالب الروس بمزيد من التوضيحات من الجيش الإسرائيلي بواسطة “الخط الساخن”، وهو الآلية الهاتفية لمنع حدوث احتكاك جوي بين الطرفين، وجرى عدة مرات تشغيل المضادات الجوية ومنظومة الدفاع الروسية في سوريا على خلفية عملية قام بها سلاح الجو في الشمال.
• الإسرائيليون يفسرون السلوك الروسي بأنه رد على الحادثة التي أسقط فيها صاروخ سوري طائرة استخبارات روسية من طراز إليوشن، في 17 أيلول/سبتمبر، في نهاية هجوم إسرائيلي جرى في منطقة اللاذقية شمال غرب سورية. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور لبيرمان قالا في الأسبوع الماضي إن إسرائيل تواصل العمل في سورية بهدف إحباط مساعي تعاظم القوة العسكرية لحزب الله.
• في نهاية الأسبوع الأخير، ذكرت الصحيفة الروسية “إزفستيا” أن روسيا زودت سورية، بعد الحادثة، بثلاث منظومات جوية في أواخر أيلول/سبتمبر، وهي من طراز أكثر تقدماً من صواريخ S-300، ولديها قدرة رادار وكشف عن أهداف أكثر ارتفاعاً. بالإضافة إلى ذلك قيل، إنه في المرحلة الأولى، على الأقل، سيشغل خبراء روس بطاريات الصواريخ، ويعتقدون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن في إمكان سلاح الجو، عند الحاجة، التغلب على البطاريات الجديدة ومهاجمة مزيد من الأهداف في سوريا. ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعداد الجنود السوريين وقتاً ما لاستعمال هذه البطاريات التي لم تصل بعد إلى مرحلة الجهوزية العملانية.
• لكن الأهمية الأساسية للخطوات الروسية سياسية وعلى صعيد التصريحات: موسكو تلمح بذلك لإسرائيل بأنها تنوي تقييد حرية عمل هذه الأخيرة الجوي في سماء سورية. ووجود جنود روسيين في مواقع البطاريات التي جرى نقلها إلى منظومة الدفاع الجوي السوري سيجعل من الصعب أيضاً على إسرائيل مهاجمة هذه البطاريات بحد ذاتها، إذا أطلقت صواريخ في اتجاه طائرات سلاح الجو.
• قبل أسبوعين قال نتنياهو إنه تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن الاثنين اتفقا على لقاء قريب. وحتى الآن لم يجرِ الحديث عن تنسيق مثل هذا الاجتماع. في اللقاءات التي تلت حادثة سقوط الطائرة، أعرب الروس عن تحفظهم عن الاقتراح الإسرائيلي إجراء اجتماع على مستوى سياسي رفيع، واكتفوا بمجيء وفد عسكري إسرائيلي برئاسة قائد سلاح الجو اللواء عميكام نوركين.
• لقد عرض اللواء نوركين أمام نظرائه الروس النتائج التفصيلية للتحقيق الذي قام به سلاح الجو بشأن الحادثة، والذي يضع المسؤولية الكاملة لسقوط الطائرة على عاتق الجيش السوري. لكن روسيا رفضت نتائج التحقيق ونشرت روايتها التي اتهمت سلاح الجو أقدم على سلوك خطر، واستندت إلى جدول زمني مختلف تماماً لوصف الأحداث. وكان الانطباع في إسرائيل أن الروس زوروا صور الرادارات التي نشروها بشأن الحادثة، كي يلقوا بالمسؤولية على طائرات سلاح الجو.
• الخطوات الروسية لم تنهِ عهد الهجمات الإسرائيلية في سوريا، لكن بعد مرور أكثر من شهر على الحادثة، من الواضح أن شيئاً أساسياً تغير في صورة الوضع، وأن إسرائيل بحاجة إلى خطوات مختلفة، على الصعيدين السياسي والعسكري، كي تواصل الاحتفاظ على الأقل بجزء من حرية العمل. على هذه الخلفية يبدو أنه من المناسب أن نفحص مجدداً السياسة التي انتُهجت في السنوات الأخيرة. سلسلة النجاحات التي حققتها أجهزة الاستخبارات وسلاح الجو خلقت شعوراً لدى المستوى السياسي بأن إسرائيل تستطيع أن تفعل تقريباً ما تشاء في أجواء سوريا. ومن المحتمل أن مغزى التغيير الذي حدث في مقاربة موسكو ودمشق، على خلفية استكمال عملية سيطرة نظام الأسد على جنوب سورية، لم تستوعبها إسرائيل جيداً قبل حادثة إسقاط الطائرة الروسية.
• بعد حادثة اللاذقية التي جرى خلالها إسقاط الطائرة، ذكر الجيش الإسرائيلي أن الهدف الذي هوجم اشتمل على آلات معدة لإنتاج منظومات لتحسين دقة الصواريخ التي يملكها حزب الله. وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن الحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله كانوا على وشك تهريب هذه الآلات من سورية إلى لبنان. بعد ما جرى السؤال الذي يطرح نفسه هل مثل هذا الهدف يبرر القيام بهجوم إسرائيلي في قلب منطقة النفوذ والاهتمام الروسي، وبالقرب من قاعدة سلاح الجو في حميميم والمرفأ البحري على ساحل طرطوس، اللذين تحتفط بهما روسيا؟ لن تكون هذه هي المرة الأولى تحديداً التي يجري فيها استخدام قدرة تكتية واستخباراتية مهمة من شأنها توريط إسرائيل على الصعيد الاستراتيجي.
• في الأسبوع الماضي ذكرت شبكة التلفزة الأميركية فوكس نقلاً عن مصادر استخباراتية غربية (بحسب تقارير في الماضي، بينها إسرائيل) أن إيران زادت مؤخراَ من وتيرة شحنات السلاح إلى حزب الله، بواسطة رحلات مدنية إلى بيروت. وبحسب التقرير فإن “أجهزة دقة” تستند إلى تركيب أنظمة تُوجه بواسطة الأقمار الصناعية (GPS) على صواريخ لدى حزب الله، قد نُقلت على متن طائرات بوينغ 747، بعضها توقف بصورة موقتة في مطار دمشق.
• على ما يبدو، ليس لدى حزب الله القدرة التكنولوجية الكاملة المطلوبة لتركيب سريع وفعال لهذه الأنظمة على الصواريخ في لبنان، بصورة تتيح له تحسيناً سريعاً في دقة العديد من الصواريخ. في خطابه أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة كشف نتنياهو الجهود التي تقوم بها إيران وحزب الله لإقامة خطوط إنتاج لتركيب هذه المنظومات في عدة مواقع في بيروت، بينها موقع تحت أرض ملعب كرة قدم بالقرب من المطار، وليس من المستبعد أن تتخذ إسرائيل في وقت قريب خطوات علنية أُخرى للكشف عن خطط حزب الله. رداً عى كلام نتنياهو في الأمم المتحدة قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاب ألقاه في تجمع للحزب، إنه قد سئم مما تنشره إسرائيل وأنه لن يتطرق علناً إلى الاتهامات الموجهة إلى حزب الله.
• يجري تركيز الجهود الإيرانية على التهريب المباشر إلى لبنان، في مقابل تراجع معين سُجل في الشهر الأخير في التهريب عبر أراضي سوريا. ولا يستبعدون في إسرائيل أن التغير حدث نتيجة طلب روسي، بعد حادثة إسقاط الطائرة. وهذا التطور يمكن أن يعبّر عن محاولة موسكو وضع قواعد لعبة جديدة في سوريا وتقليص الاحتكاك بين إسرائيل وإيران هناك. وذلك كجزء من الجهد الرامي إلى ترسيخ سيطرة نظام الأسد.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole