المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذر من تصعيد في الضفة

Spread the love

بقلم: يانيف كوفوفيتس – معلق في الشؤون الأمنية في صحيفة “هآرتس” —
حذرت المؤسسة الأمنية مؤخراً المستوى السياسي من حدوث تصعيد في الضفة الغربية بسبب مجموعة قرارات لها علاقة بالانتخابات في إسرائيل، وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ لسكان المناطق [المحتلة]. وأشارت مصادر في المؤسسة إلى قرار حسم مليار شيكل من أموال عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة الفلسطينية معتبرة أنه ناجم عن اعتبارات سياسية لأحزاب اليمين.
وتعتقد مصادر في المؤسسة الأمنية أن السلطة الفلسطينية لن تتوقف عن تحويل الأموال إلى المخربين، وتضيف أن إيقافها يمكن أن يثير قلاقل وسط الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل. وبحسب المصادر ثمة أسباب أُخرى من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد في الضفة الغربية بينها تبدل الزعامة في السلطة الفلسطينية. واستناداً إلى مصدر أمني، فإن الزعامة الفلسطينية الحالية ضعيفة وتمتنع من القيام بخطوات مهمة ضد إسرائيل، الأمر الذي يتسبب بأزمة ثقة بينها وبين السكان في الضفة. وأزمة كهذه قد تؤدي إلى ثورة في السلطة، وأيضاً إلى اندلاع أعمال عنف وسط الفلسطينيين في الضفة.
علاوة على هذا، عُرضت مؤخراً على المجلس الوزاري المصغر عدة سيناريوهات يمكن أن تشعل النار في الضفة. وقالت مصادر مهنية إن العنف يمكن أن ينشب جراء وقوع حوادث على خلفية قومية تتحول إلى حوادث دينية، مثل تركيب أجهزة الكشف عن المعادن على مداخل الحرم القدسي الشريف بعد الهجوم الذي وقع في المكان في تموز/يوليو 2017.
وتضمنت السيناريوهات الأُخرى التي عُرضت حوادث مهمة متصلة بالحرم القدسي الشريف، أو وقوع عدد كبير من القتلى في الضفة، أو عدم رضا الفلسطينيين على خطة السلام التي ستعرضها إدارة ترامب.
وبحسب مصادر في المؤسسة الأمنية، فإن قوع أعمال شغب في الضفة يمكن أن يقوي مكانة رئيس السلطة محمود عباس وسط الجمهور الفلسطيني. وترى هذه المصادر أن عباس يستغل الوضع الاقتصادي للسلطة – التي تقلصت ميزانيتها في السنة الأخيرة بنسبة 20%، أي ما يعادل مليار دولار- من أجل تحريض الجمهور الفلسطيني ضد إسرائيل و”حماس”. وأوضح مصدر أمني كبير أنه بينما لم تنجح السلطة في دفع الجمهور إلى التظاهر من أجل قضايا سياسية أو سياسية داخلية، فإن هذا الجمهور خرج إلى الشوارع بأعداد غفيرة في اللحظة التي غيّر فيها عباس قانون التقاعد وألحق الضرر بمداخيل الفلسطينيين.
وبحسب تحليل المؤسسة الأمنية، منذ إقامة جدار الفصل يسود شعور لدى الفلسطينيين بفقدان الأمل، فلا يوجد في الأفق حل سياسي يمكن التمسك به. لذلك ثمة تركيز من جانب السلطة على تعزيز الحكم، وعلى قضايا داخلية، وعلى الوضع الاقتصادي السيئ. ويواجه عباس صعوبات في أن يعرض على الفلسطينيين معطيات اقتصادية مشجعة، و”صفقة القرن” لترامب يرى فيها الجمهور مؤامرة إسرائيلية – أميركية. وبالتالي يجد نفسه عالقاً بين انعدام القدرة على القيام بشيء في مواجهة إسرائيل التي تدير له ظهرها، وبين حاجته إلى تقديم إنجازات للجمهور الفلسطيني.
ويثير الوضع الاقتصادي الصعب في الضفة قلق المؤسسة الأمنية التي ترى فيه سبباً يمكن أن يدفع الفلسطينيين إلى التظاهر ضد إسرائيل، لذا يقفون في المؤسسة ضد خطوات تضر باقتصاد الضفة. ومن أجل ذلك، يطالب الشاباك والجيش ومنسق أنشطة الحكومة في المناطق بتقديم تسهيلات في الشروط لنحو100 ألف عامل فلسطيني يدخلون يومياً للعمل في إسرائيل وفي المستوطنات. وبحسب مصدر أمني “ثمة مليون شخص يعيشون من مال مصدره العمل في إسرائيل أو لدى الإسرائيليين”.
وفي موازاة الضفة، الوضع الأمني في الجنوب قابل للانفجار أيضاً، وفي تقدير مسؤولين رفيعي المستوى في المؤسسة الأمنية ثمة احتمال كبير لحدوث تصعيد مع “حماس”. ويرى رئيس الأركان أفيف كوخافي أن غزة عبارة عن جبهة يجب الاستعداد لمواجهتها في المدى القصير، ووافق على الخطط العملانية لعملية في القطاع منذ توليه منصبه الشهر الماضي. وخلال الأسبوع المنصرم قام الجيش بمناورة على مستوى الأركان العامة هدفها معرفة مدى جهوزية القوات للقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في غزة عند الحاجة إلى ذلك في وقت قريب.
ومؤخراً قدّر لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات أن حركة “حماس” معنيّة بالمبادرة إلى عملية هجومية مهمة ضد إسرائيل من أجل إعادة تقويم قضية غزة في الساحة الدولية. وتقدر المؤسسة الأمنية أن “حماس” تدرك أن الرد الإسرائيلي سيكبدها ثمناً باهظاً، لكن الوضع الإنساني في القطاع وضغط الجمهور وتنظيمات أُخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي، كلها أمور تدفع الحركة إلى التحرك. وفي إسرائيل يتابعون ما يجري لدى “حماس” ويحاولون فهم ما هي نوايا زعيم الحركة في غزة، يحيى السنوار. وعلى الرغم من التوترات، فإنهم يقدرون في المؤسسة الأمنية أن التصعيد في غزة سيؤدي إلى قتال يدوم بضعة أيام، لا إلى عملية تستمر عدة أسابيع مثل تلك التي خاضها الجيش في عملية الرصاص المسبوك.
وعلى الرغم من الخوف من تصعيد في غزة، فإن العنف في الضفة ستكون له انعكاسات مهمة بالنسبة إلى المؤسسة الأمنية، ولو أن المواجهة ستكون محدودة أكثر. سيحتاج الجيش إلى قوات كبيرة للدفاع عن المستوطنات والطرق الواقعة خارج الخط الأخضر، وكذلك في أراضي إسرائيل. وكان المستوى الأمني قد أوضح للمستوى السياسي في جميع تقديرات الوضع التي جرت في السنتين الأخيرتين أن الصعوبة في مواجهة تصعيد في الضفة ناجمة عن وقوعها على طول وسط البلد. ويعتقدون في المؤسسة الأمنية أن على إسرائيل والفلسطينيين المحافظة على الحوار بينهما لمعالجة موضوعات تتخطى الخط الأخضر، مثل المياه والصرف الصحي والطرق. وبحسب مصدر شارك مؤخراً في نقاش المستوى السياسي مع المستوى العسكري “لا أحد فعلاً يقول ماذا يريد من الضفة الغربية في الأمد البعيد”.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole