“جي فورم”: الأموال القطرية إلى غزة

Spread the love

كتب الخبير المالي الإسرائيلي أودي ليفي في موقع “جي فورم” الإسرائيلي مقالاً بعنوان “الأموال القطرية إلى غزة”، تحدث فيه عن تدفق الأموال القطرية منذ سنوات إلى القطاع لدعم حركة حماس، حيث يرى الكاتب أن استمرار تدفق هذه الأموال يمنع حماس من التوصل لاتفاق مع “إسرائيل”، وفيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:

ترجمة: سلوى ونوس /

عادت قضية الدعم المالي القطري لقطاع غزة وحماس مجدداً إلى الواجهة، بعد أن كشف أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، عن زيارة سرية قام به رئيس الموساد يوسي كوهين وهرزي هاليفي قائد الجيش الجنوبي إلى قطر.

إن الدوحة ترسل مبالغ كبيرة من الأموال منذ 2012 إلى غزة، وبحسب العديد من المصادر، فقد وصل المبلغ الإجمالي مليار دولار، ومما لا شك فيه، أنه لولا الدعم المالي القطري للقطاع – الذي يستخدم كأداة للتحكم بقرارات قيادة حماس وغزة- فإن إسرائيل كانت ستواجه كارثة إنسانية في غزة أو صراعاً عسكرياً شديداً مع حماس. منذ قرار رفض السلطة الفلسطينية في بداية آذار/مارس 2019 تسديد المدفوعات للأجهزة المختلفة التي تخص الخدمات الاجتماعية في غزة، لم يعد بإمكان قادة حماس وسكان غزة إيجاد طريقة للحفاظ على الحياة الكريمة، في ظل استحالة وجود اتفاق بين إسرائيل وحماس برغم محاولة أصحاب القرار الإسرائيلي، توقيع اتفاق مع الحركة لضمان الاستقرار.

ومع ذلك، فإن السياسة الحالية “إشكالية” لأنها تعتمد على السخاء القطري، والذي ظل خلال العشرية الأخيرة الممول الرئيسي للمنظمات الإرهابية مثل”القاعدة” و”داعش” و(حماس)، وبسبب هذا التمويل قتل مدنيون أكثر من أي دولة إرهابية (بما في ذلك إيران)، ولذلك على المسؤولين الإسرائيليين أن يدركوا خطورة هذا الوضع سواء على مستوى النتائج الاستراتيجية أو على المستوى “الأخلاقي”.

إسرائيل كانت من أولى الدول التي (اعتبرت) أن حرمان المنظمات الإرهابية من التمويل، هو أهم أداة لمحاربة الإرهاب، وقد أصبح هذا “الاتفاق المبدئي” ركيزة سياسية لكل من رؤساء الوزراء ارئيل شارون وايهود أولمرت وبنيامين نتانياهو، وقد طبقت إسرائيل هذه المقاربة في محاربة ايران من الجانب الاقتصادي وفي نشاطها النووي. 

وخلال عقدين، شنت إسرائيل حرباً بلا هوادة لتجفيف مصادر تمويل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، وقد نتج عن هذه الحملة إغلاق العشرات من الجمعيات الخيرية في العالم وإيقاف عشرات الممولين والطرود وإغلاق قنوات تمويلهم وسلسلة طويلة من العمليات السرية التي تمت بتعاون دولي وأخرى مع دول معينة.

إن السياسة الإسرائيلية التي تسعى إلى إبرام اتفاق حماس في ظل تدفق المال القطري إليها، يناقض كل ما تم القيام به من حملات اقتصادية ضد حماس ومنظمات إرهابية إسلامية أخر.، إن هذا الأمر يغير من سياسة إسرائيل، وبذلك ستصبح سياستها تقوم على تسهيل وصول المال إلى حماس لمنع الاعتداء عليها وتهدئة جبهة غزة. 

إذا كانت هذه القضية قد طرحها القادة الإسرائيليون وناقشوها حقاً، وقرروا تغيير سياستهم جذرياً، فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل لم تكن الدولة الأولى في العالم التي تدفع “رشاوى” لإسكات صوت المنظمات الإرهابية بل السعودية، التي دأبت منذ 40 سنة على تمويل “الأخوان المسلمين” ومنظمات إرهابية “سنية” أخرى في العالم بأسره، والهدف كان واضحاً، وهو تحكّمها بالعالم الإسلامي والتعهد بعدم المساس بالمملكة. في المقابل، قامت بتمويل الإرهابيين و “نشر الإسلام” في العالم أجمع، والنتيجة كانت دموية وكارثية، لأن الإسلام المتطرف أصبح يهدد الدول الغربية وأنتج أسامة بن لادن الذي وقف خلف العديد من الهجمات الإرهابية، وهو نفسه الذي أصبح في وقت لاحق يهدد بقاء المملكة وسعى عام 2003 إلى إسقاط نظام المملكة. 

الولايات المتحدة الأميركية أيضاً موّلت طالبان لسنوات أثناء حملتها ضد الاتحاد السوفيتي، هنا النتيجة أيضاً كانت واضحة، مقتل آلاف الجنود والمدنيين الأميركيين في أفغانستان خلال السنوات الماضية. لقد اضطرت الولايات المتحدة إلى دفع مليارات الدولارات من أجل مواجهة خطر طالبان والقاعدة ثم لاحقاً “داعش” وهؤلاء كلهم وحوش، موّلتهم في البداية وبشكل أساسي السعودية والولايات المتحدة الأميركية. 

إسرائيل بدورها ارتكبت أخطاء في هذا الجانب، ففي الثمانينات دعمت سراً منظمة “الأخوان المسلمين” وشنّت حملة ضد منظمة التحرير الفلسطينية استناداً على المبدأ المكيافلي “عدو عدوّي هو صديقي” والنتيجة كانت ظهور “حماس”.

إن الدور الذي أوكلته إسرائيل إلى قطر في غزة ضد حماس، ليس أقل خطورة، فقطر ليست على “القائمة السوداء” الأميركية أو الدولية برغم ضلوعها في تمويل المنظمات الإرهابية. 

وللتأكيد مرة جديدة، إن قطر تدعم وتمول المنظمات الإرهابية في العالم ومتورطة في أبشع الهجمات الإرهابية التي حدث خلال السنوات العشر الأخيرة، بما في ذلك هجمات 11 أيلول/سبتمبر والهجمات على الفرنسيين في مالي ومتورطة بشكل مباشر في دعم “داعش” في سوريا، وفي ليبيا، كما وقفت خلف الهجمات الإرهابية على الكنيسة القبطية في مصر، وأخيراً الهجمات على “المدنيين الإسرائيليين”.

التمويل المباشر للإرهاب تم عبر العائلة القطرية الحاكمة والجمعية الخيرية القطرية وعبر المؤسسات المالية القطرية. في السنوات الأخيرة موّلت قطر المنظمات الإرهابية عبر دفع “الفدية” لإطلاق سراح رهائن أجانب، وهذه الطريقة تعتبر وسيلة لتمويل المنظمات الإرهابية، مع تقديم صورة قطر “العادلة” في الوقت نفسه!

لقد تم إعطاء قطر حصانة دولية بسبب امتلاكها للغاز، ولا أحد يعير الانتباه لبعض الأصوات في الخليج والعالم العربي عموماً التي تتهم قطر بالتورط في دعم الإرهاب، إن هذه الحصانة الدولية سببها أيضاً قوة قطر الاقتصادية وسياستها الحكيمة في مجال الاستثمار عبر سنوات، والتي مكّنتها من السيطرة على عدد من المؤسسات الاستراتيجية للاقتصاد العالمي، وأصبح العالم الغربي رهيناً لهذا البلد الصغير لكنه غني بالطاقة. رغبة قطر في دعم غزة وحماس، ينسحب على رغبتها بمواصلة دعم “المنظمات الإرهابية” من جهة، والحصول إلى الشرعية الدولية من جهة أخرى وأيضاً التحصن دولياً على خلفية دعمها المستمر للإرهاب.

يولي القطريون اهتماماً بالغاً بقضية “شرعية إسرائيل”، ولا يقل اهتمامهم ودورهم عن المنظمات اليهودية في العالم، فمنذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، استثمر النظام القطري بشكل كبير لتوطيد علاقاته مع المنظمات اليهودية الأميركية من أجل تحويلها إلى جماعات ضغط تعمل لصالحها في أروقة العاصمة الأميركية، فهل المعادلة هي المال مقابل الهدوء بالنسبة لإسرائيل، ومع أي منظمة أو حزب كان؟!

في هذه الفترة، هناك حملة قضائية في بريطانيا، ادعى فيها عدد من ضحايا الإرهاب السوريين على قطر بتهمة تمويل “داعش”، وطبعاً الحملة لم تلق اهتماماً من وسائل الإعلام بسبب التهديد الذي تمارس قطر على عدد من المؤسسات والكيانات البريطانية، كما أنه لا نية لسوريا وليبيا لاتخاذ إجراءات ضد قطر بسبب دعمها وتمويلها لـ”داعش” وما سببته من خراب في هاتين الدولتين، ولم يناقشهما أحد.

على إسرائيل النظر في الجدوى أو عدمها في قضية تقاربها مع قطر، فـ”إسرائيل” هي (ضحية) من ضحايا الإسلام المتطرف، وتعلن دعمها ومشاركتها على المستوى الدولي في محاربة الإرهاب، فهل ستشرعن لأكبر ممول للإرهاب في العالم؟!

على إسرائيل النظر أيضاً في مسألة وصول التدفقات المالية إلى حماس وتأثيرها على المواجهة مع حزب الله في لبنان، فالضغط يتزايد على الحزب يوماً بعد يوم، سواء من طرف الولايات المتحدة الأميركية أو فاعلين آخرين، وإذا كان حزب الله يبحث عن اتفاق مماثل مع إسرائيل، فهل ستطلب إسرائيل من قطر التوسط لها بالمال؟!

المصدرموقع “جي فوروم” الإسرائيلي _ عن الميادين نت

Optimized by Optimole