التحول إلى البقوليات لإطعام العالم

التحول إلى البقوليات لإطعام العالم
Spread the love

تأليف الدكتور ريتشارد تريثوان. جامعة سيدني. أستراليا.
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو/
ذكر تقريرحديث لمنظمة الأمم المتحدة أن ربع إنبعاثات العالم من الكربون تنتج من السلسة الغذائية وعلى الأخص من إنتاج اللحوم مما شجع الدعوات المحفزة لتخفيض الإنبعاثات من الزراعة وإطعام العالم بروتيناً نباتياً.
وربما نتسائل هل نستطيع إطعام الإعداد المتزايدة من سكان العالم بدون زيادة مساحة الأراضي الزراعية؟ نعم ولكن ذلك لن يكون أمراً سهلاً.
وثمة مكان متبقي لحيوانات اللحم في العديد من المناطق في العالم التي لا تلائم زراعة المحاصيل. ولكن يجب أن تبتعد الحكومات حول العالم عن محاصيل الحبوب المدعومة بشدة والفقيرة بمحتواها من البروتين وتشجع بشكل حثيث إنتاج البقوليات.
ما هي المساحة المتوفرة لدينا؟
توفر في عام 1960 ثلث هكتار من الأرض الزراعية لكل شخص على سطح الكوكب. وبحلول عام2050 ستنخفض تلك المساحة إلى 0.14 هكتار وفق أبحاث أجريت في جامعة ميتشغان الحكومية. وتبنع هذه النزعة من زيادة عدد السكان والتعديات الحضرية.
إذ شيدت العديد من المدن على أراض صالحة للزراعة قريبة من الموارد المائية ولا يزال التوسع العمراني يلتهم كميات مهمة من الأرض المنتجة.
يتم إطعام ثلث الحبوب المنتجة على مستوى العالم للحيوانات(وعلى الأخص في أوروبا وأمريكا الشمالية وبدأت هذه النسبة بالإرتفاع في العالم النامي مع ارتفاع الدخل وتنامي الطلب على اللحوم.)
لا شك أن تحويل تلك المساحات لإنتاج الغذاء ستحسن إلى حد كبير من كمية البروتين النباتي المتوفر للبشر. قدرت الأبحاث أن 16% من المحاصل الصالحة للأكل تتحول إلى إنتاج الوقود الحيوي ولذا فإن إعادة توزيع هذه البروتينات والسعرات الحرارية وتوفيرها للناس سيكون مفيداً للغاية.
رغم أن الوقود الحيوي طاقة متجددة وأقل تلويثاً من الوقود الأحفوري وبالتالي ذات إمكانية مهمة للحد من الإنبعاثات الكربونية.

وبطبيعة الحال لا نستطيع إلغاء البروتين الحيواني كلياً. تتألف نصف مساحة الأرض على مستوى العالم من مراعي فسيحة تغطي مناخات جافة وشبه جافة وشبه رطبة. ولا تصلح تلك المناطق لانتاج المحاصيل وتستخدم لتربية الكثير من الأبقار والأغنام.
إذ استخدمت تقليدياً للرعي على نطاق واسع وتتميز اللحوم المنتجة هناك بارتفاع ثمنها عن تلك المنتجة في نظام التعليف المكثف بسبب معدلات النموالمنحفضة وارتفاع كلفة النقل.
تزايد اهتمام الأفراد بمنشأ طعامهم ,اصبحوا أكثر تقبلاً لدفع سعراً أعلى لأغذيتهم ذات المصدر الوحيد والمنتجة بشكل مستدام.
البقوليات
ثانياً يتعين علينا إلقاء نظرة على المحاصيل القابلة للزراعة على تلك الأرض. لن يوفر الإستمرار في زراعة الذرة الصفراء ومحاصيل الحبوب ذات المحتوى المنخفض من البروتين على الأراضي المستخدمة سابقاً لتوفير الأعلاف أو الوقود الحيوي بروتيناً نباتياً لسكان يتزايدون يوما إثر آخر.
ومن الأمثل زيادة انتاج المحاصيل البقولية مثل الفول والبازلاء التي تقوم بتثبيت نيتروجينها وتوفر حبوباً غنية بالبروتين. تحتوي حبوب البقول على 20-30 % من البروتين بالمقارنة مع 10% بالنسبة للذرة الصفراء.
ولكن زيادة انتاج البقول يعتبر تحدياً مهماً نظراًلشح الإنفاق على التحسين الوراثي لهذه المحاصيل (باستثناء فول الصويا) بالمقارنة مع ما انفق على محاصيل الحبوب. ومن المهم أن يصبح هذا المكون من النظام الزراعي العالمي المستقبلي أكثر انتاجية واستدامة.
ولدى تطبييق الدورة الزراعية التي تتعاقب فيها محاصيل الحبوب مع محاصيل البقول يرتفع انتاج النظام الزراعي برمته. ووفق الأبحاث التي قامت بها هيئة إكثار البقوليات الأسترالية يجب أن تشكل البقول 25% من مجموع المحاصيل العالمية.

ولا نزال على مسافة بعيدة من تحقيق ذلك الهدف حيث لا تصل النسبة حالياً إلى 10% فحسب.
تتطلب زراعة البقول جهداً أكبر وخبرة أوسع من زراعة الحبوب فهي حساسة بشكل أكثر للأمراض والفيروسات والحشرات الضارة وتتأثر كثيراً بتقلبات درجة الحرارة والجفاف. ومع زيادة الاحترار العالمي تتزايد معوقات انتاج البقول ويتعين تخصيص موارد أكثر للبحث في زراعة البقول.
هناك الكثير من العواقب لأي تغيير اساسي في سلسلتنا الغذائية.
فالتخفيف من محطات تسمين الحيوانات على سبيل المثال سيخفض من النفايات التي تلوث غالباً مجاري المياه وتحدث سمية في الحقول المجاورة ولكن ذلك سيرفع من سعر اللحوم التي تعتمد حصرياً على الرعي.
كما أن انتاجية البقول المنخفضة ووفرة الدعم الحكومي لمحاصيل الحبوب في العديد من الدول يعيق انتاج البقول. ولكي نزيد من المحاصيل يجب أن يتلقى المزارعين حوافز جيدة إلى أن تدعم زيادة الطلب عليها زيادة في سعرها. ويتعين علينا التحضر لدفع سعراً أعلى للبروتين النباتي والخيارات النباتية لن تكون من الآن وصاعداً أرخص الخيارات المتوفرة في المطاعم.
لا يتوقع أن يكسب التوجه الراهن نحو البروتين النباتي الشبيه باللحم الكثير من الجذب على المدى الطويل لأن كلفة تجهيز تلك المواد تخفض كثيراً من جاذبيتها.
ستحدث النقلة نحو عالم يقتات على البروتين النباتي في مواجهة تناقص مساحة الأراضي للفرد وتزايد البيئات المعادية للزراعة في العديد من المناطق.
سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تغير في انماط الأمراض ولن تكون المحاصيل التقليدية خياراً قابلاً للحياة في العديد من المناطق. ويتعين على الحكومات إعادة تقييم السياسات المحابية لانتاج محاصيل عالية الانتاجية ولكنها فقيرة بمحتواها من البروتين.
لا شك أن إطعام العالم بروتيناً نباتياً فرضية معقدة إلى حد كبير لتعدد المتحولات فيها ولذلك يصعب التنبؤ بها على وجه دقيق.
ولكن يجب أن لا يحول ذلك بيننا وبين المحاولة ومن المؤكد أنه مهما كانت المصاعب فإنها ستتضخم أكثر في عالم أكثر سخونة.
(نشرهذا المقال في مجلة كوزموس الأسترالية بتاريخ 20 آب(اغسطس) عام 2019.)
المصدر:
https://cosmosmagazine.com/biology/it-ll-be-hard-but-we-can-feed-the-world-with-plant-protein

Optimized by Optimole