بين السعودية وإسرائيل تجلّت الحقيقة

Spread the love

بقلم: عوديد عيران – دبلوماسي سابق، رئيس الوفد الإسرائيلي في المفاوضات مع الفلسطينيين في العامين 1999-2000 —

•ادّعت إسرائيل لعشرات السنوات أن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني لا يشكل جذر المشكلات التي يعانيها الشرق الأوسط، وأن النزاعات الدينية والقبلية والأنظمة الاستبدادية والثيوقراطية أو الفقر الشديد والنقص في المياه، هو ما يؤثر على عدم الاستقرار في المنطقة. وبوصفي موظفاً سابقاً في وزارة الخارجية أعترف بأننا لم نحظ بآذان صاغية ولا بالتفهم. بيد أن ستة أعوام من “الشتاء العربي”، وملايين اللاجئين، ومدناً مدمرة، وثلاث دول تنتمي إلى “الجامعة العربية” لم تعد كما كانت قبل عقد من الزمن، أوضح للذين يدّعون أن حل النزاع مع الفلسطينيين هو الدواء لأمراض المنطقة، وأن إسرائيل ليست هي المشكلة.
•في الأسابيع المقبلة من المتوقع أن تطرح الإدارة الأميركية مبادرة جديدة (ربما ذات شكل جديد فقط)، من بين مكوناتها بادرة تطبيع علاقات الدول العربية مع إسرائيل. وتعزز زيارة أبو مازن، والموفد الأميركي غرينبلات، إلى الرياض افتراض أنه من المتوقع حدوث مبادرات سعودية. فإذا جرى ذلك، فإنها ستشكل جزءاً من الجدل الذي سينشأ في إسرائيل بشأن مضمون المبادرة وأهمية المبادرات.
•تشهد السعودية عملية تغيير سريعة. ومن الممكن أن يصبح ولي العهد محمد بن سلمان (32 عاماً) أصغر ملك عربي، ومنذ الآن بدأ يطبع المملكة بطابعه. منذ 2015 بدأ بإدخال تغييرات عميقة في طريقة تصرف المملكة في سياساتها الأمنية والخارجية والاجتماعية والاقتصادية. ومنذ بدء تدخله وقفت السعودية علناً وبعنف ضد إيران، وضد مشروعها النووي ونشاطها التآمري في المنطقة، وخاصة في اليمن، الساحة الخلفية للرياض حيث تساعد إيران المتمردين الحوثيين.
•تآمر إيران ليس ظاهرة جديدة. ما حدث في السنوات الأخيرة هو: المجهود النووي [الإيراني]، ضعف الرئيس أوباما وعجزه، وصعود بن سلمان السريع جداً. في إسرائيل كما في السعودية نظروا بقلق إلى استعداد الإدارة الأميركية لإجراء صفقة مع إيران التي لم تتخل تماماً عن خيارها النووي. ومن الواضح لإسرائيل وللسعودية أيضاً أن الرئيس ترامب، بخلاف المرشح ترامب، لن ينسحب من الاتفاق مع إيران إلا إذا خرقته بصورة واضحة.
•وعلى الرغم من عدم التعبير عن ذلك بلغة واضحة، فإن إسرائيل والسعودية منزعجتان من توجه واشنطن نحو مواصلة عملية الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط. إن عدم النجاح في المعارك في أفغانستان وفي العراق، وعدم الاعتماد على مصادر النفط في المنطقة، التي لم تكن قط أساسية، والتوقع الضئيل بتحقيق إنجازات سياسية نتيجة مبادرات تقوم بها الولايات المتحدة، كل ذلك لا يشجع على مواصلة التوظيف الأميركي في المنطقة.
•تنظر إسرائيل والسعودية بقلق إلى التدخل الأميركي الذي يجري على نار هادئة في سورية مقابل الوجود الفعال لكل من روسيا وإيران. ومؤخراً هما تتخوفان أيضاً من إنشاء إيران ممر عبور إلى البحر المتوسط من خلال الاستعانة بحلفائها من الشيعة أساساً، الذين يسيطرون على أجزاء من هذا المحور. ويشكل لبنان حلقة مهمة في الخطة الإيرانية، وحزب الله هو أداة ضرورية من أجل تنفيذه. وعلى هذه الخلفية يجب قراءة استقالة رئيس الحكومة اللبنانية.
•إن منع نشوء ممر إيراني هو مهمة استراتيجية كبيرة من الصعب القيام بها من دون تدخل أميركي. ويمكن أن يفسر ذلك عودة بعض الحرارة إلى علاقة السعودية بروسيا، وتكثيف الحوار الإسرائيلي – الروسي بشأن المسألة السورية.

•ثمة شك في أن يؤدي الخطر الإيراني وحده إلى التقارب العلني بين السعودية وإسرائيل. إن محمد بن سلمان مشغول بتحصين وراثته، وثمة شك في أنه سيعرض نفسه لانتقادات عربية، وكذلك إيرانية، من جراء “خيانة الشعب الفلسطيني”. إن رداً إسرائيلياً إيجابياً على مبادرة أميركية عندما تتبلور، يمكن أن يقنعه بالمخاطرة.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole