“خطة السلام”، المناورة المقبلة لترامب ونتنياهو

Spread the love

بقلم: إفرايم سنيه – مدير مركز الحوار الاستراتيجي في كلية نتانيا، شغل منصب وزير سابق ونائب وزير في حكومات إسرائيلية —

•الرؤية المسيانية لافتتاح السفارة الأميركية في القدس، مع المبشر الإنجيلي والحاخام من حركة حباد [حركة حسيدية تنتمي إلى التيار اليهودي الأرثوذكسي مقرها الأساسي في بروكلين في نيويورك]، جسدت قوة التحالف السياسي بين الجناح الديني في الحزب الجمهوري وبين الوسط المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

•العرض النووي الإيراني، الذي هو ثمرة عملية جريئة ومُحكمة قام بها الموساد، وما قدمه نتنياهو بصورة دراماتيكية، كان الفصل الأول من مناورة مترابطة. ومن دون الاستخفاف بالإنجاز الاستخباراتي المذهل، فإن هذا لم يكن سوى عرض هدفه تحضير الساحة السياسية الأميركية لخروج دونالد ترامب من الاتفاق النووي.

•بالنسبة إلى الضليعين في المخططات الإيرانية لم يكشف العرض أشياء جديدة مذهلة. وإذا كان المقصود منه التأثير وإقناع أجهزة الاستخبارات والزعماء الأوروبيين، توجد طرق أكثر نجاعة لذلك. لكن عرض الملفات لم يكن هذا هدفه، بل جرى تقديمه لترامب بناء على طلب منه. ولقد كافأ الرئيس الأميركي نتنياهو بسخاء من خلال تحويل انتقال السفارة إلى عرض دعائي مذهل.

•إن التحالف بين ترامب ونتنياهو هو سياسي وليس تحالفاً استراتيجياً كما يحاول نتنياهو تقديمه. لو كان هذا التحالف استراتيجياً لما كنّا لا نعرف شيئاً عن عمق التعهدات الأميركية في سورية، ولما كنّا نتخوف من البقاء وحدنا في مواجهة الإيرانيين في حال تصاعد النزاع في سورية، ولما كنّا بحاجة إلى المناورة في مواجهة فلاديمير بوتين لمنع التمركز الإيراني في سورية.

•ستكون المناورة المقبلة للثنائي ترامب – نتنياهو، على ما يبدو، “خطة السلام”، التي لها هي أيضاً هدف سياسي، في الولايات المتحدة وفي إسرائيل. الرئيس الأميركي سيبدو كرجل دولة محب للسلام ومستعد “لأن يجد الوقت للاهتمام” أيضاً بنزاع يئس الكل من إيجاد حل له. وسيزرع نتنياهو بضعة شروط في خطة ترامب لا يستطيع الفلسطينيون الموافقة عليها، لكن يمكن أن يبني حولها إجماعاً في المجتمع الإسرائيلي، على سبيل المثال، ترتيبات أمنية في القدس، وقضية حق العودة المطروحة كلامياً وليس عملياً. وسيجري التنديد بالفلسطينيين بصفتهم رافضين، وفي إمكان نتنياهو الذهاب إلى الانتخابات مع صورة معززة له كحامٍ للأمن.

•من المتوقع أن يرفض نتنياهو بعض المكونات في خطة ترامب التي نُسقت معه مسبقاً، وهذا أيضاً لأسباب سياسية تتعلق بالشريكين. سيكون على نتنياهو أن يثبت لـ”قاعدته” أنه ليس بحاجة إلى الانزلاق يميناً من أجل الانتخابات، وترامب بحاجة إلى ترميم مكانته “كحَكَم نزيه” في الشرق الأوسط، وهذه مكانة فقدها بعد أن اتضح تماهيه الديني – الفكري مع اليمين الإيديولوجي في إسرائيل.

•من المتوقع أن تضع المناورة كل من يعتبر نفسه معارضاً في إسرائيل أمام ضرورة اتخاذ قرار. إذا كان خطاب نتنياهو صحيحاً، لا يوجد مبرر حينئذ لانتقاده بشأن علاقته بخطة ترامب، لا على ما سيقبل به بسرور ولا على ما سيرفضه بحزم.

•لكن إذا كانت خطة ترامب ليست وصفة حقيقية للسلام، يجب عندئذ، قول الحقيقة، والحقيقة هي أن هناك ضرورة لتقسيم البلد إلى دولتين، وإخلاء جزء من المستوطنات، وتحويل الجزء العربي من القدس إلى عاصمة للدولة الفلسطينية، وإلى ترتيبات أمنية تستند إلى تفوّق الجيش الإسرائيلي، وليس على وجوده المادي في كل المناطق المهمة.

•لا حدود لسخرية التاريخ. ربما خطة ترامب بالتحديد ستدفع مواطني إسرائيل إلى الوصول إلى لحظة الحقيقة.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole