الغارديان: هل يغيّر نتنياهو واقع الحرم القدسي الشريف؟

الحرم القدسي الشريف
Spread the love

بعد فوزه في الانتخابات وتمتعه بالدعم السياسي الكبير من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد يفكّر نتنياهو بتغيير واقع “الحرم القدسي الشريف”.

ترجمة: د. هيثم مزاحم – كتب الباحث البريطاني مايك دامبر مقالة في صحيفة الغارديان البريطانية حذر فيها من استقواء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتصاره الانتخابي الجديد وبالدعم السياسي الأميركي اللا محدود، كيف يقوم بفرض وقائع ضم جديدة في “المسجد الأقصى” في القدس المحتلة. والآتي ترجمة نص المقالة:

هل تقوم “إسرائيل” بعمل أحادي درامي آخر في القدس؟ توجد المؤشرات على ذلك في الحملة الانتخابية الإسرائيلية الأخيرة، وهي الحملة التي أعادت بنيامين نتنياهو إلى السلطة بأغلبية ائتلافية صغيرة ولكن أكثر قومية.

بتشجيع من قرار دونالد ترامب في عام 2017 بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس، على حساب المطالب الفلسطينية بعاصمة في الأجزاء الشرقية من المدينة وفي انتهاك لعشرات من قرارات الأمم المتحدة، قدم نتنياهو وعوداً خلال الحملة الانتخابية لضم أجزاء إضافية من الضفة الغربية التي تحتلها “إسرائيل” واستبعد نتنياهو أي إمكانية لتقديم تنازلات للفلسطينيين بشأن القدس.

ومع إزالة الملصقات الانتخابية، فإن الشاغل الكبير الذي ينشأ في القدس الشرقية الفلسطينية هو أن نتنياهو يتمتع بالقوة السياسية الكافية، مع تمتعه بولاية جديدة وإدارة أميركية مطواعة بشكل متزايد وراءه، للسماح له بالتصرف مع إفلات أكبر من العقاب فيما يتعلق بالمقدسات المسيحية والإسلامية للمدينة.

هناك نقطة اشتعال خاصة في المسجد الأقصى، أحد أقدس المزارات في العالم الإسلامي، موجود في فناء كبير بحجم حديقة لندن الخضراء معروف باسم “الحرم الشريف”. كانت السيطرة على هذا الموقع محل خلاف منذ أن احتلت “إسرائيل” القدس الشرقية في عام 1967. على الرغم من انتصارها العسكري، اعترفت “إسرائيل” بالدور المركزي لهذا الموقع في الإسلام والقومية الفلسطينية، والقوى الكبيرة التي ستستفزها إذا سعت “إسرائيل” إلى السيطرة على المسجد الأقصى. سمحت “إسرائيل” لهيئة تم تعيينها وتمويلها من قبل الأردن، وهي إدارة الوقف، بمواصلة إدارة الموقع والمسؤولية عن الصيانة. كانت الأمور الداخلية مثل تسيير الصلوات الجماعية في الفناء من مسؤولية إدارة الوقف، لكن أمن المنطقة كانت تديره الشرطة الإسرائيلية.

مع ذلك، كان هناك على مدى العقدين الماضيين، صعود للحركات الدينية الإسرائيلية التي سعت إلى إجبار الحكومة الإسرائيلية على تقليص سلطة إدارة الوقف ووصول الفلسطينيين إلى الحرم الشريف. إنهم مدفوعون بالادعاء الشديد على نحو متزايد بأن المسجد الأقصى والمواقع الإسلامية الأخرى في الحرم الشريف مبنية على أنقاض هيكل سليمان. لكنهم يخشون أيضًا أنه إذا استؤنفت المفاوضات بين “إسرائيل” والقيادة الفلسطينية – ونجحت – فإنها ستشمل بالضرورة اعتراف “إسرائيل” بالسيادة الفلسطينية على الحرم الشريف. ونتيجة لذلك، ضاعفت مجموعات المستوطنين الإسرائيليين جهودها لعرقلة الترتيبات في الموقع. هذه المجموعات تشكل جزءاً أساسياً من قاعدة نتنياهو.

متجاهلين الأوامر الدينية اليهودية والتشريعات الإسرائيلية والاتفاقيات الأردنية – الإسرائيلية بعدم إقامة صلوات يهودية على الموقع، فإن أعدادًا أكبر متزايدة من المستوطنين الإسرائيليين واليهود المتدينين كانوا يدخلون الموقع للصلاة أكثر فأكثر. وقد أدى دخول نحو 50 من المصلين اليهود، برفقة الشرطة شبه العسكرية، إلى مشاجرات مع حراس الوقف، وتظاهرات من قبل المصلين الفلسطينيين المسلمين، وإلى فرض قيود على العمر على المسلمين الذين سمح لهم بالدخول إلى الموقع، وانهيار في التعاون الأمني ​​بين مسؤولي الوقف والشرطة الإسرائيلية .

ويحتمل أن تؤدي شرارات العنف هذه إلى اندلاع اشتباك أكثر أهمية في المستقبل القريب، وغياب الوجود الأميركي الذي قد يمنع ذلك أمر بالغ الأهمية. في عام 2015، عندما وصلت المواجهة بين المصلين اليهود الذين كانوا يحاولون الصلاة في موقع الحرم القدسي والمسلمين الفلسطينيين المصممين على منعهم من ذلك إلى ذروتها، دعت الحكومة الأردنية وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جون كيري إلى التدخل.

وأوضح العاهل الأردني الملك عبد الله أنه إذا كانت الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء تنظيم “داعش” في سوريا، وإذا لم تدخلت لتقليص الاستفزازات في الحرم الشريف، فهو بصفته الوصي على الحرم القدسي المعترف به من قبل “إسرائيل” والعالم الإسلامي، سيكون قد انحرف جانباً والولايات المتحدة ستجد “داعش” ينمو ليس فقط في عمّان ولكن أيضاً في القدس. وتحت ضغط من الولايات المتحدة، تراجع نتنياهو، وأوقف الدعم الضمني للمستوطنين، وتم إنشاء طريقة عمل جديدة.

ومع ذلك، فمنذ شباط – فبراير الماضي، أدت نقطة اشتعال جديدة حول البوابة الذهبية – مدخل رمزي للغاية للحرم الشريف – إلى سلسلة من الاشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين المسلمين. مسؤولو الوقف والحكومة الأردنية يدركون جيدًا أنهم وحدهم، من دون أي دعم أميركي لتدابير الحد من النزاع التي تم تقديمها مسبقاً.

ومتسلحاً بفوزه الانتخابي ودعمه السياسي من الولايات المتحدة لأحلامه في الضم، فإن نتنياهو يجعل المواقع الإسلامية في القدس في خط الاستهداف. انه يعرض جميع السمات المميزة لأحد السياسيين الذي سيتحول إلى مارق.

*مايك دامبر مؤلف كتاب “القدس غير المقيّدة: الجغرافيا والتاريخ ومستقبل المدينة المقدسة”، وهو أستاذ سياسات الشرق الأوسط في جامعة إكستر.

المصدر: الميادين نت

Optimized by Optimole